عنوان الفتوى : اللقطة.. وأقوال العلماء في الانتفاع بها ... وضمانها
ما حكم الإسلام في مال فقده صاحبه و لم يمكن الوصول إليه ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من وجد مالاً لغيره سواء كان هذا المال نقوداً أو حلياً: ذهبا أو فضة ، أو غيرهما ، أو جهازاً ، أو غير ذلك مما له قيمة ، وجب عليه تعريفه ، أما ما لم يكن له قيمة ، ولا تتبعه نفس صاحبه ، فلا يجب تعريفه ، ويجوز أخذه ، قال الإمام ابن قدامة: (ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به ، وقد روي ذلك عن عمر، وعلي ، وابن عمر ، وعائشة ، وبه قال عطاء ، وجابر بن زيد ، وطاوس ، والنخعي ، ويحيى بن أبي كثير ، ومالك ، والشافعي ، وأصحاب الرأي).
وأما تحديد اليسير ما هو:
فذهب الإمام أحمد وجماعة إلى عدم التحديد ، وأن الضابط فيه العرف.
وذهب الإمام مالك وأبو حنيفة إلى أنه لا يجب تعريف ما لا يقطع به السارق ، وهو ربع دينار عند مالك ، وعشرة دراهم عند أبي حنيفة ، والراجح في المسألة عدم التحديد ، وهو مذهب الحنابلة لعموم حديث زيد بن خالد في كل لقطة ونصه: (اعرف وكاءها ، وعفاصها ، ثم عرفها سنة ، فإن لم تعرف فاستنفقها ، ولتكن وديعة عندك ، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر ، فادفعها إليه) فيجب إبقاء هذا الحديث على عمومه ، ولا يخرج منه إلا ما أخرجه الدليل ، ولم يرد بما ذكره الآخرون نص ، ولا ما هو في معنى ما ورد النص به ، ولأن التحديد والتقدير لا يعرف بالقياس ، وإنما يؤخذ من نص أو إجماع ، وليس فيما ذكروه نص ولا إجماع. ولكن يجوز أخذ ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من السوط ، والعصا ، والحبل ، وما قيمته كقيمة ذلك ، لما روى أبو داود عن جابر قال: رخَّص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا ، والسوط ، والحبل ، وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به.
وهل الأفضل ترك ما وجده الإنسان من مال غيره أو أخذه؟
فمذهب أحمد أن الأفضل ترك الالتقاط.
ومذهب الشافعي: أنه إذا وجدها بمضيعة وأمن نفسه عليها ، فالأفضل أخذها.
وذهب أبو حنيفة وهو قول للشافعي إلى أخذها.
وقال مالك: إن كان شيئاً له بال يأخذه أحب إليَّ ويعرفه ، لأن فيه حفظ مال المسلم.
وإذا أخذ اللقطة وجب عليه أن يعرفها سنة في الأسواق ، وأبواب المساجد ، والصحف ، وأماكن اجتماع الناس.
وإذا عرفها حولاً فلم تعرف ، ملكها الملتقط ، وصارت من ماله -غنياً كان أو فقيراً- وهذا قول الحنابلة ، والشافعي ، إلا إذا جاء صاحبه فيضمنها له. وقال الحسن بن صالح ، والثوري ، وأصحاب الرأي: له حبسها ، أو التصدق بها ، فإذا جاء صاحبها ورضى بالأجر ، وإلا ضمنها الملتقط.
والله أعلم.