عنوان الفتوى : حكم استعمال الأغذية التي تحتوي على مواد خنزيرية وكيفية التصرف حيالها
المواد الخنزيرية : أريد أن أسألكم عن المنتجات التي تباع ولا نعلم على ماذا تحتوي ، فقد تحتوي على محرَّم ، وقد قرأت على الإنترنت أن المنتجات التي تحمل الرموز التالية هي التي تحتوي على محرم : E100 , E110 , E120 , E140 , E141 , E153 , E210 , E213 , E214 , E216 , E234 , E252 , E270 , E280 , E325 , E326 , E327 , E334 , E335 , E336 , E337 , E422 , E430 , E431 , E432 , E433 , E434 , E435 , E436 , E440 , E470 , E471 , E472 , E473 , E474 , E475 , E476 , E477 , E478 , E481 , E482 , E483 , E492 , E493 , E494 , E495 , E542 , E570 , E570 , E572 , E631 , E635 , E904 (risque de le contenir E104-E122-E141-E150-E153-E171-E173-E180-E240-E214-E477-E151 . ( حصلت عليها من خلال فتوى على موقع www.islamweb.net ) ، وفي موقع www.islamonline.net ما يلي : " هذه الأرقام وبتقريرات علمية من أهل اختصاص مسلمين : أنها لمواد تمت استحالتها نهائيّاً ، ولا يصدق عليها التسمية الأصلية ؛ لأنها بهذه الاستحالة الكيميائية أو الطبيعية أصبحت مادة أخرى لا حرج في تناولها بفقدانها خواصها الأصلية ، ومعلوم لدى أهل العلم أن الاستحالة تبيح المادة المحرمة ، ومثال ذلك كما قال الإمام ابن تيمية : إذا سقط خنزير أو كلب في مملحة وتآكل واستحال تحت فعل الملح وتحلل فيه حتى فقد خواصه الأصلية : حلَّ استعمال الملح ، هذه القاعدة كانت معروفة لدى علماء السلف الصالح ، ولم يتحرجوا يوماً باستعمال الاستحالة كطريقة تبيح بعض المواد المحرمة فيما لو بقيت على أصلها ، أما ما يحرم فهو ما يشير إلى المواد الدسمة من الشحوم ولحم الخنزير وغيره ؛ لأن الدسومات لا تتغير غالباً لا بالتسخين ، ولا بالغليان ، فإذا كان مكتوباً على العلبة مثلاً مواد دسمة من الخنزير أو الحيوانات : فهنا لا يجوز تناولها إطلاقا للسبب الذي ذكرته . " ١. هل عليَّ أن أبحث في كل المنتجات التي أشتري ؟ كيف نعرف المواد التي تحتوي على محرم ؟ إذا قلتم باستعمال هذه الرموز : فما هي هذه الرموز ؟ إذا قلتم بالمواد التي تتكون منها هذه المواد فهناك بعض المواد غير مفهومة ، وبعض المنتجات لا تكتب عليها ؟ . ٢. هل صحيح أنه إذا كانت الكمية قليلة فإنه يجوز أكلها ؟ إذا جهلنا عن المقدار الموجود فهل يجوز أكلها ؟ . ٣. ما هو قولكم عمن يقول إن الدجاج الرومي يلقحونه بمواد خنزيرية ؟ . ٤. هل عليَّ ذنب إذا أكلت منتجاً وجدت فيه مادة قد تستخرج من الخنزير ( شككت ) ؟ هل عليَّ ذنب إذا أكلت منتجاً وجدت فيه بعد أن أكلت أحد الرموز التي تدل على مادة خنزيرية في الأول شككت ؟ . أعتذر عن الإطالة ، وجزاكم الله كل خير .
الحمد لله.
أولاً :
مما يتميز به المسلم عن غيره أنه يراعي الأحكام الشرعية المتعلقة بحياته ، ومن ذلك : كسبه ، وطعامه ، وشرابه ، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أهمية حل الطعام للمسلم في دنياه وأخراه ، فبيَّن أن أكل الحرام سبب لعدم استجابة الدعاء ، وأما في الآخرة : فإنه قد ورد الوعيد الشديد لمن نبت جسده بالحرام .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ) رواه الطبراني ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " (4519) .
فليحذر المسلم من أن يأكل ما لا يحل له أكله ، وليحرص على الطعام الحلال ، ولو بذل له ثمناً أعلى من غيره ، ولو بذل الجهد المضاعف لتحصيله .
ثانياً :
الخنزير محرَّم نجس ، لا يحل أكل لحمه ، ولا شحمه ، ولا يحل قليله ، ولا جزء منه ، فإذا وجدت بعض أجزاء من لحمه أو شحمه في خبز ، أو طعام ، أو دواء : حرم تناول ذلك كله .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"إذا تأكد المسلم ، أو غلب على ظنِّه أن لحم الخنزير ، أو شحمه ، أو مسحوق عظمه دخل منه شيء في طعام ، أو دواء ، أو معجون أسنان ، أو نحو ذلك : فلا يجوز له أكله ، ولا شربه ، ولا الادهان به ، وما يشك فيه فإنه يدعه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/281) .
