عنوان الفتوى : سبيل الوصول إلى مقام الرضى
سؤالي مختصر، ولكني بحاجة إلى جواب شاف (كعادتكم) عليه؟ كيف أحقق الرضا عن الله؟ ، وأطبق الآية: (رضي الله عنهم ورضوا عنه) أفيدوني أفادكم الله ..... وجزاكم الله خيراً.
خلاصة الفتوى: من أراد الوصول إلى مقام الرضى فعليه أن يستشعر عظمة نعم الله تعالى التي تغمره وتحيط به من كل ناحية، وأعظمها نعمة الهداية إلى هذا الدين العظيم.
فإن هذا السؤال وإن كان مختصرا فإن معناه كبير ولكننا نختصره فيما يلي: هذه الآية المذكورة وصف الله عز وجل بها السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ومن اتبعهم بإحسان، فقال تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ {التوبة:100} كما وصف بها أصحاب الإيمان الصادق والأعمال الصالحة ومن خشي الله على العموم، فقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ {البيِّنة:7-8}
فهؤلاء رضوا عن الله تعالى ورضي عنهم، لاحظوا أن نعمه تغمرهم من كل جهة؛ لاحظوا نعمة الإيجاد ونعمة الهداية، وكل ما يحيط بهم نعمة مسخرة لخدمتهم، استشعروا معنى قول الله تعالى: وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {النحل:78}. وقوله تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ* وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا {إبراهيم: 33-34}
فمقام رضى العبد عن ربه مقام رفيع لا يصل إليه إلا أصحاب الهمم العالية، فمن أراد تحقيقه في نفسه لا بد أن يجاهدها ويسير على خطى أولئك القوم المذكورين ويتصف بأوصافهم، فيحقق الإيمان بالله تعالى ويحذر من كل ما يخدشه من أنواع الشرك الظاهرة والخفية وسائر أمراض القلوب ومن الذنوب والمعاصي.
ويحافظ على أداء ما افترض الله عليه ويتقرب إليه بما استطاع من النوافل وأعمال الخير. ويرضى بقضائه، ويستشعر عظمة نعم الله عليه التي تغمره من كل جهة وأعظمها نعمة الهداية إلى هذا الدين العظيم، فقد قال سبحانه وتعالى: وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ {الزُّمر:7}.
وللمزيد انظر الفتويين:44176، 74127.
والله أعلم.