عنوان الفتوى : إصلاح الدار هل هو على المستأجر أم المؤجر
لدي دور أرضي لورثة عمره 25 سنة قمت بتأجيره عل شخص وقلت له إن الأجرة 3000 إذا أردت مني إصلاحات قبل استلام الدور أو 2500 وأنت تصلح ما تشاء ورضي ب 2500 وزدت على ذلك بأن أعطيته 35 يوما مجانيا فوق السنة إبراء للذمة ومن باب التعاون، ولكن للأسف مر قرابة شهرين وطلب مني صبغا لغرفة قلت له إني تركت لك 35 يوما وتريد الصبغ ثم بعد ثمانية أشهر قال هناك ماء يطفو فوق أرض الحمام قد يكون من شبكة التصريف الأرضية وقد أحضرت السباك وأفاد أنها من الشبكة وتحتاج إلى تغيير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أن إصلاح الدار المستأجرة على المؤجر لأنه ملكه، ولكن إن ترك المؤجر إصلاح الدار، ورضي المستأجر بذلك ولم يشترط عليه المؤجر إصلاح الدار فلا حرج في ذلك.
قال الكاساني: وتطيين الدار, وإصلاح ميزابها, وما وهى من بنائها على رب الدار دون المستأجر, لأن الدار ملكه وإصلاح الملك على المالك, لكن لا يجبر على ذلك، لأن المالك لا يجبر على إصلاح ملكه, وللمستأجر أن يخرج إن لم يعمل المؤاجر ذلك، لأنه عيب بالمعقود عليه, والمالك لا يجبر على إزالة العيب عن ملكه, لكن للمستأجر أن لا يرضى بالعيب حتى لو كان استأجر وهي كذلك ورآها فلا خيار له، لأنه رضي بالمبيع المعيب, وإصلاح دلو الماء والبالوعة والمخرج على رب الدار ولا يجبر على ذلك وإن كان امتلأ من فعل المستأجر لما قلنا, وقالوا في المستأجر إذا انقضت مدة الإجارة وفي الدار تراب من كنسه فعليه أن يرفعه لأنه حدث بفعله فصار كتراب وضعه فيها, وإن امتلأ خلاها ومجراها من فعله فالقياس أن يكون عليه نقله، لأنه حدث بفعله فيلزمه نقله, كالكناسة, والرماد, إلا أنهم استحسنوا وجعلوا نقل ذلك على صاحب الدار للعرف والعادة إذ العادة بين الناس أن ما كان مغيبا في الأرض فنقله على صاحب الدار, فحملوا ذلك على العادة فإن أصلح المستأجر شيئا من ذلك لم يحتسب له بما أنفق لأنه أصلح ملك غيره بغير أمره ولا ولاية عليه, فكان متبرعا. انتهـى .
و جاء في درر الحكام: أعمال الأشياء التي تخل بالمنفعة المقصودة عائدة على الآجر: مثلا تطهير الرحى على صاحبها, كذلك تعمير الدار وطرق الماء وإصلاح منافذه وإنشاء الأشياء التي تخل بالسكنى وسائر الأمور التي تتعلق بالبناء كلها لازمة على صاحب الدار . انتهـى .
ولكن لا يجوز أن يشترط المؤجر على المستأجر ترميم الدار المستأجرة، وفي هذه الحالة فالإجارة فاسدة عند الحنفية، وعلى المستأجر أجر المثل.
قال السرخسي في المبسوط: وإن تكارى دارا كل شهر بعشرة على أن يعمرها ويعطي أجر حارسها ونوابها فهذا فاسد لأن ما يعمر به الدار على رب الدار والثانية كذلك عليه فهي الجباية بمنزلة الخراج فهي مجهولة فقد شرط لنفسه شيئا مجهولا مع العشرة وضم المجهول إلى المعلوم يجعل الكل مجهولا, فأما أجر الحارس فهو على الساكن لأنه هو المنتفع بعمله وإذا سكن الدار فعليه أجر مثلها بالغا ما بلغ، لأنه استوفى المنفعة بعقد فاسد ورب الدار ما رضي بالمسمى حين ضم إليه شيئا آخر لنفسه فلهذا لزمه أجر المثل بالغا ما بلغ . انتهـى .
ولكن أجاز المالكية اشتراط مرمة الدار على المكتري من الأجرة المستحقة، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وأجاز المالكية شرط المرمة للدار وتطيينها إن احتاجت على المكتري, بشرط أن يكون من كراء وجب على المكتري, إما في مقابلة سكنى مضت, أو باشتراط تعجيل الكراء, أو يجري العرف بتعجيله, لا إن لم يجب فلا يجوز. أو وقع العقد على أن ما تحتاج إليه الدار من المرمة والتطيين من عند المكتري , فلا يجوز للجهالة . انتهـى .
وهذا النقل يبين أنهم أجازوا اشترط المرمة على المكتري إذا كان قدرها معلوما، أما إذا كان قدرها مجهولا كما هو الحال في العقد المذكور حيث اشترط على المكري إصلاح ما يفسد بعد العقد فلا يجوز.
والحاصل أن ما حدث في الشقة المستأجرة من العيوب يجب إصلاحه على المالك، إلا إذا ثبت أن هذا العيب حدث بسبب تفريط أو تعد من المستأجر – لا بمجرد استعماله لها - فيجب عليه الضمان، ويجب على المستأجر أجر المثل للمدة التي سكنها لفساد الإجارة، ولا حرج عليكما بعد ذلك أن تعقدا عقداً جديداً بدون هذا الشرط إن أردتما ذلك.
أما سؤالك عن فسخ العقد متى انتهى، فلو كان عقد الإجارة صحيحاً وانتهت مدته فلا يحتاج إلى فسخ، ولا حرج بعد انتهاء العقد في تجديده.