عنوان الفتوى : الكتابة والإشهاد في الديون ليسا بواجبين
1- في الآيات (282 و 283 ) من سورة البقرة يأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بكتابة الدين إذا تداينوا.فهل يأثم من لم يكتب وخاصة إذا كان المدين أحد الأقارب ؟
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتندب كتابة الدين والإشهاد على البيع، وليس ذلك بواجب، فلا يأثم من تركه، سواء كان المدين من قرابته أو من غيرهم، لأن الأمر بهما ورد مقروناً بقوله تعالى: ( فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [البقرة: من الآية283]
فثبت بذلك أن الأمر بهما ندب وليس بواجب. قال أبو بكر بن العربي رحمه الله في أحكام القرآن: ( ولا خلاف بين فقهاء الأمصار أن الأمر بالكتابة والإشهاد والرهن المذكور جميعه في هذه الآية ندب وإرشاد لنا إلى ما لنا فيه الحفظ والصلاح والاحتياط للدين والدنيا، وأن شيئاً منه غير واجب. وقد نقلت الأمة خلف عن سلف عقود المداينات والأشرية والبياعات في أمصارهم من غير إشهاد، مع علم فقهائهم بذلك من غير نكير منهم عليهم، ولو كان الإشهاد واجباً لما تركوا النكير على من تركوه مع علمهم به، وفي ذلك دليل على أنهم رأوه ندباً، وذلك منقول من عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا لو كانت الصحابة والتابعون تشهد على بياعاتها وأشريتها لورد النقل به متواتراً مستفيضاً، ولأنكرت على فاعله ترك الإشهاد، فلما لم ينقل عنهم الإشهاد بالنقل المستفيض، ولا إظهار النكير على تاركه من العامة، ثبت بذلك أن الكتابة والإشهاد في الديون والبياعات غير واجبين) انتهى. وقد ذهب ابن جرير الطبري وبعض السلف إلى وجوب كتابة الدين، لقوله سبحانه وتعالى: (فاكتبوه) والصواب ما عليه عامة الفقهاء.
والله أعلم.