عنوان الفتوى : " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ..."

مدة قراءة السؤال : 6 دقائق

أنا شاب مهندس ولي أخ مريض بمرض دم وراثي وأنا حامل لهذا المرض (أي إذا تزوجت امرأة حاملة لهذا المرض من الممكن أن يأتيني طفل مصاب بالمرض) والحمد لله وقبل التخرج قمت بخطبة ابنة خالتي, وخلال فترة صغيرة تعلقت بها كثيراً وأحببتها حباً شديداً, وخلال هذا الوقت كان والداي يودان أن يقوما بتحليل دم لابنة خالتي وأنا كنت معارضا؛ لأنه من الممكن أن يأتي ولد مصاب ومن الممكن أن لا يأتي, وبصراحة أنا كنت متخوفاً من أن تكون حاملة للمرض؛ لأنها تقربني, وبعد ذلك وافقت وقمنا بإجراء التحاليل وتبين أنها حاملة للمرض مثلي تماماً, ولكن كما قلت لكم كنت متعلقاُ بها كثيراً ولا أعلم لماذا؟ وقمت بإخفاء نتيجة التحليل عن أهلي وأهلها بعلمها هي حيث قمت بتغيير نتيجة التحليل طبعاً كنت أعلم عندها أنه من الممكن عند الحمل أن يتم إجراء تحليل للطفل بعمر قبل الأربع شهور ويعرف في هذا الوقت إذا كان مصاباً أم لا، وبالتالي يمكن أن يتم إجهاضه لأن حياته ستسبب له مشاكل كثيراً وفي أي لحظة يمكن أن يموت ولكن كما قلت لك من الممكن أن يتم الإجهاض قبل الأربع أشهر, وتم إخفاء النتيجة من قبلي وقبلها بنفس الوقت لأنه إذا علم أياً من أهلي أو أهلها بالموضوع فسيتم فسخ الخطبة، ولكن بعد ذلك الأمر استمرت خطبتنا حوالي 9 شهو خلال هذه الفترة أنا كنت أتعلق فيها أكثر وأكثر ولكن كانت تحصل بيننا مشاكل كثيرة ويوجد شيء لم أكن أفهمه حينها (موضوع النصيب وأن لكل إنسان نصيبه ومن الممكن أن يريد الإنسان شيئا والله لا يريده له فلا يحصل نصيب) وما جعلني أتعلق بها أكثر أن هناك شيئا يداهمني كثيراً أنني لم أكن أتصور أنني أستطيع رؤيتها مع أحد ثان غيري, وأنا كنت أفكر من باب أني خطبتها وأريدها وأريد إكمال حياتي ونيتي بها بالحلال ولم أكن أتصور للحظة أن أفقدها، ولكن بعد أن أتممت أمتحاناتي النهائية بيوم واحد حصلت مشلكة كبيرة وتشاجرت فيها مع والدي بحضورها, وفي هذا اليوم تم فسخ خطبتي منها وكان والدي السبب لأنه تدخل بيني وبينها، طبعاً أنا لا أخفي أنه حصلت بيني وبينها مشاكل كثيرة لأني أنا كنت من مكان وهي كانت تعيش بمكان ثم أتت لبلدنا مع أهلها عندما أصبحت كبيرة, أي هناك اختلاف بالعادات وخلال خطبتي لها وبعد أن علمت بموضوع التحليل كنت أشعر بشيء أنني سأبتعد عنها في يوم ما ولا أعرف لماذا وكنت أحس بأن الله لا يريد أن يتم هذا الزواج ممكن لاختلاف بيئتي عن بيئتها لا أعلم, وبالفعل هذا لم يحصل وفي نفس السنة رزقني الله وأهلي العمرة لبيته الحرام وكما قلت لك تم فسخ الخطبة بعد انتهاء أمتحاناتي, ولو كانت قبل ذلك لما أتممتها ومنذ ذلك الوقت أشعر بأن الله لم يكن يريد لي هذا الزواج وأنا والحمد لله أحوالي تحسنت وأعمل الآن بالخليج وفي ذلك الوقت كنت متضايقا مادياَ بشكل كبير، ما أريد أن أسأله: فهل الشيء الذي حصل معي هو عقاب لي أم أنه رضا من الله؟ لأنني كنت سأتعب معها وأيضاً مع أولادي بسبب هذا المرض (حتى أن أمي لم تكن موافقة عليها ولكن والدي الذي خطبها لي بالبداية) وكما قلت لك إنني تعلقت بها كثيراً والله ولم أكن أريد أن يحصل هذا الشيء كنت أريد أن أتزوحها على سنة الله ورسوله, وأنا الآن بعد سنتين من هذا الأمر وحتى الآن أنا محتار لهذا الأمر الذي حصل معي هو أن ربي يريد لي أمراً آخراً، وأنا علاقتي مع الله معتدلة أصلي الفروض والحمد لله وأشكره على الداوم على نعمه ولكن مسألة الزواج أتعبتني نفسياً فأنا والله أريد الحلال وأخشى على نفسي الوقوع بالحرام, ووالدتي الآن تبحث لي عن فتاة جديدة، ولكن كما قلت لك: أصبح قلبي ضعيفاً بعد هذا الأمر وحتى هذا الوقت أشعر بغصة في قلبي وأحاول أن أرضي نفسي وأقول هذا من فضل الله أن لم يرد لي ذلك لأنه يريد لي أفضل منها وأقنع نفسي بأنني بذلك الوقت لم أكن أستطيع الزواج مادياً ولكن بعدما تخرجت الآن الحمد لله تغير الوضع، فهل ما حصل معي هو رضاً من الله أم غضب منه علي لأنني أخفيت ذلك الأمر ومع أنني لو قلته أمام الجميع لفسخت خطبتي عنها وأنا والله العظيم أريد أن أعيش بالحلال وأبحث عنه حتى الآن، وأخشى أيضاً أن ألتقي بفتاة أخرى ويجري نفس الأمر معها فأنا لا أستطيع أن أطلب منها أن تجري االتحليل بالبداية وغير ذلك الأمر إن كثيراً من العوائل إذا علموا أني حاملا لمرض أخي أتوقع أنهم لن يوافقوا مع أنني إنسان عادي والحمد لله أتمتع بصحة جيدة وهذا الأمر فقط يؤثر على الأولاد ولا أعلم ماذا أفعل، فأرجو لكم أن تدعو لي بإيجاد الفتاة الصالحة وأن يهدينا الله وشباب المسلمين لما يحبه ويرضاه وأعتذر عن الإطالة، وبصراحة أيضاً أرجو أن تدلوني على شيء أستطيع التقرب منه لله فوالله أريد حفظ القرآن ولا يتسنى لي أريد الاستماع لدروس دينية ولا يتسنى لي وكذلك أمور كثيرة فحياتي أشعر بها كأنني أتقرب لله يوما وأبعد عنه أياما، وأنا لا أريد ذلك أريد التقرب منه. وشكراً لكم فأفيدوني أفادكم الله؟

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. رواه مسلم.

ولعل من رحمة الله بك أخي الكريم وبهذه الفتاة أن صرفكما عن هذا الزواج، وأسأل الله أن يعوضك زوجة صالحة تكون عوناً لك على دينك ودنياك، وأن يعوضها زوجاً صالحاً يكون عوناً لها على دينها ودنياها من غير أن يكون بلاء يصيب أحدكما بسبب ما تحملانه من مرض.

 فثق بالله تعالى واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما قضاه الله لك هو الخير، وعليك دائماً أن تتوسل إلى الله دائماً بالدعاء وقراءة القرآن، وحضور مجالس العلم، وننصحك بالمحافظة على صلاة الجماعة بالمسجد، وأن يكون لك صحبة صالحة مؤمنة تستشيرهم فيما يعرض لك، ولا تنس دائماً أن تستخير الله عز وجل إذا قدمت على عمل أو زواج أو نحو ذلك، وفقك الله وهداك لتقواه، وجعلنا جميعاً أهلاً لرضاه ولجنته.

والله أعلم.