أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : كيفية تفعيل العمل الدعوي في الجامعة وكيفية التعامل مع الفتيات في إطار المجموعة الدعوية الواحدة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا طالبة في الجامعة مسؤولة عن العمل الدعوي فيها، ومعي عدة فتيات، أرجو إعطائي اقتراحات ونشاطات وآراء لتفعيل العمل الدعوي في الجامعة.
فأنا أطمح أن يكون هناك أساليب دعوية جديدة تخدم العمل الدعوي في الجامعة.
فإذا كان بالإمكان إمدادي بنشاطات جديدة أكون شاكرة جداً لكم.
وأرجو توجيهي بكيفية تعاملي مع المجموعة التي أترأسها وشكراً.
أرجو إرسال الإجابة على بريدي الإلكتروني.

مدة قراءة الإجابة : 10 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نسأل الله العظيم أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يجعلنا سبباً لمن اهتدى .

فيسرني أن أعلن لك عن سعادتي، بوجود من تحرص على أن تقدم الدعوة لأخواتها، ونسأل الله أن يكثر في أمتنا من أمثالك، وهكذا فعلت أم شريك وأم كلثوم رضي الله عنهما، حين تمكن الإيمان من قلوبهن.

وبُشرى لك ابنتي الفضلى بهذه الوظيفة الغالية، التي هي وظيفة الرسل وأتباعهم، ولئن يهدي الله على يديك امرأةً واحدة خيرٌ لك من حمر النعم، والدعوة إلى الله تُطيل في العمر؛ لأن الإنسان ربما يدعو شخص إلى طاعة ثم يموت بعد ذلك، فإذا صلى وصام من دعوناه كتب الله لمن كان سبباً في هدايته مثل أجره، تصديقاً لبشارة النبي صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً).
ولا شك أن مرحلة الجامعة هي مرحلة العطاء، وهي ميدان النضوج الفكري والثقافي، وبلوغ مراحل الرشد الاجتماعي، فإذا وجدت البيئة الطاهرة سعدت الأمة بقيادات جديدة معتزة بقيمها، وأمهات صالحات متمسكات بهذا الدين الذي شرفنا الله به، والإنسان ضعيفٌ بنفسه قوي بإخوانه بعد توفيق الله.

ومن هنا كان لابد من التعاون على البر والتقوى، فإن يد الله مع الجماعة، ونحن نعيش في زمن المؤسسات الكبيرة، فلابد لمن يعملون في حقل الدعوة من التعاون وتبادل الخبرات، وتوزيع المهام والأدوار، والأمة لا تنتفع كثيراً بالمجهودات التي تفتقر إلى حسن التنظيم وتتبعثر فيها الجهود، حيث يغرد كثير من العاملين خارج السرب، كما يقال.

ولابد لمن يتصدر للعمل الدعوي أن يلتزم بآداب هذه الشريعة، فإن المسلمة دعاية لإسلامها بمظهرها وأدبها، وداعية لإسلامها بأقوالها وأفعالها، فإن الناس وخاصة الفتيات يتأثرن بالمرأة الملتزمة، وهناك صفات لابد من توفرها في من تتولى قيادة العمل الدعوي، ومن أهمها:

1- أن تكون مخلصة لله.

2- أن تتزود بالعلم الشرعي.

3- أن تتحلى بالشفقة والرفق.

4- أن تكون الداعية عندها همة وهم، كما قال عمر رضي الله عنه عندما أشاروا إليه بأن يولي رجلاً، فقال: لا حاجة لي به، إني أريد الرجل الذي إذا كان في القوم وليس أميرهم بدا وكأنه أميرهم، وإذا كان في القوم وهو أميرهم بدا كواحد منهم، يعني من تواضعه، وهو بهذا يشير إلى صفتين في غاية الأهمية:
الصفة الأولى: الهمة العالية التي تدفعه لخدمة إخوانه.
الصفة الثانية: التواضع.

