عنوان الفتوى : حكم السماح بنشر الشر والفساد على النت
سؤالي مهم وأطرحه بعد ما بحثت في الفتاوى ولم أجد جوابا واضحا عليه.. في موقع فيسبوك الشهير يوجد مجموعات متنوعة الأهداف يشرف على المجموعة واحد أو أكثر لديهم صلاحيات واسعة من مسح مداخلات أو مواضيع وطرد من لا يلتزم وما إلى ذلك ولكنهم يمتنعون بدعوى الحرية واعتقاد بأنهم غير مسؤولين عما يكتبه غيرهم حتي وإن كان كفرا أو إلحادا أو تبشيرا أو تشكيكا في ديننا أو ألفاظا تخدش الحياء أو مجاهرة بالمعاصي أو هتكا لأعراض المحصنات من النساء والرجال على السواء، المجموعات يشارك فيها أعضاء بعض المجموعات تنتهج نهج الحرية بلا قيود وعليه يتم تداول الكثير من المحرمات مثل الدعوة إلى الزنا والفجور والعياذ بالله وبعضها تصل إلى حد فتح المجال للدعوات التبشيرية أو التشكيك في ديننا الحنيف ناهيك عن الألفاظ النابية والتفاخر بالمحرمات، كما أن بعض هذه المجموعات يعد مجالا خصبا لدعوات الإلحاد أو غيرها من الأفكار الهدامة، سؤالي واحد متعدد الأوجه وأتمنى الرد بوضوح لأن الفتوى ستستخدم في حملة لتصحيح المفاهيم في مثل تلك المجموعات إن شاء الله واهتمامكم فيه مساهمة في هذا الخير إن شاء الله. 1- القائمون على هذه المجموعة هل يأثمون على ما يقترف في مجموعتهم دون أن يمنعوه (وهم قادرون على ذلك بفضل سلطاتهم الممنوحة لهم). 2- المشاركون في الموضوعات المطروحة للنقاش سواء كانت موضوعات مخالفة للضوابط الشرعية أو غير مخالفة ولكنها ضمن نطاق المجموعة (ما حكمهم). 3- المشاركون في مثل هذه المجموعات وإن لم يشاركوا في النقاشات (هل يجوز أن يشتركوا في مثل هذه المجموعات)، حيث إن اشتراكهم يزيد عدد الأعضاء وهذا يعطي للمجموعة مزيدا من القوة. 4- أليس المسلم منهيا عن التواجد في محفل يخاض فيه في آيات الله وتتخذ هزؤا؟ هل الاشتراك في مثل هذه المجموعات التي تنتهج نهج حرية مزعومة يعد من باب المشاركة في هذا الخوض؟ علما بأن المشتركين ليسوا أهلا للرد بالحجج الشرعية على أي مشكك. ختاماً أرجو أن يتسع صدركم للمشاركة بالرد علي الموضوع كاملاً حتي يتسني لنا الاستفادة من رأيكم الشرعي في تدعيم الحملة التي نزعم القيام بها على الموقع لمحاولة توعية الشباب القائم على المجموعات عموماً وهذه المجموعات المتحررة خاصة، وكذلك المشاركين بها لتغيير سلوكهم للأفضل باذن الله. آملً من الله أن تتسع صدوركم لما فيه خيرنا وخير ديننا وعاقبة أمرنا، وأستميحكم عذراً إن أمكن أن تتكرموا بإمدادنا باسم المفتي مع الرد حتى يتسنى لنا تأكيد مصدر الفتوى التي سنعتمد عليها في حملتنا أثابكم الله. أستودعكم الله بما هو أهل له.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا نود أن نوضح أولاً حقيقة مهمة وهي أن هذا الإنترنت إن استغل في الخير ونشر الحق والفضيلة كان نعمة من نعم الله عز وجل على الناس، ولا يجوز بحال أن يكون مجالاً لنشر شيء من الشر والفساد، فمن فعل ذلك كانت عاقبته وخيمة؛ لأن ما ينشر قد يطلع عليه الملايين من البشر، وربما كان سبباً لإفسادهم فمن تسبب في إضلالهم اجتمع عليه مثل أوزارهم، كما أن من نشر الخير من خلاله كان له مثل أجور من تسبب في هدايتهم، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً.
ومن كان قادراً على أن يحول دون نشر الفساد لا يجوز له أن يسمح بنشره وإلا أثم، روى مسلم أيضاً عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. والأصل المنع من تواجد المسلم في مكان يعصى فيه الله تعالى، للآية التي أشرت إليها وهي قوله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ {الأنعام:68}.
ولكن إن كان هذا التواجد لغرض صحيح كإنكار المنكر وإقامة الحجة على المخالفين فإنه يجوز بل قد يستحب أو يجب، فلا يترك المجال لأهل الباطل يصولون ويجولون وينشرون باطلهم دون أن يتصدى لهم، ولا يضر كون عدد المجموعة سيزيد ما دامت هذه الأغراض الشرعية يمكن تحقيقها، ولا شك أنه لا ينبغي أن يتصدى لمحاورة أهل الباطل إلا من كان لهم إلمام بقدر كبير من العلم الشرعي، يتمكنون به من رد الباطل وإلا ضعفت حجة المسلم وقويت شبهة الملحد والمبطل، وفي هذا من أسباب الفساد ما لا يخفى.
والله أعلم.