عنوان الفتوى : المؤمن في الجنة لا يحرم من شيء يتمناه

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

الإنسان له آمال كثيرة وخيالات وأمنيات كبيرة. 1- هل في الجنة تتحقق كلها؟ 2- هل هناك أشياء لا تتحقق؟ 3- هل يحقق الله المستحيل؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم يا أخي الكريم- أكرمنا الله وإياك بدار كرامته- أن في الجنة فوق ما يخطر بالبال أو يدور في الخيال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فاقرءوا إن شئتم:  فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ. متفق عليه.

واعلم أن الإنسان لا يتمنى شيئا في الجنة إلا حققه الله له. قال تعالى: لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا. {الفرقان:16} وقال جل وعلا: وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ .{فصلت:31}.

قال ابن كثير في تفسيره: لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ. من الملاذ من مآكل، ومشارب، وملابس، ومساكن، ومراكب ومناظر وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب أحد.

وفي فتح القدير:  لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ . أي: لهم في الجنات ما تقع عليهم مشيئتهم صفوا عفوا يحصل لهم بمجرد ذلك.

فالإنسان في الجنة لا يحرم من شيء يتمناه، ولا يتعارض هذا مع تفاوت مراتب أهل الجنة.

 ففي تفسير أبي السعود: ولعل كل فريق منهم يقتنع بما أتيح له من درجات النعيم، ولا تمتد أعناق هممهم إلى ما فوق ذلك من المراتب العالية، فلا يلزم الحرمان ولا تساوي مراتب أهل الجنان.

ومقاييس الآخرة مختلفة عن مقاييس الدنيا، ولذلك هناك أشياء مستحيلة الوقوع عادة في الدنيا، لكنها تقع في الآخرة.

ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوما يحدث -وعنده رجل من أهل البادية- أن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال له: ألست فيما شئت؟ قال: بلى ولكني أحب أن أزرع. قال: فبذر، فبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده، فكان أمثال الجبال، فيقول الله: دونك يا ابن آدم فإنه لا يشبعك شيء.

وقال عليه الصلاة والسلام: المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة كما يشتهي. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني. سنه: أي: كمال سنه وهو الثلاثون سنة.

ففي الجنة ما يتمناه الإنسان وفوق ما يتمناه أيضا، وإن كان مستحيلا عادة بمقاييس الدنيا.

أما المستحيل لذاته، فليس بشيء أصلا، فلا يصح افتراض تحققه؛ لأن الشيء هو ما يمكن تصور وجوده، وليس في قولنا هذا تحديد للقدرة الإلهية، حاشا لله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو سبحانه على كل شيء قدير، لا يستثنى من هذا العموم شيء، لكن مسمى الشيء ما تصور وجوده، فأما الممتنع لذاته فليس شيئا باتفاق العقلاء. مجموع الفتاوى.

وإذا أردت الاستزادة من معرفة صفة الجنة ونعيمها فعليك بكتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن قيم الجوزية، وكتاب الجنة والنار للدكتور عمر سليمان الأشقر.

والله أعلم.