عنوان الفتوى : التصوير دون إذن اعتداء على خصوصية العباد
نحن مجموعة من المسلمات المتزوجات، ونعيش في إحدى الدول الغربية. نخرج مع بعضنا وأطفالنا للحدائق العامة للترويح والتقابل مع بعضنا من وقت لآخر، وجميعنا محجبات والحمد لله. إحدى الأخوات تحب التقاط الصور للذكرى، وهي تبالغ في ذلك طول الوقت بشكل مزعج و دون سابق إنذار. في إحدى المرات قامت هذه الأخت(صاحبة الكاميرا) لتصوير الجماعة فطلبت منها إحدى الأخوات أن تتريث لتتأكد من أن غطاء رأسها في وضعه الصحيح فوقفت صاحبة الكاميرا و ظننا جميعا أنها لا تصور، ولكن تبين لنا لاحقا أنها كانت تصور رغم تنبيه تلك المرأة عليها بالانتظار. صحيح أن تلك المرأة كانت بكامل حجابها و لكنها لم تكن مستعدة للتصوير و تم التقاطها غافلة وهي تصلح في حجابها، ولم يكن هناك ما يعيب، ولكنني قلت لصاحبة الكاميرا بأن ما فعلته حرام ولا يجوز وفيه غش واعتداء على خصوصية العباد، وأن من حق المسلم على المسلم حفظ غيبته و عرضه و غفلته. هل رأيي صحيح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية ننبه السائلة الكريمة إلى أن التصوير الفوتغرافي محل خلاف بين أهل العلم، وقد قدمنا أن القول بمنع ما لا تدعو الضرورة أو الحاجة الملحة إليه من هذا النوع من التصوير، قول له حظ كبير من النظر، وتقدم النصح بعدمه؛ خروجا من الخلاف، واستبراء للدين، وبعدا عما يريب. كما سبق في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10888 ، 17712 ، 1935.
ثم إن كان هذا التصوير للنساء فينبغي أن يزداد الحذر ويتأكد المنع، فإن بدا شيء من عورتها تحققت الحرمة، ومن المعلوم أن وجه المرأة محل خلاف بين أهل العلم هل يجب ستره أم لا، وقد سبق لنا ترجيح القول بأنه يجب ستره كسائر جسدها، ولا سيما إذا خشيت الفتنة، وخاصة في هذا الزمان الذي كثر فيه الفساد وانتشر فيه الشر، راجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3937 ، 31299 ، 26290.
فإذا كان هذا التصوير دون إذن صاحبته، وهي تتأذى بذلك، ازداد الأمر سوءا، وصدق وصف السائلة لهذا الأمر بأنه غش واعتداء على خصوصية العباد، فإن من حق المسلم على المسلم حفظ غيبته وعرضه وغفلته. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه. رواه أبو داود وحسنه الألباني. أي يحفظه ويصونه ويذب عنه بقدر الطاقة؛ كما في (عون المعبود). وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني. ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين: 52660 ، 77317.
وأخيرا ننبه السائلة الكريمة على أن جواز الإقامة في البلدان الغربية موقوف على أمن الفتنة والقدرة على إقامة شعائر الدين، فإن كان كذلك فعليكم أن تجتهدوا في الحفاظ على دينكم وهويتكم الإسلامية، وأن تتجنبوا مثالب الحياة الغربية وتجنبوها أطفالكم، كما سبق التنبيه عليه في الفتويين: 24699 ، 44524.
والله أعلم.