عنوان الفتوى : هل تصرف الكفارة للنفس والعيال.
وصلنا رد فضيلتكم على الفتوى رقـم: 119157عنوان الفتوى: إطعام المساكين في الفدية والمقصود بالمرجوح والتأويل المردودتاريخ الفتوى: 19 ربيع الأول 1430 / 16-03-2009 لا يسعنا إلا نشكر الله أولا ثم فضيلتك ثانيا على الرد لقد قرأته وفهمته لكن يوجد شيئان: 1- أحب ان أذكر فضيلتك أن الأصل كان سؤالا طويلا تم قسمته لسؤالين لأن المكان المخصص للأسئلة لم يسع كل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله حرصك على طلب العلم ورغبتك فيه، ولكننا نحب أن ننبهك إلى ضرورة التأدب مع أهل العلم، وعدم التجاسر على التضعيف وإبطال الأقوال بنصوص محتملة قد أجاب عنها العلماء بما فيه مقنع، بل عليك أن تتثبت وتتريث قبل القول بصحة قول أو بطلان آخر، وتراجع ما قيل في المسألة، ولا تقتصر على فهمك المجرد لبعض النصوص.
وبيان ذلك أن الحديث الذي أشرت إليه ورويته بالمعنى حديث متفق عليه. وليس فيه دليل على ما ذكرته البتة. فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعطاه هذا التمر ليُطعمه أهله لا على جهة الكفارة، ولكن على جهة الصدقة لما أخبر الرجل بحاجته وفقره، ومن ههنا وقع خلاف بين أهل العلم: هل تسقط الكفارة بالإعسار أو لا لِما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بإخراجها إذا أيسر؟ ونحن نسوق لك.
كلام الحافظ ابن حجر في الفتح ليتبين به ما ذكرناه: قال رحمه الله: قال ابن دقيق: العيد تباينت في هذه القصة المذاهب، فقيل إنه دل على سقوط الكفارة بالإعسار المقارن لوجوبها، لأن الكفارة لا تصرف إلى النفس ولا إلى العيال، ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم استقرارها في ذمته إلى حين يساره، وهو أحد قولي الشافعية، وجزم به عيسى بن دينار من المالكية. وقال الأوزاعي: يستغفر الله ولا يعود. ويتأيد ذلك بصدقة الفطر حيث تسقط بالإعسار المقارن لسبب وجوبها وهو هلال الفطر، لكن الفرق بينهما أن صدقة الفطر لها أمد تنتهي إليه. وكفارة الجماع لا أمد لها فتستقر في الذمة. وليس في الخبر ما يدل على إسقاطها بل فيه ما يدل على استمرارها على العاجز. وقال الجمهور: لا تسقط الكفارة بالإعسار، والذي أذن له في التصرف فيه ليس على سبيل الكفارة. ثم اختلفوا فقال الزهري: هو خاص بهذا الرجل، وإلى هذا نحا إمام الحرمين، ورُدّ بأن الأصل عدم الخصوصية. وقال بعضهم: هو منسوخ، ولم يبين قائله ناسخه... وقيل لما كان عاجزا عن نفقة أهله جاز له أن يصرف الكفارة لهم. وهذا هو ظاهر الحديث، وهو الذي حمل أصحاب الأقوال الماضية على ما قالوه بأن المرء لا يأكل من كفارة نفسه. قال الشيخ تقي الدين: وأقوى من ذلك أن يجعل الإعطاء لا على جهة الكفارة بل على جهة التصدق عليه وعلى أهله بتلك الصدقة لِما ظهر من حاجتهم, وأما الكفارة فلم تسقط بذلك ولكن ليس استقرارها في ذمته مأخوذة من هذا الحديث. انتهى.
ومما أيد هذا الرأي الأخير ما أشير إليه في ثنايا الكلام السابق من أن الكفارة لا تصرف إلى النفس والعيال. أما السؤال الذي طلبت إجابته وإذا كانت قد بقيت منه جوانب لم تر أنا أجبنا عنها فالرجاء توضيحها لنجيب عنها.
والله أعلم.