عنوان الفتوى : فسخ الخطبة من قبل أهل الزوجة هل يعد ظلما
جزاكم الله خيراً على هذا الجهد الجهيد، جعله الله فى ميزان حسناتكم يوم القيامة.. مشكلتي أنني خطبت فتاة محجبة جميلة متدينة جداً حافظة لكتاب الله، ومن أسرة على قدر كبير من الصلاح والاستقامة نحسبهم كذلك ولا نزكيهم على الله أبداً، واكتشفت بعد الخطوبة أنهم أغنياء أيضا وأنا من أسرة متوسطة شبه ميسورة ولله الحمد والفضل، ووعدناهم بالاستجابة لكل طلبات ومستلزمات الزواج وتم الاتفاق على كل شيء، وقاموا جميعا بمعاينة شقة الزوجية ولم تعجب خطيبتي ووعدت أنا بالبحث عن أخرى فوراً، إلا أن والدها رفض وقال لي إن الشقة جيدة والإنسان يبدأ حياته صغيراً ثم يكبر وينمو مع الأيام ويأتيه الرزق والسعة من عند الله، وكان الرجل قمة في علمه وتواضعه وأخلاقه وفوق كذلك كان مقتنعا بي ويحبني ويحترمني جداً، دامت الخطبة أسابيع قليلة جداً، ثم فوجئت باتصال تليفوني من والدتها تخبر والدتي أن كل شيء نصيب وشاكرين لكم، وهكذا وبكل بساطة انتهى الموضوع وبدون أي أسباب، أنا لم أحاول الاتصال بهم مرة ثانية، على أساس أن الإنسان لديه كرامة وأن هؤلاء الناس (غفر الله لهم) يقولون لك لا نريدك، وبالتالى اتصالي يعتبر تطفلا عليهم، وانتهى الموضوع ويشهد الله أنني لم أرتكب أي مخالفة معهم سواء أكانت دينية أو دنيوية وكنت في الأيام القليلة التي قضيتها معهم مثال لحسن الخلق والأمانة والأدب، لم يؤثر في هذا الموضوع كثيراً وقمت بخطبة فتاة أخرى رشحها أخي من أسرة فقيرة ولكن ذات دين وأخلاق حسنة، كنت أتعشم في فتاتي الجديدة الخير والالتزام وتزوجتها، وللأسف وجدتها عصبية جداً وسيئة الخلق حتى مع أهلها، لا تحافظ على صلواتها ولا تحترم وتقدر زوجها حتى بت أظن أنها تكره نفسها أيضا مع كمية الحقد والغيرة التى تملأ قلبها وتحكم تصرفاتها وسلوكها، وإلى الآن أنا صابر عليها وأحاول أن أعالجها بما يرضي الله من وعظ وتذكير أحيانا ومن حب وحنان وإكرام أحيانا أخرى، وأتذكر على فترات متابعة فتأتي الأولى وأقول سامحكم الله، لماذا فسختم الخطبة والتي هي وعد بالزواج بدون أي سبب واضح ديني أو دنيوى معنويا أو ماديا، قدر الله تعالى وما شاء فعل، ولله الحمد والفضل والمنة والثناء الحسن... و
خلاصة الفتوى:
الخطبة وعد ينبغي الوفاء به، ولكل من الزوجين فسخها إن بدا له ذلك لسبب معتبر، ولا يعتبر الطرف الآخر مظلوماً في هذه الحالة، ومن ابتلي فصبر فذلك خير له يثاب عليه ويكفر به من سيئاته، فاحمد الله تعالى واصبر واحتسب الأجر عنده تجده، واجتهد في إصلاح زوجتك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالخطبة وعد بالزواج ينبغي الوفاء به من كلا الطرفين، لكن إن بدا لأحدهما فسخها لسبب معتبر فلا حرج في ذلك كعدم الارتياح النفسي للخاطب ونحوه، ومهما يكن من أمر فما حصل فهو خير لك إن صبرت واحتسبت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له. رواه مسلم.
وما دام المرء لا يدري خيره من شره فعليه أن يكل أمره إلى خالقه ويعلم أن ما يقدره له هو ما فيه خيره وإن كرهه ورأى الخير في غيره، قال تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1217، 2050، 2056.
والله أعلم.