أرشيف المقالات

هل لك حال مع الله ؟ - إيمان الخولي

مدة قراءة المادة : 13 دقائق .
 
إلى من يحزبه الهم والكرب من أى باب تدخل على الله حتى تنفرج صخرة همومك وأحزانك
لكل مشتاق إلى الجنة هل فكرت يوما من أى باب تريد أن تدخلها ؟
تأمل كيف استجاب الله لزكريا عليه السلام ووهب له  يحيي نبيا من الصالحين وتقبل دعاءه ومن أى باب د خل على الله منه؟
 فقد  بينت الآيات أنه دخل على الله من باب المسارعة إلى الخيرات والخضوع لله
إذ يقول تعالى :" { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }" [90]
فلم يكن هناك باب خير إلا وشاركوا فيه بل وسارعوا اليه ولم يترددوا فى نفع من حولهم
وهذا ما فعله أبو بكر الصديق   حين سأل النبى صلى الله عليه وسلم  عن بعض أعمال الخير فوجد أن أبو بكر الصديق رضى الله عنه قد قام بها كلها فى يوم واحد
فعن  أبى هريرة -رضي الله عنه- قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: " «من أصبح منكم اليوم صائمًا؟"، قال أبو بكر -رضي الله عنه-: أنا، قال: "فمن تبع منكم اليوم جنازة؟"، قال أبو بكر -رضي الله عنه- أنا، قال: "فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟"، قال أبو بكر: أنا، قال: "فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟"، قال أبو بكر -رضي الله عنه-: أنا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة"(رواه مسلم) وأنت هل تشتاق إلى الجنة ....وماذا قدمت لها  » ؟ .
وهناك من دخل على الله من باب الصبر   فلم يشتك ولم يسخط على أقدر الله فيه وإن طال البلاء ابتغاء الأجر فى الآخرة أن يكون ممن يدخلون الجنة بغير حساب إذ يقول تعالى: {{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}} [الزمر 10].
فما ابتلاهم فى الدنيا ابتلاء إلا ونحجوا فيه ووفوا مع  الله  وكم من أناس احتسبوا ابناءهم عند الله ابتغاء أن يقر عينهم بهم فى الجنة ويبنى لها بيت الحمد
وقد اختبر الله عزوجل أيوب عليه السلام بالمرض وفقد ألاولاد فما وجده إلا صابرا 
إذ يقول تعالى : {"وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)}   فهل جربت باب الصبر ؟ فإنه أقصر الطرق لإجابة الدعاء
وهناك من يدخل على الله من باب بر الوالدين فيكون فى خدمتهم حتى نهاية عمرهم محتسباً الأجر عند الله  فهذا هو أويس القرنى الذى كان بارا بأمه فقد مدحه   رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عنه :" لوأقسم على الله لأبره " وأنه مستجاب الدعوة فبعث إليه عمربن الخطاب  يطلب منه الدعاء بالمغفرة  ألهذا الحد نعم فإن البر بالوالدين من أعظم الأبواب التى يرضى الله عنك بها ويفتح لك أبواب القبول بعد عدم الشرك بالله إذ يقول تعالى : {{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}} [الإسراء:٢٣]
وهناك من لا يعطى لهذا الأمر أهمية فتراها أو تراه تنزل إلى صلاة التراويح مثلا أو قضاء حوائج المسلمين ويترك أباه أو أمه فى حاجة إليه وهذا من سوء الفهم لفقه الأولويات فليعلم أن من عظم حق والديه عليه عظم حق ربه فإن البر بالوالدين هو مقياس التوفيق فى الحياة  
وهناك من يدخل من باب القرآن فتراه يسعى لحفظ القرآن ويتدبر معانيه يعيش معه سنوات طويلة وله فى الصحابة والسلف الصالح الأسوة الحسنة فعن أبي ذر قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا ليلة فقام بآية يرددها وهي " {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
