عنوان الفتوى : شروط من يُقبل خبره في تحديد اتجاه القبلة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

سألت إحدى مدرسات الجامعة عن القبلة، لأنه وقت اختبار، ولم أستطع الذهاب لمصلى الجامعة، وصليت حسب تحديد المعلمة للقبلة؟ وقد أعطتني وصفين واحترت، لكنني صليت فهل صلاتي صحيحة؟ أم يلزمني القضاء؟.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإن كانت تلك المعلمةُ كافرةً فإنه لا يُقبَلُ خبر الكافر في اتجاه القبلة، لأن هذا من الأمور الدينية، وهذه لا يقبل فيها خبر الكافر، قال الإمام النووي في المجموع: وَلَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْكَافِرِ فِي الْقِبْلَةِ بِلَا خِلَافٍ... اهــ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: وَلاَ يُقْبَل خَبَرُ الْكَافِرِ فِي شَأْنِ الْقِبْلَةِ، وَلاَ خَبَرُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ.. اهـ.

ويشترط فيمن يقبل خبره في تحديد اتجاه القبلة أن يكون: مُسْلِمًا، عَاقِلاً، بَالِغًا، عَدْلاً، سَوَاءٌ أَكَانَ رَجُلاً أَمِ امْرَأَةً، وإذا كان فاسقا لم تقبل شهادته أيضا في تحديد اتجاه القبلة، جاء في الموسوعة الفقهية عن شهادة الفاسق في اتجاه القبلة: وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْفَاسِقِ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى عَدَمِ قَبُول خَبَرِهِمَا، لأِنَّ رِوَايَتَهُمَا وَشَهَادَتَهُمَا لاَ تُقْبَل... أَمَّا الْفَاسِقُ فَلِقِلَّةِ دِينِهِ، وَتَطَرُّقِ التُّهْمَةِ إِلَيْهِ.. اهـ.

وعليه، فإذا كانت تلك المرأة كافرة أو مسلمة غير محجبة لم تقبل شهادتها في تحديد اتجاه القبلة؛ لا سيما وأنها أخبرتك باتجاهين مختلفين على ما فهمنا من قولك: أعطتني وصفين، واحترت ـ فلو كانت ممن تقبل شهادتها وأعطتك اتجاهين مختلفين لزمك التحري، فإذا لم تجدي أحدا مقبول الشهادة يخبرك باتجاه القبلة، فالواجب عليك حينئذ أن تتحري، لأن من جهل اتجاه القبلة ولم يستطع الاستدلال عليها بمحاريب المسلمين، ولا بخبر من يُقبلُ خبره منهم، فإنه يلزمه التحري، قال الإمام النووي في المجموع: إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْغَائِبُ عَنْ أَرْضِ مَكَّةَ الْقِبْلَةَ وَلَمْ يَجِدْ مِحْرَابًا وَلَا مَنْ يُخْبِرُهُ عَلَى مَا سَبَقَ، لَزِمَهُ الِاجْتِهَادُ فِي الْقِبْلَةِ وَيَسْتَقْبِلُ مَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ... اهـ.

وإذا صليت بغير اجتهاد، فلا تصح صلاتك، ويلزمك القضاء، قال في المجموع: وَلَوْ تَرَكَ الْقَادِرُ عَلَى الِاجْتِهَادِ الِاجْتِهَادَ وَقَلَّدَ مُجْتَهِدًا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَإِنْ صَادَفَ الْقِبْلَةَ، لِأَنَّهُ تَرَكَ وَظِيفَتَهُ فِي الِاسْتِقْبَالِ، فَلَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ تَقْلِيدٍ وَلَا اجْتِهَادٍ وَصَادَفَ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالِاتِّفَاقِ، وَسَوَاءٌ ضَاقَ الْوَقْتُ أَمْ لَمْ يَضِقْ. اهــ.

لا سيما في هذا العصر الذي تطور فيه العلم، وكثرت فيه الآلات التي تدل على القبلة بطريقة ربما دقيقة، فإن التقصير مع وجودها قد لا يُعذرُ فيه المرء، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: إذا ثبت لدى أهل الخبرة الثقات من المسلمين، أن جهازًا، أو آلة تضبط القبلة، وتبينها عينًا، أو جهة، لم يمنع الشرع من الاستعانة بها في ذلك، وفي غيره، بل قد يجب العمل بها في معرفة القبلة، إذا لم يجد من يريد الصلاة دليلًا سواها. اهـ.

والله أعلم.