عنوان الفتوى : حكم تقييد الحاكم للطلاق
سؤالي عن حكم تقييد الطلاق بمجلس القاضي , وهل هذا من قبيل المباح الذي يجوز لولي الأمر أن يقيده من باب السياسة الشرعية؟ ومن أجازه من الفقهاء سواء المعاصرين أو القدامى , ومن كتب عنه ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمعتبر في وقوع الطلاق إنما هو صدوره من الزوج أوحكم القاضي به، لكن للزوج أن يعلق وقوعه على صدور الحكم، وجلسة القضاء، وأما إن أوقعه مباشرة فهو لازم، ولا اعتبار لإجراءات إثباته من وقوعه أوعدمه من حيث الديانة.
ولو أن الحاكم قرر عدم إيقاع الطلاق إلا بعد جلسة القضاء فيلزم طاعته في ذلك إلا لضرر أو مشقة، ومن أوقع الطلاق قبل ذلك وقع طلاقه ويكون آثما لمخالفة ولي الأمر إلا لعذر، وهذا مما يصلح للحاكم تقييده للمصلحة والسياسة الشرعية، ولتشوف الشارع إلى استقرار العصمة وبقائها، وهذا من الوسائل لمنع التهور في الطلاق فلا يقع إلا عند ترو ودراية، ولكن إذا اضطر المرء إلى الطلاق أو دعته حاجة ملحة إليه قبل انتظار جلسة القضاء فلا حرج عليه للعذر.
قال الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله: إن الذي أعطاه الشارع لولي الأمر هو حق تقييد بعض المباحات لمصلحة راجحة في بعض الأوقات أو بعض الأحوال أو لبعض الناس، لا أن يمنعها منعا عاما مطلقا مؤبدا.
وقد منع عمر الزواج من الكتابية في خلافته، وأمضى طلاق الثلاث في مجلس واحد كطلقة بائنة بينونة كبرى.
وأما الشق الثاني من السؤال فيمكن الرجوع فيه إلى كتب أهل العلم في باب السياسة الشرعية للوقوف على كلام أهل العلم، وإن كنا لا نعلم مخالفا في تقييد الحاكم للمصلحة ما لم يكن التقييد مطلقا أو مؤبدا.
ومما ينصح بالرجوع إليه في ذلك ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقد كتب فصلا كاملا في نحو ثلاثين صفحة مما جعل الله للحاكم أن يحكم فيه وذلك في الفتاوى.
كما أن الدكتور الطريقي وهو معاصر قد كتب رسالة في طاعة أولي الأمر تطرق فيها إلى هذه المسألة، ويمكن الرجوع إليها.
والله أعلم.