وقال أحد العارفين لي في كل جمعة ختمة وفي كل شهر ختمة وفي كل سنة ختمة ولي ختمة منذ ثلاثين سنة ما فرغت منها بعد وذلك بحسب درجة تدبره 
اين نحن من هؤلاء ؟ أهم يعرفون قيمة القرآن ونحن لا نعرفها ؟
وهذا عباد بن بشر كان يلقب بصديق القرآن فى أحدى الغزوات إذ ينادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يحرسنا الليلة ؟
فقام إليه عباد بن بشر وعمار بن ياسر وقالا: نحن يا رسول الله,.
فلما خرجا إلى مدخل الشِّعْب قال عباد بن بشر لأخيه عمار بن ياسر: أي جزء من الليل تحب أن تنام فيه: أوله أم آخره؟ فقال عمار: بل أنام في أوله..
وقام عباد بن بشر يصلى  وكان يقرأ سورة مستمتع بقراتها بالرغم من الحذر والحيطة من العدو فراه أحد المشركين فرماه بسهم فأصابه
فانتزع عباد بن بشر السهم من جسده ومضى في تلاوته وصلاته، فرماه المشرك بسهم آخر فوضعه فيه فانتزعه عباد كما انتزع سابقه, فرماه بثالث فانتزعه عباد كما انتزع سابقيه، وزحف عباد بن بشر حتى اقترب من صاحبه عمار بن ياسر وأيقظه قائلاً: انهض فقد أضعفتني الجراح وكثر مني الدم فلما رآهما الرجل المشرك ولى هاربًا خوفا منهما.
والتفت عمار بن ياسر إلى عباد بن بشر فرأى الدماء تنزف غزيرة من جراحه الثلاثة, فقال له: سبحان الله لو أيقظتني عند أول سهم رماك به؟!
 فقال عباد: كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن أقطعها حتى أنتهي منها, وايم الله لولا خوفي أن أضيّع ثغرًا أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه لكان قطع نفسي  أحب إلي من قطعها (يقصد الصلاة).
ألهذى الدرجة من التأثر ينسى جراحة مع الآيات هذه درجة من يستشعر أن الله يحدثه فيستحى ان يبوح بألمه له
  هناك أناس انشغلوا بالقرآن فغيرالقرآن  حياتهم فعمل على تدبره والتفقه فيه  والعمل به وتعليمه للناس محتسبا بذلك قول النبى صلى الله عليه وسلم "خيركم من تعلم القرآن وعلمه " فأراد أن ينال هذه الخيرية
وأنت ما حالك مع القرآن ؟ هل غير فيك شيئا أم على قلوب أقفالها ؟
وهناك من يدخل على الله من باب السعى على الأرملة والمسكين محتسباً أجر الجهاد فى سبيل الله واتخذ منها رسالته فى الحياة فعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « (السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - وأحسِبُه قال: - كَالقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ)» متّفقٌ عليه.
ومنهم من ترجم ذلك إلى عمل حين  اجتمع مع صحبة صالحة له وقرر فتح جمعية خيرية واتخذ الإجراءات اللازمة لفتحها واتخذ معها نية قضاء حوائج المسلمين وكفهم عن السؤال ومنهم من هو جمعية خيرية متنقلة لا ينتظر أن يأتوا إليه بل هوالذى  يأتيهم فيدخل على الله من هذا الباب فى الدنيا فينفرج كربه وفى الآخرة بطرق أبواب الجنة عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي ﷺ أنه قال: من كان في حاجة أخيه كان الله فى حاجته وعن النبي ﷺ أنه قال: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»
ولنا فيه الأسوة الحسنة فقد كانت الامة من اهل المدينة لتاخذ بيده صلى الله عليه وسلم فتَنطَلق به حيث شاءت ليقضى لها حوائجها
وكان ابن عمر رضي الله عنه-: "لا يجلس على طعام إلا وعلى مائدته أيتام
وكان منهم من كان يحمل الطعام في الليل، ويطرحه على أبواب الفقراء، ولم يعلموا بذلك حتى توفي -رحمه الله تعال إنه   زين العابدين على بن الحسين
