عنوان الفتوى : أراد تعظيم اسم الله فوقع في حرج شديد

مدة قراءة السؤال : 5 دقائق

أتمنى الاهتمام بتفصيل الرد على سؤالي لأنه رغم ما قد يستشف منه من أنه ساذج وبسيط إلا أن موضوعه يسبب لى حرجا عظيما قررت الخروج منه بأخذ الفتوى من عالم موثوق به يريح قلبى بالدليل، فأنا كمسلم أجل اسم الله وأحترمه وأرفعه قدر إمكاني عن الأماكن التى لا تليق به سواء فى الشارع أو غير ذلك رغم ما قد يحصل فى النفس من حرج فى بعض المواقف ولكني أجتهد لحفظ اسم الله وأسأل الله المغفرة فى الباقي، ولكن موضوع سؤالي هو أني فى مرة من المرات طلعت على سطح منزلي فوجدت الكثير من الكتب الدراسية منها الدينية ومنها غير الدينية والتى قد لا تخلو من وجود لفظ الجلالة وهذه الكتب وضعها فوق السطح بعض زوجات إخوتي ووضعوها داخل كراتين ورقية بغير إحكام.. والمشكلة أن السطح يتم تربية بعض الطيور عليه من دجاج وحمام وقدر رأيت الكثير من تلك الكتب قد تأذت بفضلات تلك الطيور، ونظراً لأني من النوع الذي ينتبه لحفظ اسم الله وأرى أنه لا يجب ترك اسم الله مهانا فقد دخل فى نفسي مما رأيت حرجاً شديداً من كثرة الكتب التي رأيت والورق والتي نادراً ما يخلوا أي منها من ذكر اسم الله ولو فى اسم مؤلف الكتاب أو عابرا فى إحدى صفحات الكتب، وأنا فى الوضع العادي أقوم بحرق أي ورقة أتحصل عليها فيها اسم الله لحفظها من المهانة، ولكني مع تلك الكمية من الكتب والورق التي وجدتها فوق السطح لما أردت أن أحرقها بدر فى عقلي سؤال وهو هل يجب تطهير الورق مما به من فضلات الطيور قبل حرقها وخصوصاً أن هناك بعض الورق مما لم يصب بتلك الفضلات حتى أنه فى الورقة الواحدة قد يكون أصيب نصفها بالفضلات والنصف الآخر لم يصب.. وأيضا قد تتوزع الفضلات على الورقة الواحدة بغير انتظام.. فلكم أن تتخيلوا كم يمكن أن يكون الورق مشوها بتلك الفضلات.. مما أوقعني ذلك فى الحرج فكيف أحرق الأجزاء النظيفة مع الأجزاء المتسخة فأنا أكون بذلك أجمع ما لم يصبه الفضلات مع ما أصابته الفضلات فأستوي أنا ومن أهان ذلك الورق بما يحتويه من أسماء الله تعالى... فحاولت أن آخذ الكتب كتابا كتابا لأنقيه من الفضلات فى الأجزاء التي لم تصب وأفصلها عن غيرها من الأجزاء التي أصيبت بالفضلات ولكم أن تتصوروا كيف يمكن أن يتم هذا.. فكنت أحيانا فى الكتاب الواحد آخذ ساعات لأفصل الأجزاء المصابة من غير المصابة بالفضلات.. حتى أن الورقة الواحدة أنظر فيها مثلا فأجد اسم الله فى جزء منها فأقطع هذا الاسم لوحده فى كيس بلاستيك مع القطع الطاهرة، ولكم أن تتصورا ما الحال لو كان هذا كتاب دين أو كتابا للنحو والتي يتكاثر فيها تكرار لفظ الجلالة.. وأترك لكم تخيل الوضع، وحاولت أقنع نفسي وأسأل غيري فمنهم من قال إن فضلات الطيور طاهرة فترد على نفسي فتقول هي طاهرة لمثلك ولكن ليست لتكون على اسم الله.. وخصوصا أن من العلماء من قال بعدم طهارة تلك الفضلات، فسد علي هذا الطريق، فقلت أسأل من هو أعلم ولكن لا أجد حولي من أثق فى علمه وقدرته على الاجتهاد فى أمر كهذا ورأيت من واجبى أن أسأل من يرى فى نفسه القدرة على استنباط الدليل ويلقى به إلي لعلي أستريح ولذلك راسلتكم بارك الله فيكم.. فأنا الآن استفتيكم ما الواجب علي فعله تجاه أمر كهذا، هل أحرق الورق كله مع بعضه ولا حرج.. أم يجب فعلا التطهير.. وهل يجوز أن أحرق الكتب الطاهرة أو معظمها طاهر مع الأخرى المصابة بالفضلات، أنا أريد فقط أعرف الحق وأظن فيكم أنكم لن تنطقوا إلا به ولا يهمنى إن كانت تلك المهمة ستأخذ الوقت الكثير أو القليل إذا كان ذلك يوافق مرضاة الله تعالى، ولكني أخشى أن أكون أعسر على نفسي بغير علم، وأيضا تبعا لذلك الموضوع يتفرع سؤال: فعندما آتي لأجلس على الكمبيوتر لأكمل بعض أعمالي إذ أنني مصمم برامج كمبيوتر يراودني وسواس أني لو أكملت فى هذا العمل فقد يصير محرما علي.. فكيف أترك تنظيف وتطهير الأوراق مع ما بها من لفظ الجلالة وأنتبه إلى أي عمل آخر، فهل يوجد ما هو أجل من اسم الله فتركت الاشتغال بأعمالي الخاصه لحين أجد ردا شافيا... فرجائي منكم أن تفتوني بالدليل الواضح الحاسم الذي لا يترك للوسواس مجالا، والرجاء أن أعرف اسم الشيخ المجيب على سؤالي هذا ودرجته العلمية حتى يطمئن فؤادي أني قد بذلت أقصى ما في وسعي، أعلم أن هذا الطلب الأخير سخيف مني أن أطلبه ولكن أسأل الله أن يرحمكم ويعافيكم مما يضطرني لمثله وأن تتقبلوه بصدر رحب فما جرأني إلا سعة صدركم، ورجائي في الله ثم فيكم؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمما يشكر لك ـأ خي السائل ـ حرصك على تعظيم اسم الله وصيانته عن الابتذال، وهذا من تعظيم شعائر الله الدال على تقوى القلوب، قال سبحانه: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32}، قال السعدي في تفسيره: فتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب، فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه، لأن تعظيمها، تابع لتعظيم الله وإجلاله.

