أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : قلق وخوف واكتئاب وشرب الأدوية لا يفيد

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله.
بارك الله فيكم، وجزاكم عنا خير الجزاء، ونسأله سبحانه وتعالى أن يعينكم لخدمة الإسلام والمسلمين، وكل البشرية.

أود الاستفسار عما يلي، وسأعطيكم مجملاً بسيطاً لحالتي وشعوري هذه الأيام:

أنا منذ ثلاث سنين تخرجت من الجامعة، وعندي طموح ضخم، وللأسف اكتويت بنار البطالة سنة ونصف، وعانيت فيها ما عانيت، وذقت فيها ما ذقت من وطأة الفراغ والأفكار، وضيق ذات اليد وسوء الواقع، وضعف المجتمع من كل نواحيه، وشدة سوء أوضاع أمتنا، وما نراه من مناظر أهلنا محملين على الأكتاف كل يوم في فلسطين، واليوم العراق، وبعد ما عملت ووظيفتي والحمد لله جاءت ممتازة، والكثير يتمناها، ولكني ومن شهر نيسان 2005 وأذكره بالضبط ساءت حالتي النفسية التي كنت بها أخذت تسوء يوماً فيوم .

وفي أحد أيام شهر آب (أي بعد 4 أشهر) أذكر حالة تعيسة لا أعادها الله إلا على اليهود، حالة مقرفة ألخصها بفقدان السيطرة على النفس وما فيها!!
بعدها تعالجت وشربت كماً هائلاً من الأدوية والمهدئات، وصرت حالياً أفضل من صيدلاني في أسماء الأدوية، وأسماء الأمراض وخصوصاً النفسية منها وأصبحت عيادة الطبيب مكاناً ومقاماً لي، ويا لسوء هذه الفترة!

المهم أستخلص أمراً مهماً جداً: أن الأطباء وفي معظمهم سيئون، وبالتأكيد لا أقول كلهم، وكل منهم يصف مرضاً بشكل وباسم مختلف، ويخطئ الطبيب الآخر، ويحقر تشخصيته، ويخوف من الأدوية، ويصنع عندي هاجس الإدمان، ويدخلني في مرض آخر، وبعضهم لا يفقه شيئاً، والدليل أن أحدهم وصف لي الزانكس أربعة أشهر متواصلة، ولولا فضل الله، ثم الدكتور محمد عبد العليم، لصرت مدمناً، وغيره الكثير، إلى أن شربت زولفت 3 أشهر، حبة يومياً، وأوقفته، ومن 10-2-2006 لا أشرب أي دواء، وفعلاً مللت من كل الأدوية والتحليلات والوصفات، ولا يعني هذا أنني أدخل في مشكلة جديدة أو الخوف من الأطباء، أو عدم الثقة، لا بالعكس أني منطقي وواقعي والحمد لله، ما مررت به أفادني وأعطاني دروساً لن أنساها ما حييت، ودليل كلامي أنني على ثقة كاملة بالدكتور محمد عبد العليم وبكم؛ لذا أريد أن أكون سوياً تماماً ومع اعتقادي بجدوى الأدوية النفسية، ولست من النوع الذي يخجل من مراجعة طبيب نفسي، ولكني اليوم مقتنع ومؤمن وعلى يقين أنني ـ والحمد لله ـ لا أعاني إلا من القلق وربما قليل من الخوف من المستقبل، وما استنتجته أنني لا أعاني من الاكتئاب، ولا من الرهاب ولا من الوساوس، ولكن ما يصيبني أحياناً من قلق وانزعاج وإحباط، وكلها مبررة في ضوء ما نحيى، وأريد أن أسأل عما يلي:

1- هل شرب الأدوية عند اللازم (أدوية مهدئة) أمر مجدي ونافع، وليس له أضرار جانبية؟ إذا نعم ما هذه الأدوية، وإذا لا ما الحل؟
2- ما الخطورة في عدم التواصل بشرب الأدوية المهدئة أو النفسية عموماً وما الخطورة في التواصل ؟
3- الإرادة أم الحياة وبها يستطيع الإنسان التغلب على كل النظريات الطبية والعلمية؟ أهذا صحيح، وهذا ما خلصت له من تجربتي القاسية؟
4 - لا أريد الالتزام بأي دواء نفسي أو للاكتئاب، وليس من باب التشاؤم ولكن كيف أحيا الحياة كما هي، ودون أي أدوية وأكون سوياً، رغم القلق ورغم الاحباط؟
وشكراً لكم، وأرجو أن يفهمني الدكتور محمد عبد العليم.