ثالثاً :
هل يجب على المسلم السؤال والتحري قبل تناول المنتجات التي يشك بوجود شيء محرَّم فيها؟
سبق في كلام علماء اللجنة الدائمة قولهم : "وما يشك فيه فإنه يدعه" ، وفي موضع آخر – (22/285) – قالوا : "يستفصل لوجوب الحرز من أكل الحرام" .
وهذا هو الواجب حيث كان البلد المصنِّع لتلك الأطعمة والأشربة لا يمانع من استعمال المصانع لأجزاء الخنزير ، فمثل هؤلاء يكثر في بلادهم بقايا الخنزير من الشحوم فيستعملونه في أشياء كثيرة من المطعومات والمشروبات والأدوية والمعاجين وغيرها .
وحيث كان البلد المصنِّع إسلاميّاً يمنع استعمال لحم الخنزير وأجزائه : فلا يجب على المسلم البحث والتحري والسؤال والاستفسار عن المنتج المباح في ذاته ؛ لاستبعاد وجود مثل تلك المحرمات فيها .
وبحسب البلاد المنتجة والمصنعة يكون جواب أهل العلم في التحري وعدمه ، ومن التحري : سؤال أهل العلم والخبرة بالتركيبات الكيماوية والمواد العضوية ، ومن التحري : قراءة المحتويات المكتوبة على الأطعمة ، وهي كافية للتأكد ، حتى لو كانت من بلاد كافرة ؛ لأن مثل هذه الكتابات تراعى خوفاً من القوانين ، والغرامات ، وهم عبدة أموال فلا يورطون أنفسهم بالكذب – غالباً - ، وما يجده عليها من رموز وأسماء مواد لا يفهم معناها : فليسأل عنها من هو أهل لذلك ، والعلم متوفر الآن بطرق كثيرة ، فمن اطمأن لهم من هذا الجانب ووثق بكتابتهم : فليكتف بقراءة قائمة المحتويات ، وإلا فيلزمه التأكد أكثر ، أو الاجتناب الكلي ، وهو الأسلم له .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
هل تجب قراءة قائمة المحتويات المكتوبة على الأطعمة ؛ للتأكد من عدم وجود المنتجات خنزيرية أو كحولية ؟ .
فأجابوا :
"نعم ، يجب ذلك" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/285) .
رابعاً :
كل ما سبق ذِكره هو في حال وجود لحم الخنزير أو شحمه قليلا كان أو كثيراً في الأطعمة أو الأشربة أو الأدوية ، فهل إذا صنِّعت تلك اللحوم والشحوم بما أحالها عن هيئتها يرفع عنها التحريم ، أو تظل محرَّمة واجبة الاجتناب ؟ .
اختلف في ذلك أهل العلم ، فرأى علماء اللجنة الدائمة للإفتاء أن التصنيع لا يرفع التحريم ، ولا يغيِّر من الحكم شيئاً ، وخالف في ذلك آخرون فرأوا – كـ " المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية " - حل الأعيان المحرَّمة النجسة إذا استحالت إلى شيء آخر يرفع نجاستها واسمها ، وهو يوافق ما رجحه ابن القيم رحمه الله (وهو الذي نراه راجحاً) ، وقد نقلنا كلا القولين في جواب السؤال رقم : (97541) .
ونضيف هنا : أن هذا هو – أيضاً – ترجيح " هيئة كبار العلماء " في المملكة العربية السعودية ، ففي كتابهم " البحوث العلمية " ( 3 / 467 ) قالوا :
"ونظير ذلك : طهارة ما سمِّد من الأشجار ، والزروع بالنجاسات ، وحل ثمارها بسبب الاستحالة ، ونظيره أيضاً : طهارة ما تخلل بنفسه من الخمر ، وحل الائتدام به ، وبيعه ، وشرائه ، وغيرها من أنواع الانتفاع ، بعد أن كان خمراً محرَّماً شربُها ، وبيعها ، وشراؤها ، وذلك بسبب الاستحالة" انتهى .
خامساً :
من أكل شيئاً من طعام محرَّم ، وهو لا يعلم عنه شيئاً : فالواجب تجنب ما بقي منه ، ولا يلزمه شيء فيما فات ، وليتحرَّ في المستقبل .
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
رجل أكل لحم خنزير وهو لا يعلم ، ثم جاء إليه رجل بعد أن انتهى من الأكل وقال له : بأنه لحم خنزير ، ولحم الخنزير كما نعلم محرم على المسلمين ، فماذا عليه أن يفعل ؟ .
فأجابوا :
"لا يلزمه شيء تجاه ذلك ، ولا حرج عليه ؛ لكونه لا يعلم أنه لحم خنزير ، وإنما يلزمه التحري ، والحذر في المستقبل" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/282، 283) .
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري |
---|
حكم استعمال الأغذية التي تحتوي على مواد خنزيرية وكيفية التصرف حيالها |