أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : التوبة من صحبة الفتيات ومشاهدة المواقع الإباحية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قصتي تتلخص بأني كنت في ما مضى بعيداً عن الدين، أفكر بكل ما هو مادي، أحلل كل الأحداث، وأتعاطى معها بطريقة أقرب للشيوعية، كان همي الوحيد أن أشبع رغباتي، وأن أصاحب الفتيات، وليس أي نوع، فقد كانت تستهويني فتيات النصارى، ولقد كانت لي عادات سيئة كثيرة، مثل إدمان زيارة المواقع الإباحية وغيرها، لم أكن أبداً شخصاً مسلماً سوى بالهوية، ولقد حصلت لي في الفترة الأخيرة سلسلة الابتلاءات، ودوامة من الفراغ أعادتني - بفضل الله تعالى - إلى طريق الهداية والإيمان، وعدت للإسلام، وغيرت أسلوب حياتي للأفضل وإلى ما يرضي الله تعالى، فعرفت لذة الإيمان، وعرفت هدفي في حياتي، حتى أني غيرت اسمي من اسم يسميه النصارى إلى عبد الرحمن. رغم هذا التحول الكبير في حياتي، ورغم تغلبي على كثير من المشاكل والهفوات إلا أنه ظل شبح الماضي يلاحقني، ولم أستطع التغلب على مشكلتين:
الأولى: مصاحبة الفتيات، فكلما أردت الابتعاد وسوس لي الشيطان وعدت، ولقد جربت جميع الطرق ولم أفلح، فأنا دائماً ما أصادقهن، وخصوصاً في الجامعة، وبحكم معرفتي القديمة بهن أعاود التكلم معهن.
الثانية: زيارتي للمواقع الإباحية، هي المشكلة الثانية التي لم أستطع التغلب عليها، فكلما كدت أنجح عدت للأسوأ. لقد جربت جميع الطرق، وضقت ذرعاً للتخلص من هاتين المشكلتين ولم أفلح. أريد عودة صادقة لله تعالى، وتوبة نصوحاً خالية من جميع الذنوب، وأريد أن أكون عبداً من عباد الله الصالحين. أرجو منكم أن تدلوني على الطريق، وتضعوا لي برنامجاً للتوبة، وأعاهدكم أن أتقيد به ولو كلفني حياتي. وأرجو منكم ألا تصعبوا عليّ، فما زلت حديث العهد بالإسلام، وليس لدي اليقين القوي والإيمان القوي، ولكني بعون الله أملك الإرادة الصلبة.
وشكراً لكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يملأ قلبك بالخشية منه، وحسن الظن به، وصدق التوكل عليه، وأن يجعلك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين.
وبخصوص ما ورد في رسالتك ابني الكريم عبد الرحمن! فإن الإقامة في بلاد الكفر لها ما لها وعليها ما عليها، فهذه الأشياء التي تشتكي منها هي السمة الغالبة في هذه البلاد وأهلها، حيث إنك تعرف وقطعاً بما لا يدع مجالاً للشك أن هؤلاء لا يعرفون شيئاً يسمى حراماً ولا حلالاً، فكل شيء عندهم مباح، وهم يحرصون أن يستمتعوا بكل ما يمكن الاستمتاع به، بصرف النظر عن كونه حلالاً أو حراماً، أو حقاً أو باطلاً، فهم لا يعرفون شيئاً ممنوعاً إلا إذا منعه القانون، أما سوى ذلك فأنت تعرف أنها حياة قائمة على كل ما يتصوره الإنسان وما لا يتصوره.
أنت عشت في هذه البيئة فقطعاً تأثرت بها؛ لأن الإنسان يا ولدي! وليد بيئته، وهذا ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (
منَّ الله تبارك وتعالى بالطاعة، ومنَّ عليك بالالتزام، ومنَّ عليك بالعودة إليه، وأعظم دليل على ذلك أنك غيرت اسمك من اسمك النصراني إلى عبد الرحمن، وهذا اسم رائع، وبلا شك هذه خطوة رائدة، وهذه خطوة متميزة لن تضيع لك عند الله تبارك وتعالى أبداً.