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ MO2Awem حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً على ثقتك في الشبكة الإسلامية وفي شخص الدكتور محمد عبد العليم.

أولاً: أتفق معك تماماً أن الكثير من الأطباء يعطي تفسيرات مختلفة، وربما تكون الحالة هي نفس الحالة ولكن منهج الطبيب وطريقته في إيصال المعلومة للشخص الذي أتى من أجل النصيحة يختلف من إنسان إلى آخر، أما أن يلجأ الأطباء للإساءة لبعضهم البعض أو تحقير زملائهم، فهذا شيء لا ترتضيه الأخلاق العامة، ولا أخلاق المهنة بالطبع، وهو بالتأكيد أمر مرفوض تماماً.

والحقيقة من الجميل أنك قد أصبحت ملماً ومدركاً لطبيعة المرض أو الحالة التي تعاني منها؛ لأن الإنسان إذا عرف مشكلته فهذا بالطبع يمثل الجزء الكبير والأهم من الحل.

لا شك أن الإنسان إذا كان يعاني من القلق أو أي نوع من عسر المزاج، فهذا يؤدي أيضاً إلى قلق ثانوي حتى من استعمال الأدوية، وربما يتخذ موقفاً سلبياً حيال الأدوية، ولا شك أن الأدوية لها فائدتها وإيجابياتها إذا التزم الإنسان بالجرعة الصحيحة والمدة المطلوبة، ولابد للإنسان أن يصبر عليها، والمبدأ العام الذي أؤمن به هو أن الإكثار من الأدوية وتعددها ليس هو المنهج الصحيح في العلاج، فمعظم الأدوية الحديثة لا يحتاج الإنسان إلا لدواء أو دوائين في معظم الحالات.
وهنالك أمر هام أرجو أن أوضح لك أيها الأخ الكريم، وهو أن الحالات النفسية مرتبطة ببعضها البعض، فلا يوجد قلق بدون اكتئاب، ولا يوجد اكتئاب بدون قلق، ولا توجد وساوس بدون مخاوف، ولا توجد مخاوف بدون وساوس ...وهكذا، ولكن بالتأكيد أرجو أن لا يؤخذ هذا الأمر على الإطلاق فهو أمر نسبي، أي هنالك نوع من التفاواتات لهذه الأعراض وشدتها، وهذا ليس بمستغرب حيث اتضح أن معظم هذه الحالات هي ناشئة في الأصل من مصدر بايلوجي أو كيميائي واحد.

للإجابة على أسئلتك :

بالنسبة للسؤال الأول: هنالك أدوية يمكن أن يتناولها الإنسان عند اللزوم، وعلى سبيل المثال هذه الأدوية مثل العقار الذي يعرف باسم فلونكسول، وهو يستعمل لعلاج القلق، وكذلك عقار موتيفال، وهنالك أيضاً عقار بوسبار ودوجماتيل، هذه الأدوية لا مانع مطلقاً من استعمالها عند اللزوم؛ حيث أنها في الأساس لا تعمل على البناء الكيمائي مثل الأدوية الأخرى المضادة للاكتئاب مثل البروزاك، وزبركسا، وزيروكسات، هذه الأدوية لا يجوز استعمالها عند اللزوم؛ لأنها ليست ذات فائدة كما أنها ربما تؤدي إلى آثار انسحابية، أو تؤدي إلى نوع من المناعة البايلوجية أو الكيميائية بحيث أنها لا تكون مفيدة في المستقبل، والأدوية التي ذكرتها لك، أي الموتيفال والفلونكسول والدوجماتيل ليس ليس أضرار وليس لها آثار انسحاب، ويمكن استعمالها في حالات القلق جرعة أو جرعتين ليومين أو ثلاثة، ولا مانع في ذلك مطلقاً.

