عنوان الفتوى : حكم خصم النفقة المتأخرة من المهر عند الخلع
فضيلة الشيخ دام زواج ابنتي حوالي 7 أشهر حيث كان مهرها 10000 في عقد النكاح ونظرا لعاداتهم فقد كتب مؤخر الصداق 25000 في ورقة خارجية. وبعدها قال زوجها إنه لا يريدها بشهادة صديقه وزوجته اللذين كانا برفقته عندما أحضرها للمنزل . هي معنا موجودة الآن لمدة أربعة أشهر لم يطلقها ولم ينفق عليها هل يمكن لزوجتي خلعه - إذا لم يطلقها فضلا عن سوء معاشرته وتعاطيه النشوق مما يجعل رائحة فمه كريهة - واحتساب نفقة تلك الأشهر جزءا مما سوف نرده من المهر، وما هو معيار احتساب مبلغ النفقة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي ننصحكم به هو محاولة الإصلاح بين ابنتك وبين زوجها, ومحاولة اكتشاف الأسباب التي أدت إلى هذه النفرة السريعة بينهما ومعالجتها بما يرضي الله ويوافق شرعه وحكمه, فإن تعذر ذلك واستمر الزوج في هجرها ولم يرجعها إلى بيته فلها أن تطلب الطلاق منه, فإن أبى أن يطلق فلترفع أمرها إلى القضاء ليجبره القاضي على الطلاق أو العشرة بالمعروف فإن تعذر الرفع إلى القضاء فلها أن تفتدي منه بما تتفقون عليها من مال, حتى تتخلص منه وتخرج من عصمته علما بأنه هو لا يجوز له أخذ الخلع مادام الضرر أو النشوز من قبله، وهو على كل حال مطالب بمقدار النفقة في هذه الفترة التي غاب فيها عن زوجته طالما أنه لم يحدث منها نشوز أوتمرد عليه, لأن النفقة تثبت للمرأة في مقابل تمكين الزوج من الاستمتاع بها وهي في هذه الحالة لم تمنعه من ذلك، بل هو الذي رفض، فعليه أن يوفيها نفقتها لأن النفقة تثبت في ذمة الزوج على الصحيح من أقوال العلماء, جاء في المغني لابن قدامة: أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد ، في رجال غابوا عن نسائهم ، يأمرهم بأن ينفقوا أو يطلقوا ، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما مضى , ولأنها (النفقة)حق يجب مع اليسار والإعسار ، فلم يسقط بمضي الزمان ، كأجرة العقار والديون. انتهى.
ولذا نقول إن اتفقتم على الخلع وأن تردوا له المهر فيجوز لكم أن تحتسبوا نفقة هذه المدة لأن هذا حق لابنتكم لها أن تأخذه بكل طريق, قال ابن قدامة: مسألة : قال : فإن منعها ما يجب لها ، أو بعضه ، وقدرت له على مال، أخذت منه مقدار حاجتها بالمعروف، كما { قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند حين قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح ، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف وجملته أن الزوج إذا لم يدفع إلى امرأته ما يجب لها عليه من النفقة والكسوة، أو دفع إليها أقل من كفايتها، فلها أن تأخذ من ماله الواجب أو تمامه، بإذنه وبغير إذنه؛ بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف، وهذا إذن لها في الأخذ من ماله بغير إذنه، ورد لها إلى اجتهادها في قدر كفايتها وكفاية ولدها، وهو متناول لأخذ تمام الكفاية، فإن ظاهر الحديث دل على أنه قد كان يعطيها بعض الكفاية، ولا يتممها لها، فرخص النبي صلى الله عليه وسلم لها في أخذ تمام الكفاية بغير علمه ؛ لأنه موضع حاجة، فإن النفقة لا غنى عنها ، ولا قوام إلا بها ، فإذا لم يدفعها الزوج ولم تأخذها، أفضى إلى ضياعها وهلاكها، فرخص النبي صلى الله عليه وسلم لها في أخذ قدر نفقتها، دفعا لحاجتها، ولأن النفقة تتجدد بتجدد الزمان شيئا فشيئا ، فتشق المرافعة إلى الحاكم ، والمطالبة بها في كل الأوقات؛ فلذلك رخص لها في أخذها بغير إذن من هي عليه. انتهى.
أما ما تسأل عنه من معيار النفقة فنقول: النفقة على الراجح مقدرة بحال الزوجين معا، فإن كانا أغنياء فلها عليه نفقة الأغنياء, وإن كانا فقراء فلها عليه نفقة الفقراء وإن كان أحدهما فقيرا والآخر غنيا فلها عليه نفقة المتوسطين.
قال ابن قدامة رحمه الله: قال أصحابنا : ونفقتها معتبرة بحال الزوجين جميعا ؛ فإن كانا موسرين ، فعليه لها نفقة الموسرين ، وإن كانا معسرين، فعليه نفقة المعسرين، وإن كانا متوسطين ، فلها عليه نفقة المتوسطين ، وإن كان أحدهما موسرا ، والآخر معسرا ، فعليه نفقة المتوسطين ، أيهما كان الموسر. انتهى .
وللفائدة تراجع الفتويين: 49355 , 109643.
والله أعلم.