عنوان الفتوى : الواجب استقبال جهة الكعبة
نحن في مدينة تقع في شمال غرب الجزائر نصلي في مسجد اتجاه الشرق وكما هو معلوم فإن موقع مكة من هذه المدينة هو الجنوب الشرقي فما حكم صلاتنا في هذا المسجد ؟ وهل يجب علينا ترك الصلاة فيه إلى غيره من المساجد الأخرى في المدينة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يدل عليه الدليل أنه لا يلزم غير المعاين للكعبة استقبال عينها وإنما يكفيه استقبال جهتها؛ لقوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ {البقرة:144}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ما بين المشرق والمغرب قبلة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة: وروى الأثرم عن عمر وعلي وابن عباس أنهم قالوا : ما بين المشرق والمغرب قبلة ، وعن عثمان أنه قال: كيف يخطئ الرجل الصلاة وما بين المشرق والمغرب قبلة ما لم يتحر المشرق عمدا. انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: الواجب على الإمام والمأموم استقبال جهة الكعبة، لقول الله سبحانه : وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره. ولقوله صلى الله عليه وسلم : مابين المشرق والمغرب قبلة. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وهذا خطاب لأهل المدينة ونحوهم ممن هو في شمال الكعبة أو جنوبها، وظاهره أن جميع ما بينهما قبلة.
وأما من كان عن الكعبة غربا أو شرقا فإن القبلة في حقه ما بين الشمال والجنوب، ولأنه لو كان الغرض إصابة العين على من بعد عن الكعبة لما صحت صلاة أهل الصف الطويل على خط مستو، ولا صلاة اثنين متباعدين يستقبلان قبلة واحدة، فإنه لايتأتى أن يتوجه إلى الكعبة مع طول الصف أكثر من قدر الكعبة . انتهى.
وعليه؛ فإذا كانت صلاتكم في هذا المسجد يصدق عليكم أنكم مستقبلون جهة الكعبة وإن مع انحراف يسير فهي صحيحة، ولا يلزمك أن تترك الصلاة مع الجماعة في هذا المسجد، ولكن ناصح القائمين عليه بمحاولة التدقيق في إصابة القبلة دفعاً للفتنة ورفعاً للخلاف، وأما إذا كانت قبلة المسجد منحرفة انحرافا كثيرا بحيث يخرج عن استقبال الجهة فإن الصلاة لا تصح، وعليكم استقبال القبلة ولو في ذاك المسجد بالانحراف فيه إلى جهة القبلة.
والله أعلم.