عنوان الفتوى : ما يلزم من أخذ اللقطة وانتفع بها دون تعريفها
حصل قبل ثمان سنين أن وجدنا أنا ومعي اثنان من الزملاء في كبينة هاتف محفظة فيها مبلغ 4000 ريال، فسول بعضنا لبعض وأنفسنا الأمارة بالسوء أخذ المبلغ وقسمته بيننا، فحصل ذلك وأخذ كل منا مبلغ 1750 تقريباً، وقد تبت إلى الله، ولازال هذا الأمر يراودني بين الفينة والأخرى، وأنا أريد أن أرجع المبلغ، فهل إذا عرفت الشخص أرجع إليه المبلغ كاملاً أم ما أخذته لأن الذين كانا معي قد نسيا، ولو ذكرتهم يمكن لا يعبؤوا بذلك، وإذا لم أعرف الشخص ماذا أفعل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا المال حكمه حكم اللقطة، ويجب على ملتقطه تعريفه سنة في مكان وجوده، وحيث يظن وجود صاحبه، فإذا جاء صاحبه وعرفها دفعها إليه، أما أخذ المال والتصرف فيه على وجه التملك فلا يجوز وهو من الاعتداء المحرم، ويصير الملتقط بهذا التصرف ضامنا للقطة مطلقا، فالواجب مع التوبة إلى الله عز وجل أن تعرف هذا المال، وإذا لم تجد صاحبه فأنت مخير بين حبس المبلغ إلى أن يوجد صاحبه أو أن تتصدق به عن صاحبه، وإذا عثرت عليه بعد ذلك خيرته بين الصدقة وبين أخذ المال، ويكون أجر الصدقة لك.
وإنما يلزمك ضمان المال الذي التقطته، فإن كنت أنت الملتقط لهذا المال لزمك ضمانه، وإن كنت اشتركت مع زميليك في الالتقاط لزمك ضمان نصيبك فقط، وعليك أن تنصحهما، وتذكرهما بالله تعالى، ووجوب المبادرة بالتوبة، قبل أن لا ينفع دينار ولا درهم .
قال ابن قدامة: فإن التقطها اثنان، فعرفاها حولا، ملكاها جميعا .... وإن رأياها معا، فبادر أحدهما فأخذها، أو رآها أحدهما، فأعلم بها صاحبه، فأخذها، فهي لآخذها لأن استحقاق اللقطة بالأخذ لا بالرؤية، كالاصطياد. وإن قال أحدهما لصاحبه: هاتها. فأخذها، نظرت في نيته؛ فإن أخذها لنفسه، فهي له دون الآمر، وإن أخذها للآمر، فهي له، كما لو وكله في الاصطياد له. اهـ .
وجاء في درر الحكام: إذا وجد اللقطة شخصان فكلاهما يعرفان ويكونان مشتركين في حكم اللقطة. انتهـى .
والله أعلم.