فكل ما قد يفهم منه أنه إهانة أو استخفاف بذكر الله تعالى فلا يليق فعله، ولهذا المعنى نص أهل العلم على استحباب ترك ما فيه ذكر الله تعالى عند دخول الخلاء، وألحقوا بذلك أسماء الأنبياء والملائكة، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10882، 24215، 24521، 26844، 31109، 61357

ونصوا كذلك على منع إلقاء ذلك في سلة المهملات وأماكن القاذورات، وقد سبق بيان ذلك أيضا في الفتوي رقم: 43122، والفتوى رقم: 63171.

وبالجملة فلا شك ولا خلاف في لزوم تعظيم اسم الله تعالى، ولكن ينبغي أن يتم ذلك في حدود المقاصد الشرعية، والتي منها رفع الحرج والمشقة عن العباد، كما قال تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة: 6}.

 وقال سبحانه: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.

 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره. رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.

وقال صلى الله عليه وسلم: إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا. رواه البخاري.

 قال ابن حجروالمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب. قال ابن المنير: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع... وفي حديث محجن بن الأدرع عند أحمد: إنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمغالبة، وخير دينكم اليسرة. وقد يستفاد من هذا الإشارة إلى الأخذ بالرخصة الشرعية، فإن الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة تنطع. انتهى. 

والمقصود أنا ننبه السائل الكريم على أن تشديده على نفسه من هذا الباب قد يكون من الوسوسة المذمومة، وهي باب مشهور للوقوع في العنت والمشقة، فلا تفتح على نفسك هذا الباب، واكتف بإحراق أو دفن ما فيه اسم الله تعالى أو شيء من النصوص المعظمة شرعاً كنصوص الوحي والنصوص الشرعية، فإن العبد إذا فتح على نفسه باب الوسوسة فقد يلبس الشيطان عليه بأن الحرق أو الدفن نفسه فيه إهانة أعظم!! وهكذا يقع الإنسان فريسة للشيطان، يلبس عليه ويصرفه عن أعماله، كما وقع للسائل نفسه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: هلك المتنطعون قالها ثلاثاً. رواه مسلم.

 قال النووي: أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم. انتهى.

والله أعلم.