عنوان الفتوى : البر بالوالد لا يمنع من الشهادة عليه بالقسط
أنا شاب ملتزم متزوج وعندي ولد وأخ أصغر أمي وأبي متزوجان من مدة 30 عاما وهما في مشاكل بسبب طبع أبي المستبدالذي طال أمي وأهلها بالأذى الى ابعد الحدودلم تطلق منه خوفا من انتقامه منها وتدميره لنا فصبرت ونالت منه الويل وشهدنا ذلك لما كبرنا طلبت منه الطللاق مرارا فكان يرفض ويزيد العذاب , قطع صلة رحمه من أهلها وأهله لوقوفهم جانبها , وهددني بأن لا أساعدها إن لجأت لي. بعد استحالة الحياة معه هربت من البيت ولجأت الى مكان لا يعرفه احد إلا انا, ذلك لكي لا يطيل الأذى لأحد ولا يتربص مكانها، حيُُث انه هددها بالقتل وانه سيلاحقها اينما ذهبت فى هذا العالم . بلغت الشرطة للحماية وطلبت مني الشهادة لأنه حصل التهديد امامي أبي اتهمها بهروبها مع رجل اخر وانها سرقت مالا من البيت وانا على يقين انه كذب. ثم انه يطالبني الآن بمال أنفقه علي وهدد ان يرفعه الى القضاء , ذلك حتى أعجز عن الانفاق على امي. ثم انه فرق بينى وبين أخي وأمي وغسل افكاره حتى انه انقطع عنا ما حكم هذا الأب والى أي مدى اقف مع أمي ضده ما حكم الشهادة ضده، زعم انه قالها عن غضب ولكنى اعلم انه كان يعنيها, علما انه في شخصيته شىء من اليأس والافكار الانتحارية لكن لا أحد صدق
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن البر بالوالد واجب مع اتصافه بالظلم والاستبداد وغير ذلك من الصفات التي وردت في السؤال، فلن تكون تلك الصفات القبيحة أعظم جرماً من الكفر بالله عز وجل، ومع ذلك يقول الله عز وجل: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان:15].
ولكن البر المأمور به تجاه الوالد لا يمنع من إنكار المنكر الذي يقع فيه ومنعه من الظلم والشهادة عليه بالقسط، كما قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [النساء:135]، قال الشافعي رحمه الله تعالى: والذي أحفظ عن كل من سمعت منه من أهل العلم في هذه الآيات أنه في الشاهد وقد لزمته الشهادة وأن فرضاً عليه أن يقوم بها على والديه وولده والقريب والبعيد... انتهى.
قال بن العربي عند تفسيره الآية المتقدمة: أمر الله سبحانه بالشهادة بالحق على الوالدين، الأب والأم وذلك دليل على أن شهادة الابن على الأبوين لا يمنع ذلك برهما، بل من برهما أن يشهد عليهما بالحق ويخلصهما من الباطل. انتهى.
والله أعلم.