عنوان الفتوى : جواب شبهة حول تحريم أخت الزوجة على الزوج
إني منذ 8 سنوات وأنا أعتبر أخت زوجتي محرما لي وأتعامل معها معاملتي لأختي، وذلك استنادا إلى حديث أسماء بنت أبى بكر وهو الحديث الخاص بحملها النوى، وقد رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب منها أن تركب خلفه، ومعنى هذا أنها سوف تلامسه حين تركب خلفه، ولا يمكن أن يسمح الرسول صلى الله عليه وسلم لسيدة أن تلمسه إلا أن كانت محرما، وحين قرأت تفسير ابن حجر لهذا الحديث في أسباب عدم غيرة الزبير أن الغيرة لن تحدث لأنها أخت زوجته، ولا يجوز للرسول أن يتزوجها، وهنا تأكدت أن أخت الزوجة محرم لي. ولكن بالصدفة في مناقشة بيني وبين أحد الإخوان أكد لي أن أخت الزوجة ليست بمحرم، وحين بحثت في الفتاوى وجدت أن جميع العلماء أقروا بأنها ليست بمحرم على أساس أن التحريم الذي نزل بها تحريم مؤقت لكن لا يوجد عالم استند لأي حديث أو آية قرآنية، وكلما أسأل شيخا من الشيوخ يحسسني بأني مجنون، وحينما أستكمل المناقشة معه وأستدل بالحديث لا يكون عنده رد إلا تجاهل هذا الحديث، ولا يجب عليك إلا اتباع العلماء حتى أنني استغللت أني كنت في الحج فذهبت إلى أحد تلامذة الشيخ أبي بكر وسألته فرد علي بأن الرسول أبو المؤمنين كلهم فبصراحة حدثت نفسي بأنه كيف يقول هذا وقد قال الله (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ) فبصراحة لم أستطع التكملة معه. فرجاء حل هذا الإشكال ما بين أني أملك هذا الحديث الذي لا يخالطه شك وهو موجود بالبخاري ومسلم والمسند والعلماء الذين لم يستدلوا بأي حديث ولا قرآن ومجرد تأويل في الحكم ورد علي بعض العلماء بأن من خصائص الرسول أن تركب الأجنبية خلفه، وأن يتحاور معهم فكان ردي الآتي: هو أن هذا الكلام للأسف غير صحيح، والدليل على ذلك هو حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهو (( أن النبي خرج من مُعتكفه مع زوجته ليلا ليوصلها إلى بيتها، وإذ هو كذلك إذ رآه رجلان فأسرعا فقال لهما عليه الصلاة والسلام: ( على رسلكما إنها صفية !! ) فقالا: سبحان الله يا رسول الله ! فقال ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.. ) ـ أخرجه الشيخان )) فان كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجوز له أن يخلو بأجنبية كان لا يحتاج أن يبين للرجلين أن التي معه من محارمه. والإثبات الأخر أن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض أن يصافح السيدات حين أخذ منهم البيعة، فما بالك بأن العلماء أباحوا له أن يلامسهم وأن يبيت عندهم، وهذا ما يتناقض مع حديث رسول الله. و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس في هذا الحديث ما يدل على كون أخت الزوجة محرما للزوج، فإن الأصل هو عدم المحرمية بين الرجل والمرأة ولا تثبت المحرمية إلا بدليل قاطع لقوله تعالى بعد ذكر المحرمات من النساء: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ {النساء: 24}
ولا دليل يثبت ذلك، وما ذكرت لا يصلح دليلا، ولا يلزم من ركوبها خلف النبي الملامسة إذ قد تركب خلفه ولا تحصل الملامسة، هذا على فرض أنه صلى الله عليه وسلم كان سيردفها، لأن بعض العلماء كالحافظ ابن حجر قد صرح بأن هذا ربما كان فهم أسماء، ولم يقصد النبي ما فهمته حيث قال رحمه الله: كأنها فهمت ذلك من قرينة الحال، وإلا فيحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم أراد أن يركبها وما معها ويركب هو شيئاً آخر غير ذلك. اهـ
وقولك إنك لما قرأت كلام ابن حجر وخلاصته أنها أخت زوجته وأنه لا يجوز له أن يتزوجها فتأكد لديك أن أخت الزوجة محرم فهم غير صحيح، لأنه لا يلزم من حرمة التزوج بالمرأة أن تكون محرما له، وإلا فقد حرم زواج المسلم بالمشركة أفيكون المسلم محرما للمشركات، بل ما ذا لو تزوج الرجل أربع نسوة فإنه حينئذ يحرم عليه أن يتزوج بأي امرأة أخرى فهل صار نساء العالمين من محارمه؟
أما ما تلوح به من استدلالك بهذا الحديث على عدم وجوب النقاب فنحيلك في ذلك على كلام الحافظ ابن حجر حيث قال: والذي يظهر أن القصة كانت قبل نزول الحجاب ومشروعيته، وقد قالت عائشة كما تقدم في تفسير سورة النور: لما نزلت وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ أخذن أزرهن من قبل الحواشي فشققنهن فاختمرن بها. ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب. انتهى من فتح الباري.
والله أعلم.