5- لابد للقائدة من التحلي بالصبر والحلم، فإن قبيلة الأحنف سادت بحلمه أربعين سنة كما قالت عائشة رضي الله عنها.

6- لابد كذلك من مراعاة أحوال الأخوات، والظروف الخاصة بكل واحدة منهن.

7- اعلمي أن الإنسان لا يستطيع أن يُرضي الناس بأمواله، ولكن يسعهم بحسن خلقه وطلاقة وجهه.

8- لا تظهري للزميلات أنك أفضل أو أعلم؛ لأن هذا من مداخل الشيطان على نفوس المدعوين.

9- احرصي على اختيار الأوقات المناسبة للنصح، واستخدمي الكلمات اللطيفة.

10- اعلمي أن أنفع النصائح ما كان بعيداً عن الأعين، كما قال الشافعي:
تعهدني بنصحك في انفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة.
فإن خالفتني وعصيت أمري فلا تجزع إذا لم تعط طاعة

11- احرصي على اختيار المدخل الحسن إلى النفوس، وذلك بذكر الصفات الجميلة والجوانب المشرقة في المدعوة، ثم تناولي جانب النقص بلطف، كقولك: أنت طبية ومحبوبة من زميلاتك، ولكننا نحب أن نراك في حلقة التلاوة.

12- الإحسان إلى الناس صفة الدعاة إلى الله، والناس جُبلوا على حب من يُحسن إليهم، ولذلك قصد السجناء يوسف عليه السلام لعلاج ما يزعجهم، وقالوا: إنا نراك من المحسنين، فقدم لهم الدعوة إلى الله بعد أن طمأنهم إلى قدرته على التعبير، وكان في غاية الإحسان والرفق.

أما بالنسبة للاقتراحات المساعدة لتطوير العمل الدعوي، فهذه بعضها:

1- الحرص على تأليف القلوب، والبدء بالأمور المتفق عليها.

2- وضع الشخصية المناسبة في المكان المناسب.

3- اكتشاف مواهب الطالبات وتوجيهها لخدمة الدعوة.

4- الحرص على الاستفادة من الطاقات، وتعمير الأوقات بالطاعات، فإن الدعوة تحتاج لجهودنا جميعاً، وقد تجد من تخدم الدعوة بعلاقاتها أو بمالها.

5- تنويع وسائل الدعوة إلى الله، وعدم حصرها في الدروس والمحاضرات، فلابد من نشاط صحفي، ونشاط اجتماعي، وبرنامج ثقافي، وتوزيع الأشرطة والرسائل، والمساعدة في حل مشاكل الطالبات، مع الاهتمام بالناحية الروحية.

6- التفاعل مع قضايا وهموم المجتمع؛ حتى لا يعيش طلاب الجامعة في أبراج عاجية، ولأن ثمرة العلم العمل.

7- حسن المتابعة، والاتصال بالزميلات، وزيادة الاحتكاك والترابط، ومساعدة من تحتاج للمساعدة، وزيارة المرضى من الأخوات.

8- الاتفاق على وضع برامج يومية، مع وضوح الأهداف الكبرى والصغرى التي نريد تحقيقها.

9- توفير البدائل الشرعية للممارسات الخاطئة إن أمكن، وذلك بإيجاد رسائل قصيرة، لتكون بديل عن الرسائل الفاسدة، فإن الشريعة حرّمت الربا وأحلت البيع، وحرمت الزنا وأحلت الزواج.

10- المصارحة والنقد البناء، مع الحرص على الإنصاف، واستحضار الجوانب الإيجابية عند النقد، وتذكر الحسنات السابقة، والتماس الأعذار، وإحسان الظن.

11- تنمية مهارات الإلقاء والحوار الهادف، مع الحرص على قبول الحق متى ما ظهر.

12- التعاون مع إدارة الجامعة، والالتزام بالنظم التي توافق روح الدين.

13- الحرص على اكتشاف وتدريب قيادات للعمل الدعوي؛ لضمان الاستمرار والتوسع -بإذن الله- مع إكرام صاحبات المكانة، وإنزال الناس منازلهم.

