أرشيف الاستشارات

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هنو حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أنك تعانين من قلق المخاوف، وقلق المخاوف بالفعل مزعج لصاحبه، لكنه ليس خطيرًا.

أنت بدأت بداية طيبة بأنك قمت بإجراء الفحوصات الطبية الكاملة، وكانت كلها -بفضل الله تعالى- سليمة، ثم بعد ذلك ذهبت إلى الطبيب النفسي، وقام بإعطائك الأدوية المضادة للهلع والرهاب، لكن بكل أسف لم تواصلي على هذا العلاج، وفترة أسبوعين ليست فترة كافية أبدًا، أقل مدة للعلاج هي ستة أشهر، وأن يكون ذلك بانضباط وبالتزام، بأن تتناولي الجرعة بعد الجرعة حتى يتم العلاج والبناء الكيميائي بصورة صحيحة، وتكوني قد أوفيت مراحل العلاج حقها، ومراحل العلاج هي: جرعة البداية أو الجرعة التمهيدية، ثم الجرعة العلاجية، ثم جرعة الوقاية والاستمرار والتوقف التدريجي.

أنت إنسانة متعلمة وفاهمة -والحمد لله تعالى-، ويجب أن تأخذي الأمور بعلمية، ليس بهذه الصورة تعالج هذه الحالات، وفي ذات الوقت غيّري نمط حياتك، كوني معبرة عن ذاتك، تواصلي اجتماعيًا، اعرفي أن أي انفعال تقومين به في وجوه الآخرين هو ليس مقبولاً، لأنه إذا انفعل أحدٌ أمامك هذا سوف يسبب لك الكثير من الانزعاج ولن ترضي به، فالذي لا نرضاه لأنفسنا يجب ألا نرضاه للآخرين، وهكذا.

وزعي وقتك بصورة طيبة وممتازة، وكوني بارة بوالديك، وتواصلي اجتماعيًا، واجتهدي في دراستك لتكوني من المتفوقات والمتميزات، وتصوري بعد خمس أو ست سنوات ماذا ستكونين؟ ستكونين العالمة الراقية، والزوجة الرؤوم، والفتاة المسلمة القوية، هكذا يجب أن تكون حياتك، وهكذا يجب أن يكون مستوى تفكيرك، وهذا هو النمط المطلوب.

ممارسة تمارين الاسترخاء -أيتها الفاضلة الكريمة- على وجه الخصوص ذات فائدة كبيرة، فأرجو أن تداومي عليها، لكن رجوعك إلى الطبيب وتناولك للدواء النفسي سيكون مهمًّا، وأنا أطمئنك تمامًا أن هذه الأدوية سليمة وفاعلة جدًّا، وليس منها أي ضرر إذا تناولها الإنسان بالتزام وبمواصلة، على العكس تمامًا الذين يتناولون الأدوية ثم يتوقفون عنها فجأة ودون أي إنذار أو إكمال للمدة العلاجية، هؤلاء هم الذين يتضررون من العلاج الدوائي، أعرفُ أن هنالك مرضى يأتوننا وهم يتناولون أدويتهم لسنوات وسنوات دون أي مشكلة، يعيشون حياة طبيعية وممتازة، وذلك نسبة لالتزامهم بتناول أدويتهم بالجرعة الصحيحة، ومعاودة الطبيب حسب ما هو مجدول ومطلوب، وتجدينهم دائمًا يُدخلون أشياء جديدة على نمط حياتهم، ومن خلال عملية التطور المهارتي المستمر، يستطيع الإنسان أن يعيش حياة طيبة.

أنت على أعتاب الحياة، فأنت شابة صغيرة، أمامك -إن شاء الله تعالى- مستقبل طيب وجيد، اسعي لأن تكوني ثابتة وقوية ومؤمنة ومجتهدة ونافعة لنفسك ولغيرك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.