عنوان الفتوى : السياسة الشرعية.. نظرة تضامنية واقعية

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا أعمل محررا هل شغلي حرام لأنه في السياسة أم لا؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

خلاصة الفتوى:

العمل في السياسة ليس بحرام؛ بل هو من فروض الكفاية التي يؤجر عليها من قام بها بصدق وإخلاص نية.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن العمل في السياسة ليس بحرام ؛ بل هو من فروض الكفاية، وربما تعين على بعض الناس ممن يصلح له إذا لم يوجد من يقوم به ممن يصلح له، ومعناها سياسة الناس بالدين وتدبير أمورهم التي لا تستقيم إلا عليه ولا تستقر أحوالهم إلا به سواء كان ذلك في مجال التحرير.. أو أي مجال من مجالات الحياة ؛ فقد نص أهل العلم على وجوب تنصيب إمام أو خليفة للمسلمين، وأن ذلك من أهم مصالح المسلمين وأعظم مقامات الدين ؛ جاء في الأحكام السلطانية للماوردي .. والْإِمَامَةُ مَوْضُوعَةٌ لِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا، وَعَقْدُهَا لِمَنْ يَقُومُ بِهَا فِي الْأُمَّةِ وَاجِبٌ بِالْإِجْمَاعِ.

 وقال صاحب المراقي وهو يذكر فروض الكفاية:

فروضه القضا كنهي أمر    * رد السلام وجهاد الكفر

إمامة منه...

ولذلك ؛ فإن العمل في السياسة يؤجر صاحبه إذا أخلص النية وقصد بعمله التقرب إلى الله تعالى والقيام بهذا الواجب العظيم الذي ذهب بعض أهل العلم إلى أنه أفضل من فرض العين كما قال صاحب المراقي:

وهو مفضل على ذي العين     في زعم الأستاذ مع الجويني

ومع الأسف فقد شوهت هذه الفريضة العظيمة حتى أصبح كثير من أهل الدين والاستقامة يفر منها.. ويظن العامة أن الاشتغال بها لا يجوز، وأنها مرادفة للنفاق والخداع والغش والمكر.. وكل ذلك من جهل الناس بالدين وتلبيس العلمانيين والملحدين ومن تشربوا بثقافة الغرب النصراني التي تفرق بين الدين والسياسة وتقول: دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله، وما دروا أن الجميع لله كما قال- سبحانه وتعالى: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ.  وقال تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ. وقال تعالى: وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا.

وعلى هذا؛ فالدين شامل لجميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية...

وكل من عمل بإخلاص وصدق نية فهو مأجور إن شاء الله تعالى.

وتجدر الإشارة إلى أن كل ما ذكر إنما هو في السياسة الشرعية، وأما لو كان السائل يقصد سياسة الأحزاب أو التوجهات التي مبناها على الإلحاد في الدين أو المشتملة على شيء من البدع أو المحرمات فإن العمل فيها حينئذ لا يجوز، وكذا الانتماء إليها والإعانة عليها.

 والله أعلم.