14- ترتيب الأولويات، والاهتمام بالأصول قبل الفروع، وبالفروض قبل النوافل.

15- المحافظة على وحدة الصف، فإن الخلاف شر، ورغبة الجميع في الوصول إلى الحق بالتي هي أحسن، وضرورة التفريق بين اختلاف التنوع واختلاف التضاد.

16- التذكر المستمر للنفس وللأخوات، بأن هذا العمل تكليفٌ وليس تشريف.

17- ترك الانتقام للنفس، والحرص على أن يكون فرحنا لله وغضبنا لله.

18- تشجيع الأفراد على الاستمرار في طلب العلم الشرعي، فإن الإنسان لا يزال عالماً ما طلب العلم، فإن ظن أنه علم فقد جهل.

19- عدم التفاعل مع ردود الأفعال، وإعطاء كل مشكلة حجمها الحقيقي، والتعامل معها وفق خطط ثابتة.

20- البعد عن العشوائية والفوضى.

21- التركيز على الكيف وليس على الكم، مع الحرص على إنقاذ الناس من النار.

22- التذكير المستمر بما أعده الله للعاملين، فإن تذكر لذة الثواب تنسينا ما نجد من آلام.

23- الحرص على التخلية قبل التحلية؛ وذلك بنزع جذور الباطل قبل غرس شجرة الحق.

24- التنزل لمستوى عقل وفهم الخصم عند عرض الدعوة إلى الله، فقد قال الله عن عبده ورسوله محمد: (( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ))[سبأ:24]^، فهو صلى الله عليه وسلم يوقن أنه على هدى وأنهم على ضلال، ولكن ليس من حكمة الدعوة أن يقول لهم صراحة أنتم على ضلال.

25- علينا أن نحرص على أن نحيي في كل يوم حق، ونميت باطل حتى نلقى الله، فإننا إذا حملنا الناس على الحق جملة رفضوه جملة.

واحرصي أن تتعاملي مع الأخوات بمثل ما تحبين أن يعاملوك به، وتغاضي عن الهفوات الصغيرة، فإن التغافل والتغاضي من خلق الكرام، واحرصي على عدم الغضب لنفسك، ولكن اجعلي غضبك لله، وغيرتك على حرماته، وادفعي عن نفسك الاتهامات دون أن تتهمي الأخريات، فهذا نبي الله هود اتهموه بالسفاهة، فنفى التهمة عن نفسه، لكنه لم يتهمهم، مع كثرة ما عندهم من شرور (( قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))[الأعراف:67]^، وكذلك نبي الله نوح اتهموه بالضلال، (( قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلَكِنِّي.. ))[الأعراف:61]^.
فلو أنه قال: بل أنتم على ضلال وكفر، لقالوا له: لن تدخل معنا قبورنا، ولن تعذبنا، ولسارعوا إلى إلحاق الأذى به.

وتأكدي أن بذرة الخير موجودة في الأخوات، ولكنها تحتاج لمن يكتشفها، وأرجو أن تكثري من مشاورة الأخوات، فإن الشورى تطيب النفوس، وتوصل إلى الحق، وتجعل الأفراد يشعرون أنهم شركاء في هذا العمل العظيم، واعلمي أن الداعية الناجحة ليست هي التي تعمل كثيراً، لكنها هي التي تجعل الجميع يحمل همّ الدعوة إلى الله، وكل مسلم ومسلمة بإمكانه أن يخدم الدعوة بوسيلة من الوسائل.
والله والموفق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
زملائي في العمل يغارون مني، فكيف أحسن علاقتي بهم؟ 2324 الاثنين 01-06-2020 04:39 صـ
كيف أثقف نفسي دينيا؟ 4329 الأربعاء 26-02-2020 01:22 صـ
أريد أن أترك أسرتي وأتجول من أجل أن أحصل على العلم الشرعي، فهل تركهم خطأ؟ 1268 الثلاثاء 25-02-2020 01:34 صـ