السؤال الثاني: الأدوية التي تعمل على البناء الكيمائي يشكل عدم استعمالها بانتظام خطورة كبيرة، أي أنها لن تكون فعالة إذا تناولها الإنسان في المستقبل، كما أنها ربما تؤدي إلى آثار انسحاب وآثار عكسية.

أما تواصل هذه الأدوية خاصةً مضادات الاكتئاب، فتواصلها لا يمثل أي خطورة، حيث أنها ليست تعودية، وليست إدمانية، والمنهج الصحيح الآن هو أن يستمر الإنسان على هذه الأدوية لأطول مدة ممكنة

فعلى سبيل المثال كانت تشير الدراسات السابقة أن مضادات الاكتئاب يمكن استعمالها لمدة ستة أشهر في حالات الاكتئاب المتوسط، كما أن جرعة الوقاية يمكن أن تكون نصف جرعة العلاج، هذه النظرية الآن أصبحت غير مقبولة، ويرى الكثير من العلماء المعتبرين في مجال الطب النفسي أن المدة يجب أن تكون أطول من ذلك، ولا مانع أن يستمر الإنسان على الجرعة العلاجية، فعلى سبيل المثال بالنسبة لدواء مثل البروزاك، الجرعة العلاجية هي 20 مليجراماً في معظم الحالات، وهي نفس الجرعة الوقائية.

السؤال الثالث:
لا شك أن الإرادة هي الأصل في الكثير من الأمور، والإرادة يعني بها الإصرار القاطع على أن يصل الإنسان إلى مقصده بعد أن يأخذ بالأسباب، وهنالك إرادة التغير، وهنالك إرادة التحسن، حتى الإنسان إذا أخذ العلاج واعتقد وأصر وكانت له هذه الإرادة سيؤدي ذلك إن شاء الله إلى نتائج إيجابية، وقد أشارت بعض الدراسات أن حتى مرضى السرطان إذا كانت لديهم هذه الإرادة وهذا الإصرار على التحسن يرفع ذلك من مناعتهم، ويؤدي بإذن الله إلى شفائهم.

السؤال الرابع: أرجو يا أخي أن لا تتخذ موقفاً سلبياً من الأدوية، فالإنسان إذا احتاج لها لابد أن يستعملها، وهي خير ونعمة من نعم الله، وأتفق معك تماماً أن الإنسان يمكنه أن يتغلب على القلق، وأن يتذكر إيجابياته وأن يكون له الإصرار على التحسن، والحياة حقيقةً لا تسير على وتيرة واحدة، فالإنسان عرضة لتقلب المزاج، وعرضة للقلق والإحباط، وعرضة للانشراح...وهكذا، علينا أن نقيم الأمور بصورة منطقية وواقعية، ولا مانع مطلقاً أن تكون للإنسان الإرادة والإصرار على التحسن، وفي نفس الوقت يستعمل الدواء بصورة صحيحة ومنضبطة إذا كانت هنالك حاجة لهذا الدواء .

وأسأل الله لك التوفيق والسداد والشفاء.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
تداويت للتخلص من الاكتئاب ولكن لم أشعر بالتحسن 1338 الأحد 09-08-2020 06:15 صـ
لماذا استمرار القلق والاكتئاب رغم تغيير الدواء؟ 3072 الأربعاء 29-07-2020 04:34 صـ
كيف يتم استخدام دواء الرهاب والاكتئاب.. وكيف يتم إيقافة؟ 3591 الاثنين 27-07-2020 04:17 صـ
أريد تشخيص حالتي، فأنا أشكو من عدة أعراض نفسية. 4594 الثلاثاء 21-07-2020 06:18 صـ
ما علاقة دواء فافرين بالحكة الجلدية؟ 1316 الاثنين 20-07-2020 04:07 صـ