عنوان الفتوى : النسخ في القرآن الكريم
هل حذف من القرآن الكريم آية عند مراجعة جبريل والرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن وما هي الآية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تكفل الله بحفظ كتابه ولم يكل حفظه إلى أحد بخلاف الكتب السابقة فإنه وكل حفظها إلى الأحبار والرهبان فضيعوها، قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ.{الحجر:9}.
والقرآن الذي تعبدنا الله بتلاوته وحفظه هو ما بين الدفتين لا زيادة فيه ولا نقص منه، ولم يقبض الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم إلا وقد وعاه الصحابة حرفاً حرفا فجمع تاماً غير منقوص على يدِ زيد بن ثابت رضي الله عنه في خلافة الصديق رضي الله عنه، ثم في خلافة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه أعيدت كتابته وبعث به إلى الأقطار .
وقد كان يحصل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم نسخٌ لبعض آيات القرآن، وهو على ثلاثة أضرب:
فمنها ما رفع حكمه وبقيت تلاوته وهو كثير كقوله تعالى: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ {الأنفال 65}، نسختها التي بعدها وهي قوله تعالى: الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ {الأنفال:66}.
ومنها ما نسخ حكمه ونسخت تلاوته كما أخرج مسلمٌ عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلوماتٍ يحرمن، ثم نُسخن بخمسٍ معلومات .. فالتحريمُ بعشر رضعات منسوخ التلاوة والحكم.
ومنها ما نسخت تلاوته وبقيَ حكمه كالتحريمِ بخمس رضعاتٍ في أصح أقوال العلماء، وكآية الرجم فقد أخبر أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنهم قرؤوها ووعوها على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظها: والشيخُ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيزٌ حكيم.
ولعل من حكمة نسخ آية الرجم -كما قال أهل العلم- أن يظهر فضل المسلمين على من عاداهم من الأمم كاليهود فإنهم لم يعملوا بحكم الرجم مع أنه موجودٌ في كتابهم، وعمل به المسلمون مع نسخ تلاوة الآية الدالة عليه.
وبالجملة فإن الآيات التي حُذفت -على حد تعبيرك- عند معارضة جبريل القرآن النبي صلى الله عليه وسلم هي المنسوخةُ تلاوة وحكما أو تلاوة فقط، فليست من القرآن الذي تعبدنا الله بتلاوته، وللمزيد انظر الفتوى رقم: 40418.
والله أعلم.