العدد 53 - كلمة التحرير: التطور العلمي والفكري في مفهوم الإسلام
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
كلمة التحرير
التطور العلمي والفكري في مفهوم الإسلام
لفضيلة الدكتور عبد الله بن عبد الله الزايد
نائب رئيس الجامعة الإسلامية
التطور حقيقة واقعة في الكون منذ خلق الله الأرض وما عليها، والإنسان - وهو الذي استخلفه الله في الأرض - هو سر الإبداع في هذا التطور فحاجاته لا تنتهي، وتطلعاته لا تقف عند حد، وطموحه دونه أقصى ما يتصوره العقل البشري.
ويصور هذا المعنى الدقيق قول الشاعر:
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا
وإنّا لنرجو فوق ذلك مرتقى
لقد بلغ الشاعر شأوا من المجد وصل به عنان السماء، ولكنه لم يقنع به، بل ظل يبتغي مرتقى يصعد إليه، وإني لا أشك في أن الشاعر لو علم شيئا أرفع من السماء ما وقف عندها.
تلك فطرة الله التي فطر الناس عليها ولولا ذلك ما عمرت الأرض، ولتوقفت عجلة الحياة في مكانها لا تريم، ولكنا لا نزال نركب الجمال والبغال والحمير، ونعيش في العراء نفترش الأرض ونلتحف السماء، ونستتر بأوراق الأشجار ونلتهم ما نقدر عليه من الوحوش حيا أو ميتا.
إن الحياة التي يحياها الناس الآن دليل واضح على مدى التطور التي أحرزته الإنسانية في عمرها الطويل المديد منذ خلق الله الكون، وإلى أن يرث الأرض ومن عليها، ذلك لأن الإنسان بخصائصه الذاتية امتداد لآبائه وأجداده، فهو وريثهم يتلقف ما تركوه له، ولا يقف عنده بل يحاول دائما أن يشارك في تلك المسيرة، ويدفعها بكل إمكانياته حتى لا تتوقف.
إنني موقن بأن الذين ابتكروا كل ما تتمتع به الإنسانية اليوم من المخترعات لو رأوا ما بلغته مخترعاتهم من التطور لم يندهشوا، لأنهم عندما اخترعوا ذلك كانوا يؤمنون بأن اختراعهم إن هو إلاّ خطوة أولى في مشوار طويل لابد أن يبلغ مداه، بل إنني أعتقد أنهم سيكونون مسرورين عندما يرون المسيرة التي بدءوها لازالت مستمرة على الدرب.