عنوان الفتوى : ما أجمع عليه العلماء في الغناء
عندي وجهة نظر خاصة بي ولا أريد أن أفتيها لأحد لكي لا أكون مسؤولا عنها أمام الله يوم القيامة, ولكني سأناقشها معكم لأعلم ما إن كنت علي خطأ أم على صواب, والموضوع هو تحريم الموسيقي... بصراحة مع احترامي الكامل لجميع العلماء الذين أقروا بتحريمها, فأنا أرى أنهم قد بالغوا في تحريم الموسيقي والغناء بحجة أن الموسيقي تصد عن ذكر الله, فأنا أقول إني أسمع الموسيقى ولكني والحمد لله أصلي وأقوم بالفرائض ولا أعصي ربي ما استطعت وأبتعد عن الفواحش والكبائر والحمد لله، ويحتجون ببعض الآيات ومنها قوله تعالى(لهو الحديث) فالله تعالى في هذه الآية بحسب رأيي لم يذم لهو الحديث وإنما ذم من يشتري لهو الحديث ليضل به عن سبيل الله والله أعلم, كما أن هذه الآية لم تنزل في الغناء بحد ذاته وإنما نزلت (بحسب أكثر التفسيرات) في أحد كفار قريش كانت له جارية تغني وتلهي الناس عن ذكر الله, والله أعلم. واستدلوا بقوله تعالى (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) بحجة أن صوت الشيطان هو الغناء, فأنا أقول أنه لا يوجد في هذه الآية ما يدل علي أن صوت الشيطان هو الغناء والله أعلم، وبعضهم استدل بقوله تعالى (والشعراء يتبعهم الغاوون) فهذه الآية لم تقصد الشعر نفسه وإنما قصدت شعراء كفار قريش والله أعلم، وبالنسبة للأحاديث التي نقلت عن الرسول الكريم فكلها أحاديث ضعيفة ولا يوجد فيها حديث صحيح صريح أو صريح صحيح ولم يسلم أي منها من الضعف, ومن المعروف أن الأحاديث الضعيفة لا يعتد بها في الفتاوى, وفي النهاية الله أعلم... سؤالي هو هل أنا على خطأ أم على صواب؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمسألة الغناء مسألة قديمة البحث بين أهل العلم حديثة الإثارة لما استجد من أنواع وأشكال وفيديوهات وغير ذلك مما لا يخفى، فاعلم أن العلماء أجمعوا على:
1- أن الأغاني التي فيها رقص ومجون وكشف لما أمر الله بستره كما هو الحاصل في الفيديو كليب كله محرم قطعاً.. لا خلاف بين أهل العلم اليوم به... ولا يوجد من العلماء المتقدمين من يبيح ذلك لا ابن حزم ولا غيره، لما فيها من أنواع المعاصي المختلفة والمجون الظاهر والفتنة والشهوات التي جاءت الشريعة آمرة بما يحفظها ويوجهها، وهذه الشريعة الإسلامية آمرة بالنص بعدم ضرب الرِجْل من المرأة: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:31}، وآمرة بغطاء الرأس والصدر وستر البدن بنصوص قطعية الثبوت والدلالة في القرآن والسنة، فلا يمكن للمسلم فضلاً عن عالم أن يقول بورود الخلاف في مثل هذا فتنبه لئلا يشتبه عليك الأمر وتزل القدم.
2- واتفق العلماء في الجملة على جواز الغناء المسمى بالأناشيد الإسلامية إذا كانت بلا دف، واختلفوا إذا كانت مع دف والراجح الجواز لأنه ضرب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في حديث المرأة التي قالت: نذرت أن أضرب على رأسك بالدف، قال: أوفي بنذرك. وهو صحيح... وهكذا في حديث الجاريتين في يوم العيد، ولم يرد تخصيص صريح أنه للنساء سوى العادة والعرف، ولم يرد أنه في الأعراس والأعياد بنص صريح صحيح، والمسألة محتملة فالبقاء على الأصل هو الصواب حتى ينقل عنه ناقل راجح خال عن المعارض الصحيح.
3- أما بالنسبة لخلاف العلماء في الغناء فهو الغناء بالقول المباح الخالي عن المجون إلا أنه مصحوب بنغمة آلة موسيقى فذهب ابن حزم إلى جوازه، وقام عليه العلماء رداً وتعقباً من كل صوب ومستدلين ومصححين لحديث المعازف المعلق في البخاري الموصول بطرق صحيحة في غيره: يستحلون الحر والحرير والمعازف. وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 987، 5282، 93409، 4588.
والله أعلم.