عنوان الفتوى : المخدرات.. نجسة أم طاهرة
هل المخدرات نجسة أم لا، مع التوضيح لو سمحتم؟ ومشكورين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أولاً أن الخمر هو ما خامر العقل، فكل مسكر خمر، فهذه المخدرات يصدق عليها تعريف الخمر بهذا الاعتبار.. وتعاطيها محرم قطعاً، لما فيها من الإسكار وإذهاب العقل، ولما لها من الأثر العظيم على فساد الدنيا والدين... وأما هل يلزمُ من تحريمها نجاستها؟ فقد فرق الجمهور من العلماء بين المسكر إذا كان مائعاً فحكموا بنجاسته، وإذا كان جامداً فحكموا بطهارته، قال الدمياطي الشافعي في إعانة الطالبين: قوله: وخرج بالمائع نحو البنج والحشيش أي والأفيون وجوزة الطيب والعنبر والزعفران فهذه كلها طاهرة لأنها جامدة. انتهى.
وقال القروي في الخلاصة الفقهية: بخلاف الحشيشة ونحوها فهي من الطاهر ويحرم تعاطيها، ولا يحرم التداوي بها في ظاهر الجسد. انتهى.. ويشهدُ لما ذهب إليه الجمهور أن الأصل في الأعيان الطهارة، وأنه لا تلازم بين التنجيس والتحريم، قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام: والحق أن الأصل في الأعيان الطهارة، وأن التحريم لا يلازم النجاسة، فإن الحشيشة محرمة وهي طاهرة، وأما النجاسة فيلازمها التحريم، فكل نجس محرم ولا عكس، وذلك لأن الحكم في النجاسة هو المنع عن ملامستها على كل حال، فالحكم بنجاسة العين حكم بتحريمها، بخلاف الحكم بالتحريم.. فإنه يحرم لبس الحرير والذهب وهما طاهران ضرورة إجماعاً. انتهى.
وقد قام الدليل على نجاسة المسكر المائع وهو الكحول كما بينا ذلك في فتاوى كثيرة، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 94919، والفتوى رقم: 112455.
فيبقى ما عداها من المسكر الجامد على أصل الطهارة، وذهب بعض العلماء إلى نجاسة المسكر الجامد كالحشيشة، وممن اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية قال رحمه الله: وتنازع الفقهاء في نجاستها على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها ليست نجسة، والثاني: أن مائعها نجس وأن جامدها طاهر، والثالث وهو الصحيح: أنها نجسة كالخمر، فهذه تشبه العذرة، وذلك يشبه البول وكلاهما من الخبائث التي حرمها الله ورسوله. انتهى. ولعل القول الأول أرجح.
والله أعلم.