عنوان الفتوى : حكم دفع الزكاة للزوج ليكون محرما في العمرة
لدي رصيد في البنك و أنا أخرج الزكاة عنه سنويا للمحتاجين, والآن قد تزوجت حديثا وأرغب بعمل عمرة إلى بيت الله،
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهكِ أولاً إلى حرمة التعامل مع البنوك الربوية، فإن كان هذا البنك الذي تضعين فيه مالك بنكاً ربوياً ، فيجبُ عليكِ أن تبادري بإخراج مالك منه، وتتصدقي بالفوائد الربوية المحرمة في مصالح المسلمين، وإذا اضطررت إلى فتح حساب في بنك ربوي فليكن في حساب جار كما بينا في الفتوى رقم: 54017. وانظري الفتوى رقم: 33523، والفتوى رقم: 23078.
وأما دفعك مال الزكاة لزوجك ليعتمر معكَ فلا يجوز، فإن للزكاة مصارف معينة قد حددها الله بقوله : إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60}.
وليس الحج والعمرةُ من هذه المصارف عند الجمهور، فقد اختلف العلماء في جواز دفع الزكاة لمن لا يستطيع الحج أو العمرة لكي يحجُ ويعتمر، والمعتمدُ في مذهب الحنابلة الجواز، وذهب الجمهور إلى المنع، ومذهبُ الجمهور هو الصحيح، ورجح المنع جمعٌ من محققي الحنابلة، منهم الموفق ابن قدامة.
قال في المغني معلقاً على قول الخرقي: ويعطى أيضا في الحج، وهو من سبيل الله: ويروى هذا عن ابن عباس وعن ابن عمر، الحج في سبيل الله. وهو قول إسحاق لما روي أن رجلا جعل ناقة له في سبيل الله فأرادت امرأته الحج فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم اركبيها فإن الحج في سبيل الله، وعن أحمد رحمه الله رواية أخرى لا يصرف منها في الحج، وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري والشافعي وأبو ثور وابن المنذر، وهذا أصح لأن سبيل الله عند الإطلاق إنما ينصرف إلى الجهاد، فإن كل ما في القرآن من ذكر سبيل الله إنما أريد به الجهاد، إلا اليسير، فيجب أن يحمل ما في هذه الآية على ذلك، لأن الظاهر إرادته به، ولأن الزكاة إنما تصرف إلى أحد رجلين، محتاج إليها، كالفقراء والمساكين وفي الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم، أو من يحتاج إليه المسلمون، كالعامل والغازي والمؤلف والغارم لإصلاح ذات البين. والحج من الفقير لا نفع للمسلمين فيه، ولا حاجة بهم إليه، ولا حاجة به أيضا إليه، لأن الفقير لا فرض عليه فيسقطه، ولا مصلحة له في إيجابه عليه، وتكليفه مشقة قد رفهه الله منها ، وخفف عنه إيجابها ، وتوفير هذا القدر على ذوي الحاجة من سائر الأصناف، أو دفعه في مصالح المسلمين أولى. وأما الخبر فلا يمنع أن يكون الحج من سبيل الله، والمراد بالآية غيره لما ذكرنا .انتهى.
ومال إلى المنع أيضا العلامة العثيمين رحمه الله ، حيث سئل رحمه الله السؤال التالي: هل يجوز للإنسان أن يعطي شيئا من زكاته لمن أراد أن يحج؟ فأجاب رحمه الله بقوله: أما إذا كان الحج نفلاً فلا يجوز أن يعطى من الزكاة، وأما إذا كان فريضة فذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك، وأن تعطيه ليحج الفريضة، وفي نفسي من هذا شيء؛ لأنه لا فريضة عليه ما دام معسرًا، وإذا كان لا فريضة عليه فلا يجوز أن يعطى من الزكاة. انتهى.
وعليه فالواجبُ عليكِ أن تضعي الزكاة في مصارفها التي حددها الله .
ثم إنك إذا لم يسبق لك العمرة فعلى القول بوجوبها على المستطيع فإذا كنتِ تستطيعينها وتجدين نفقة المحرم الذي يخرجُ معكِ للعمرة فذلك واجبٌ عليكِ ، وانظري الفتوى رقم: 39254، وإن لم تكوني مستطيعة فإن الله لا يكلفُ نفساً إلا وسعها.
واعلمي أن زوجك لا يلزمه نفقات العمرة لكِ، وإنما تجبُ عليه العمرة في العمر مرة إذا كان في ماله ما يزيد عن كفايته وكفاية من يمونه ممن تلزمه نفقته، وانظري الفتوى رقم: 14046.
والله أعلم.