عنوان الفتوى : مذاهب العلماء فيمن جامع ثانيا نهار رمضان قبل التكفير عن الأول
رجل طلع عليه الفجر في أحد أيام رمضان، وهو ما زال مجامعا لأهله، وأذن المؤذن لصلاة الفجر، ولم ينته، بل ما زال مستمرا على تلك الحال حتى بعد الأذان بفترة. ويوم آخر أيضا أفطر متعمدا في نهار رمضان بجماع أهله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الفجر يؤذَن له في الوقت المحدد بطلوع الفجر، فالواجب على من كان يجامع أهله ، ثم أُذن بالفجر أن ينزع في الحال ، ولا شيء عليه لأنه فعل ما يقدرُ عليه ، وقد قال الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ { التغابن:16}
فإن مضى ولم ينزع فعليه القضاء والكفارة ، لأنه تعمد الجماع في نهار رمضان ، قال ابن قدامة في المغني: إذا طلع الفجر وهو يجامع فاستدام الجماع فعليه القضاء والكفارة، وبه قال مالك والشافعي. انتهى
فإن جامع في يوم آخر فعليه كفارة أخرى في قول جمهور العلماء؛ لأن كل يوم عبادة مستقلة ، فلا تتداخل الكفارتان ، والقول بتداخل الكفارتين وإجزاء كفارة واحدة ، هو وجه في مذهب أحمد قال ابن قدامة في المغني: وجملته أنه إذا جامع ثانيا قبل التكفير عن الأول ، لم يخل من أن يكون في يوم واحد، أو في يومين ، فإن كان في يوم واحد ، فكفارة واحدة تجزئه ، بغير خلاف بين أهل العلم ، وإن كان في يومين من رمضان ، ففيه وجهان؛ أحدهما: تجزئه كفارة واحدة، وهو ظاهر إطلاق الخرقي ، واختيار أبي بكر ، ومذهب الزهري ، والأوزاعي ، وأصحاب الرأي ، لأنها جزاء عن جناية تكرر سببها قبل استيفائها ، فيجب أن تتداخل كالحد .
والثاني: لا تجزئ واحدة ، ويلزمه كفارتان .اختاره القاضي ، وبعض أصحابنا . وهو قول مالك ، والليث ، والشافعي ، وابن المنذر، وروي عن عطاء ومكحول لأن كل يوم عبادة منفردة ، فإذا وجبت الكفارة بإفساده لم تتداخل ، كرمضانين، وكالحجتين. انتهى.
والصواب هو القول بلزوم الكفارتين. وانظر الفتوى رقم: 6733.
وأما كفارة الجماع في نهار رمضان فهي عتق رقبة، فإن عجز عنها فصيام شهرين متتابعين ، فمن عجزَ أطعم ستين مسكيناً ، ولا يجزئه أن يطعم أقل من ستين مسكينا طعام الستين ، ولا أن يعطي المساكين قيمة الطعام ، بل لا بُد من فعل ما نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 117108.
والله أعلم.