عنوان الفتوى : حكم الصلاة في مسجد بني على أرض مغصوبة
الحمد لله وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله، أما بعد : فأردت أن أستفتيكم عن الصلاة في مسجد سمعت أن أرضه مغتصبة ولكنى عندما سألت الذي بناه وهو صاحب العمارة التي فوقه أكد لي أن هذا الكلام ليس صحيحا ً وقال إن الأرض كانت ملكا ً لرجل يهودي أجلته الثورة عن مصر، وبذلك فتكون الأرض ملكا ً للدولة، ولكن الدولة لم تضع يدها على الأرض، وبنى هو عمارته وأنشأ تحتها هذا المسجد، فأولا: ما حكم هذا المسجد هل أرضه مغتصبة أم لا؟ ثانيا ً:إذا كانت الأرض مغتصبة فالصلاة فيها صحيحة مع الإثم، على من يكون هذا الإثم، يكون على الذي اغتصب الأرض أم على كل من يصلي فيها، علما ً بأن المصلين لا يستطيعون أن يتحروا الحقيقة في هذا الأمر ولا أن يتأكدوا منه؟ ثالثا ً : ما جزاء من يطلق الإشاعات من عوام الناس على اغتصاب أرض المسجد دون علم، وهل هو من الذين يصدون عن سبيل الله وعن مساجد الله؟ وجزاكم الله خيرا .ً
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأرض إذا كانت ملكا لرجل يهودي أو على أي دين آخر، فإنه لا يجوز أن تجليه الثورة ولا غيرها عنها. وبذلك تعلم أن الأرض المذكورة ليست ملكا للدولة، وما حصل فيها من العمران إنما هو محض غصب. وغصب الأرض من أشد الأشياء تحريما فالوعيد فيه شديد لما روى البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: من ظلم قيد شبر طوقه الله من سبع أرضين. وفي رواية: من أخذ شبرا من الأرض بغير حق طوقه الله في سبع أرضين يوم القيامة.
وقد نص الفقهاء على أنه يشترط للمسجد أن لا يقام على أرض مغصوبة، وإذا أقيم على أرض مغصوبة حرمت الصلاة فيه.
قال الشيرازي في المهذب: ولا يجوز أن يصلي في أرض مغصوبة، لأن اللبث فيها يحرم في غير الصلاة، فلأن يحرم في الصلاة أولى.
وقال النووي في شرحه لكلام الشيرازي: الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع.
وعليه، فالصلاة لا تجوز في المسجد المذكور، لكن جمهور أهل العلم على صحة الصلاة فيه مع الإثم، وخالف الحنابلة فذهبوا إلى بطلانها.
والإثم يكون على من اغتصب الأرض، وعلى كل مصل عالم بذلك.
ومن هذا تعلم -أيضا- أن مشيع مثل هذا الخبر يعتبر ناهيا عن المنكر، وليس من الذين يصدون عن سبيل الله وعن مساجد الله.