أما عن المشكلتين اللتين تعاني منهما فهما بارك الله فيك متوقفتان على مسألة واحدة، وهو العزم والإرادة والتصميم، فاسمح لي بارك الله فيك: إنّ عودتك إلى مصاحبة الفتيات وزيارتك للمواقع الإباحية رغم أنك حاولت التخلص منها كل ذلك يدل على أنك لستَ جاداً في نيتك؛ لأنه – صدقني يا عبد الرحمن! – لو أنك جاد فعلاً في توبتك يا ولدي! فوالله ستغلق هذه الأبواب، حتى وإن دفعت حياتك كما ذكرت، ولكن اسمح لي أن أقول لك – وأنا في مقام أبيك -: إن هذه النية التي تدخل بها إلى هذه الأعمال تدل على أنك لست صادقاً في توبتك. واسمح لي أيضاً – يا عبد الرحمن! يا ولدي! –: لن يغير عبد الرحمن إلا عبد الرحمن، فإذا كنت تحب عبد الرحمن فنقه من الفتن، وجنبه الفواحش ما ظهر منها وما بطن، واجتهد في إبعاده من هذه المحرمات كلها. أما إذا كنت تبغض عبد الرحمن ولا تحبه فاترك عبد الرحمن في هذا الوحل، وهذا المستنقع العفن، وفي هذا الوادي السحيق، حتى يلقى الله على سوء عمله.
يا ولدي عبد الرحمن! صدقني لا أجد لك علاجاً إلا صدق التوبة إلى الله تعالى، وأعظم ركن من أركان التوبة يا ولدي! إنما هو الإقلاع عن الذنب فوراً بلا تردد، وفي قصة الرجل الذي قتل مائة نفس عندما جاء إلى هذا العالِم ليسأله عن التوبة: هل لي من توبة؟ قال: ومن يحول بينك وبين التوبة؟ ولكن لابد من خطوة إيجابية، وكانت الخطوة الإيجابية التي نصحه بها: (
أنت تريد أن تكون صادقاً، ولكنك ما بذلت القدر الكافي يا ولدي! من التوقف، حتى يمنَّ الله تبارك وتعالى عليك بهذا الأمر.
عبد الرحمن يا ولدي! قال الله تعالى: (( وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ))[مريم:76]. إذن: لن يزيدك الله هداية إلا إذا كنت قد اهتديت فعلاً ويقيناً، ولذلك أتمنى أن تقف الآن وقفة بعد أن تقرأ كلامي هذا جادة مع عبد الرحمن – مع نفسك – وتقول: يا نفس! هذه آخر مرة أصاحب فيها فتاة كائنة من كانت، هذه آخر مرة أدخل فيها إلى تلك المواقع المحرمة. وخذ قراراً شجاعاً وقوياً وجريئاً، وسل الله تبارك وتعالى أن يعينك، وصدقني ساعتها ستجد أنك انتصرت انتصاراً أعظم من أي انتصار حققته في حياتك، انتصارك على نفسك التي بين جنبيك، انتصارك على شيطانك اللعين الذي يزين لك الباطل، ويعز عليه أن يتركك لتكون عبداً خالص العبودية لله تعالى، ولذلك ما تلبث أن تترك ثم تعود، ثم تترك ثم تعود، وهكذا حتى تلقى الله والعياذ بالله تعالى على عمل غير صالح.
خذ قراراً يا ولدي! بالتوقف عن هذه التصرفات المحرمة، قراراً جازماً مانعاً، قرار رجل يُسمى عبد الرحمن المسلم الصالح، الذي يريد أن يلقى الله وهو عبد له حقّاً كما سمى نفسه، فليكن على الحقيقة كذلك.
لا حل إلا في قرار جازم، صدقني والله يا ولدي! ليس هناك من حل إلا من داخل عبد الرحمن نفسه، فالآن قرر أن تتوقف نهائياً عن هذا الجهاز اللعين الذي يسمى بالإنترنت المستعمل في الحرام؛ لأن هذا الجهاز فيه خير وفيه شر. وأنت تستعمله غالباً في الأشياء التي لا ترضي الله، فإذا كان في غرفتك فأخرجه من غرفتك واجعله في مكان عام في داخل البيت، وإذا كان في مكان عام ولا ينتبه لك أحد فأخرجه من البيت بالكلية، وإذا كنت تذهب إلى بعض نوادي الإنترنت التجارية لتجلس إليها كما يفعل بعض الشباب فلا تذهب إليها مطلقاً، وإذا كنت تعرف أن هناك شارعاً فيه محل لهذه الأشياء فلا تمر به مطلقاً، وإذا كان هناك بعض الفتيات والتي سبق أن تكلمت معها فأول ما تراها ففر منها فرارك من الأسد، ولا تقابلها حتى لا تضطر إلى أن تتكلم معها، حاول يا ولدي! وسوف تنجح بإذن الله تعالى.
