عنوان الفتوى : حكم تدريس المرأة للبالغين وغير البالغين
هل تحرم الدراسة على يد أستاذة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا خلاف في عدم جواز تدريس المرأة للرجال إذا انتفت الضوابط الشرعية من حصول خلوة أو تبرج أو خضوع بالقول ونحو ذلك.
أما ما عدا هذا فالحكم يختلف باختلاف المعلم والمتعلم ويمكننا أن نجمل ذلك فيما يلي :
أولا: إن كانت المرأة المعلمة شابة فلا يخلو حال المتعلمين حينئذ من أن يكونوا بالغين أو غير بالغين.
فأما البالغون فيجوز أن تتولى المرأة التدريس لهم بشرط أن تكون متحجبة حجابا شرعيا، مع التزام الآداب الشرعية أثناء إلقاء الدرس.
والأولى أن لا تتولى الشابة التدريس لهم، لأنها مظنة الافتتان بها ومراعاة لقول من قال إن صوت المرأة عورة.
أما إن كان المتعلمون صغارا لم يبلغوا الحلم, فالصغير له أحوال ثلاثة نص عليها النووي رحمه الله في روضة الطالبين فقال:
ونزل الإمام أمر الصبي ثلاث درجات: إحداها أن لا يبلغ أن يحكي ما يرى, والثانية يبلغه ولا يكون فيه ثوران شهوة وتشوف, والثالثة أن يكون فيه ذلك. فالأول حضوره كغيبته ويجوز التكشف له من كل وجه, والثاني كالمحرم, والثالث كالبالغ. انتهى.
وبناء عليه نقول: أما القسم الأول من الصغار فلم يبلغ حد التعلم أصلا، وأما الثاني فيجوز أن تتولى المرأة تعليمه، وأما الثالث فحكمه حكم البالغ وقد سبق الكلام عليه , ويمكن ضبط هذه السن التي تمنع فيها المرأة من التدريس لهم فيها بعشر سنوات لأنها سن المراهقة بل ومظنة البلوغ عند بعضهم, ولذا أمر النبي بالتفريق بين الذكور والإناث في المضاجع إذا بلغوا هذه السن فقال صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. وقال الألباني: حسن صحيح.
ثانيا: أن تكون المرأة المعلمة متجالة وهي الطاعنة في السن التي لا أرب للرجال فيها، فنرجو ألا يكون هناك بأس في تدريسها للرجال بشرط الانضباط بالآداب الشرعية, فإن الشرع قد فرق بين الشابة والكبيرة المتجالة في مثل قوله سبحانه: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. {النور: 60}.
والله أعلم.