عنوان الفتوى : المسافة المعتبرة في قصر الصلاة
سؤالي عن صلاة المسافر ويتضمن ما يلي:1- سافرت من مدينتي إلى مدينه أخرى تبعد 50 كم وقضيت عملي هناك بأربع ساعات، ثم رجعت وهناك صليت الظهر قصراً وقصرت العصر وجمعته مع الظهر وعدت إلى مدينتي في وقت العصر ولم أصل العصر. فهل فعلي هذا صحيح؟2- سافرت إلى مسافة 250 كم وهناك طبعا أقصر الرباعية. سؤالي: هل أصلي في المسجد مع الجماعة وأتم الصلاة أم أصليها في البيت قصراً عملا بالرخصة؟ وهل لي أن أجمع الوقت الثاني (العصر أو العشاء) قصراً؟ 3- هل هناك علاقه بين القصر والجمع وما شروط جمع الصلاة؟ 4- هل توجد مسافة محددة للقصر وما الدليل على ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولاً أن الفقهاء قد اختلفوا اختلافاً كثيراً في المسافة التي يترخص فيها برخص السفر، والمفتى به عندنا هو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة وهو أن هذه المسافة تقدر بأربعة برد أي ثمانية وأربعون ميلاً، وهو ما يساوي ثلاثة وثمانين كيلو متراً تقريباً، ويروى في هذا حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لا يثبت، وثبت هذا بأسانيد صحيحة عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وصحح أسانيد هذه الآثار النووي في شرح المهذب.
قال الشيرازي في المهذب: ولا يجوز القصر إلا في مسيرة يومين وهو أربعة برد كل بريد أربعة فراسخ فذلك ستة عشر فرسخاً لما روى عن ابن عمر وابن عباس (كانا يصليان ركعتين ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك)، وسأل عطاء ابن عباس: أأقصر إلى عرفة؟ فقال: لا، فقال: إلى منى؟ فقال: لا، لكن إلى جدة وعسفان والطائف. قال مالك: بين مكة والطائف وجدة وعسفان أربعة برد ولأن في هذا القدر تتكرر مشقة الشد والترحال وفيما دونه لا تتكرر. وقال الزركشي في شرحه على مختصر الخرقي: إنما يجوز القصر بشروط. (أحدها) أن يقصد سفراً تبلغ مدته ستة عشر فرسخاً، بلا خلاف نعلمه عن إمامنا، وهو اختيار عامة أصحابنا لما روى ابن خزيمة في مختصر المختصر عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي قال: يا أهل مكة لا تقصروا في أدنى من أربعة برد، من مكة إلى عسفان. ونقله أحمد عن ابن عباس وابن عمر قولاً وفعلاً، وعليه اعتمد. انتهى.
والمسألة من مسائل الاجتهاد وما ذكرناه هو الأحوط لموافقته مذهب الجمهور ولأن ترك الترخص بالقصر والفطر فيما دون هذه المسافة لا إثم فيه، والمترخص على خطر مخالفة الجمهور، فإذا علمت هذا فاعلم أن قصرك وجمعك في مسافة خمسين كيلو متراً لم يكن جائزاً لك على ما رجحناه، ومن ثم فإنه يلزمك قضاء صلاتي الظهر والعصر لأن ذمتك لا زالت مشغولة بهما، فإن كنت قد قلدت من يفتي بجواز القصر والجمع في هذه المسافة فلا حرج عليك إن شاء الله.
وأما قصرك الصلاة في مسافة 250 كيلو متراً فلا شك في جوازه خلال السفر وكذا في مدة الإقامة إن كانت مدة إقامتك لا تبلغ أربعة أيام على ما بيناه في الفتوى رقم: 115280، وكذا يجوز لك الجمع بين الصلاتين لأن السفر من الأعذار المبيحة للجمع، وإن كان ترك الجمع أولى، وقد بينا أحوال جواز الجمع بين الصلاتين فانظرها في الفتوى رقم: 6846.
والأولى لك أن تحرص على فعل الجماعة في المسجد إن أمكنك ذلك خروجاً من خلاف من أوجب الجماعة على المسافر وتحصيلاً لثواب الجماعة وفضلها، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 115896.
وأما العلاقة بين القصر والجمع فهي أنه حيث شرع القصر جاز الجمع إذ السفر عذر مبيح للجمع على ما قدمنا، وقد يجوز الجمع في غير السفر، كما بينا ذلك في الفتوى المحال عليها سابقاً، وأما شروط الجمع بين الصلاتين فقد بيناها مراراً وانظر لمعرفتها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 14412، 123126، 119260.
والله أعلم.