كما أن  الأرملة التى توفى عنها زوجها فتربى ابناءها على الصلاح وترحم ضعفهم فيكونوا بابها فى الدخول على الله
وهناك من يدخل على الله من باب تعليم الناس القراءه والكتابة ومحو أميتهم فيفتح فصل محو أمية ويتأخذ الإجراءات لذلك ويتخذ معها نية أننا أمة اقرأ وأنها أول آيه نزلت على النبى صلى الله عليه وسلم  وأن العلم يجعل المسلم يأمن عدوه فلا يستطيع أن يمكر به إذ يقول تعالى :" نٓۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا يَسۡطُرُونَ ١ "
فهناك الكثير من المشاكل التى تحدث بسبب استغلال الناس لهذا الأمى الذى لا يقرأ ولا يكتب فتكون سبباً فى ضياع مستقبله  
وهناك من يدخل على الله من باب إصلاح الأسر المسلمة مستحضرا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول حالقة الشعر ولكن تحلق الدين.
رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح
لأنه أيقن أن صلاح أى مجتمع يبدأ بصلاح النواة الأولى له وهى الأسرة  منهم من اقتصر فى حدود معارفة وجيرانه ومنهم من أحب أن يجمع بين النية الصالحة والعلم فدرس ما يؤهله لهذه المهمة من دورات ومحاضرات فى الإرشاد الأسرى حتى يتمكن من فتح مركز إرشاد أسرى ليعم النفع على الجتمع ولما لا لمن يملك   موهبة التأليف بين الناس والحكمة والقول الفصل أن يكون هذا بابه إلى الله
وهناك من يدخل على الله من باب عبادات الخلوات انظر إلى عبادة  عبد الله  ابن الزبير فقد قسم ابن الزبير الدهر على ثلاث ليال ؛ فليلة هو قائم حتى الصباح ، وليلة هو راكع حتى الصباح ، وليلة هو ساجد حتى الصباح وقد يكون تقربه الى الله فى الخلوات هو سبب ثباته أمام فتنة الحجاج بن يوسف الثقفى   فماذا عنك انت ؟
قال ال ثابت البناني : كنت أمر بابن الزبير ، وهو خلف المقام يصلي ، كأنه خشبة منصوبة لا تتحرك .  .
من ثمار عبادة الخلوة صلاحُ القلب ِ واستقامتُه، وطهارتُه وتنقيتُه، وبُعدُه عن الشهوات والشبهات، وثباتُه عند المحن والفتن
وإن كانت هذه الأبواب كلها مليئة  فهناك باب يغفل عنه كثير من الناس وهو الذل والافتقار إلى الله كما قال بن القيم يحكى عن بعض العارفين : دخلت على الله من أبواب الطاعات كلها ، فما دخلت من باب إلا رأيت عليه الزحام ، فلم أتمكن من الدخول ، حتى جئت باب الذل ، والافتقار ، فإذا هو أقرب باب إليه ، وأوسعه ، ولا مزاحم فيه ، ولا معوق ، فما هو إلا أن وضعت قدمي في عتبته : فإذا هو سبحانه قد أخد بيدي فما اجمل الفرار إلى الله والانكسار قد يتقن الناس الصلاة ويتقن ىخرين الصيام والصدقات ولكن قليلا ما هم من ينكسر بين يدى المولى عزوجل
وهو ما دعا  به موسى عليه السلام حين وصل مدين بعد أن فر من بطش فرعون إذ يقول تعالى " {فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص  24]  .
فرزقه الله المآوى والعفة والأمان بعد الخوف فأين نحن من الذل والافتقار إلى الله ليخرجنا من أحزاننا الشخصية إلى الهم االأكبر وهو الدفاع عن المقدسات وعن الإاسلام فى كل مكان تنتهك فيه الحرماتوفى النهاية أحرص على أن يكون لك باب تدخل على الله منه فتنفرج صخرة أحزانك وهمومك ويا ليت أهل الخبيئات يسمعونى حتى يسروا إلى الله بأعمالهم يستغيثون به أن يفرج الصخرة عن أمة الاسلام  ليخرجوا من سنوات التيه والظلام فإن نظر أهل غزة موجه إليكم لتزيحوا عنهم  الصخرة وتذللوا الطريق لتحرير المقدسات   

شارك الخبر

المرئيات-١