أرشيف المقالات

حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة؟»

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
حديث: «كَخ كَخ، ارْمِ بِها، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟»
 
عن أبي هُرَيْرَةَ قال: أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ : «كَخ كَخ، ارْمِ بِها، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟».
 
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ أَنَّهُ قَالَ: «إِنِّي لأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي، ثُمَّ أَرْفَعُهَا لآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً، فَأُلْقِيهَا».
 
وبنحوه في الصحيحين عن أنس بن مالك.
 
شرح ألفاظ الحديثين:
((كَخ كَخ)): بفتح الكاف وكسرها وسكون الخاء، وبكسر الخاء منونة وغير منونة، هذه ست لغات كلها صحيحة، والكلمة الثانية توكيد، وهي كلمة تقال لردع الصبيان عند تناولهم ما يستقذر.
 
من فوائد الحديثين:
الفائدة الأولى: الحديثان فيهما دلالة على أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم – وآله تحرم عليهم الصدقة، ولذا قال- صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ))، وسيأتي بيان ذلك في الباب القادم.
 
الفائدة الثانية: نهي النبي – صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي عن الأكل من الصدقة، وفيه دلالة على أن الصغار يُمنعون مما يحرم على الكبار، وفي هذا تربية لهم على ذلك فيدربون على آداب الشريعة ويربون على تعظيم شعائر الله تعالى، مع أنهم غير مكلفين، وفي هذا تعويدٌ لهم، ولئلا يستثقلوا التكليف عند التكليف.
 
الفائدة الثالثة: الحديث الثاني دليلٌ على شدة ورع النبي - صلى الله عليه وسلم - فالبيت بيته - صلى الله عليه وسلم – وعلى فراشه، وهذا أبلغ في الخصوصية، والأصل أن ما في البيت يباح أكله، إلا أنه مع ذلك - صلى الله عليه وسلم – يُخشى أن تكون من الصدقة، فيتركها بعدما رفعها ليأكلها، وهذا مع ما هو عليه - صلى الله عليه وسلم - من قلة الزاد، والتمر في بيته - صلى الله عليه وسلم – طعام رئيسي، ومع ذلك يفعل ذلك ورعًا - صلى الله عليه وسلم.
 
فما أحوجنا لمثل هذه المواقف، بل ما أحوجنا لأن نتورع عن أمور تكون الشبهة فيها واضحة بيِّنة، ثم يزيِّنها الشيطان والنفس والهوى، فنراها مباحًا واسعًا، ونتهاون فيها وفي غيرها، حتى نقع في حمى ما حرم الله.
 
بل مع شديد الأسف افتقدنا عبادة الورع حتى في كثير من صالحي زماننا، نسأل الله السلامة والعافية.
 
الفائدة الرابعة: الحديث الثاني دليل على جواز أخذ اللقطة اليسيرة التي لا تتعلق نفس فاقدها بها، يجوز لواجدها أن يأخذها له من غير تعريف، ووجه ذلك أن النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم - أخذ التمر ليأكلها ولم يحبسه عن أخذها إلا خشية أن تكون من الصدقة، والله أعلم.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