عنوان الفتوى : الحكمة من توثيق عقود المعاملات
هل عدم توقيع عقد فيه تسليم مشروع تقني يعتبر من الفسوق... مثال: تصميم مقطع من واقع افتراضي (3D Anmiation) يحتاج تسليمه إلى العميل من 15 إلى 60 يوم عمل، سبب سؤالي أنني لاحظت أن أغلب المشاريع التجارية على مستوى المؤسسات الصغيرة في العالم العربي يغيب عنها توقيع عقود موثقة وفي الغالب هذه المؤسسات الصغيرة تنهار نتيجة خلاف أو اختلاس، غالباً يكون المختلس شخصا مقهورا وغير مواطن وحقوقه مسلوبة وتم بخسه عند تثمين مجهوده، الظاهر أن بخس الحقوق يولد القهر ويولد الحقد، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (البقرة:282)؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله عز وجل قد أمر بتوثيق العقود التي تقع بين الناس حسما للنزاع، وسداً لباب الخصام، وحفظاً للحقوق، ومع هذا فإن هذا الأمر بالتوثيق أمر إرشاد وتوجيه لما فيه المصلحة، وليس أمر إيجاب وإلزام، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 14532.
فينبغي للمسلم أن يوثق عقوده كما أمر الله تعالى حفاظاً على حقه ودرأ للخصومة والتنازع مع غيره، مع العلم بأن عدم توثيق المعاملات لا يعني بالضرورة ضياع الحقوق، فإن هناك من يحمله دينه وأمانته على تأدية الحقوق لأصحابها، وراجع الفتوى رقم: 18198.
هذا؛ واعلم أن المراد من قوله تعالى: وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ {البقرة:282}، هو أن مضارة الكاتب والشهيد فسوق؛ وليس المقصود أن عدم التوثيق فسوق.
وإذا تعرض الشخص لظلم ما فإنه يستطيع أن يدفعه عن نفسه بالطرق المشروعة مثل رفع الأمر إلى من يستطيع دفع الظلم من المسؤولين من القضاة ونحو ذلك من الطرق، فإن لم يجد من ينصفه فقد أجاز له جمهور أهل العلم أن يأخذ من مال من ظلمه مقدار حقه فقط ولو كان ذلك بغير علمه، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى مفسدة أعظم كأن يتهم بالخيانة ونحو ذلك، وهذا ما يعرف عند أهل العلم بمسألة الظفر، وقد تقدم الكلام فيها في الفتوى رقم: 28871، والفتوى رقم: 36045...
وراجع في حكم وضوابط الـ Animation الرسوم المتحركة الفتوى رقم: 3127.
والله أعلم.