وعبد الرحمن لن ينقذه من النار إلا عبد الرحمن، وصدقني لا يوجد هناك شيء آخر، وأنت قادر على ذلك يا ولدي! فكونك غيرت اسمك من الاسم الكافر إلى اسم مسلم هذا إنجاز، وكونك تركت هذه الأشياء وبدأت بفضل الله تعالى التوبة إلى الله فهذا إنجاز، كما أنك أصبحت في فترات بسيطة تدخل إلى هذه المواقع المحرمة أو تتكلم مع الفتيات، فأنت قادر على أن تتوقف نهائياً؛ لأن الذي يترك الجزء قادر على أن يترك الكل.
وإذا كانت الوالدة موجودة أو الوالد موجوداً فسلهم أن يدعوا لك بالإعانة، وأن يدعوا لك بالتثبيت، وأن يدعوا لك بالسداد، وإذا لم يكن أحد من هؤلاء يشاطرك ما أنت فيه من ديانة واستقامة فقل: (( إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ))[يوسف:86]. وتوجه إلى الله بالدعاء والبكاء يا ولدي! وعليك بمصاحبة الصالحين، وأكرر على مصاحبة الصالحين يا ولدي! وعليك بالإكثار من قراءة القرآن يا ولدي! واجتهد أن تكون متوضئاً معظم وقتك يا ولدي! وحافظ على صلاة الفجر يا ولدي! في جماعة، حافظ على أذكار الصباح والمساء خاصة (
ولا تنم إلا مع أذكار النوم وآداب النوم التي علمك إياها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأتمنى أن تملأ فراغك بذكر الله تعالى، والاستغفار والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ولدي عبد الرحمن! أتمنى أن تكون فعلاً عبداً للرحمن، وأنا عندي ثقة فيك يا رجل! أنك ستتغلب على هذه الفتن، وستنتصر على الشيطان بإذن الله تعالى مجرد قراءتك هذه الاستشارة، ولن ترجع إلى الوراء أبداً، وستكون من كبار الدعاة في ألمانيا، تُخرج هؤلاء النصارى من الكفر الذي هم عليه إلى الإسلام الذي جعله الله رحمة للعالمين.
وأتمنى أن تزورنا مرة أخرى، وقد أصبحت عبد الرحمن حقّاً، وأتمنى أن تزورنا مرة أخرى، وقد منَّ الله عليك بإدخال عددٍ من غير المسلمين في الإسلام، أو هدى على يديك الكثير من الشباب الضالين، فردهم بفضله تعالى إلى الإسلام والالتزام، وكل ذلك يأتي في ميزان حسناتك يا ولدي!
أنا واثق من أنك قادر على ذلك، فثق وتأكد من ذلك، وقدم لنفسك دائماً رسائل إيجابية، وقل لها: يا نفس! أنت قادرة، إذا تركت الجزء فتستطيعين أن تتركي الكل، وقل لها: يا نفس! لن أسمح أبداً من أن أدخل النار أبداً بسببك، وإنما سآخذك إلى الجنة فأعينيني على ذلك.
أسأل الله أن يجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه، وأن يجعلك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
هذا وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
خائف من أذية الناس لي فكيف أحصن نفسي؟ | 3478 | الخميس 23-07-2020 05:29 صـ |
أتوب من المعصية ثم أرجع لها، فهل سيحرمني الله من النعم؟ | 3580 | الأحد 19-07-2020 02:55 صـ |
أعاني من القلق ونقص العاطفة والحنان من والدي! | 1991 | الأربعاء 15-07-2020 06:09 صـ |
أشعر وكأن الإيمان دخل إلى أعمالي وعقلي، ولم يدخل قلبي! | 1630 | الثلاثاء 14-07-2020 04:30 صـ |
كيف أتخلص من الخوف والاكتئاب؟ | 4144 | الاثنين 13-07-2020 04:12 صـ |