أرشيف المقالات

{ إياك نعبد وإياك نستعين }

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
في رِحابِ آيةٍ مِنْ كِتابِ اللهِ تِعالى (19)
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾
 
إنَّها قلبُ الفاتحةِ وكنزُ أسرارِها، وخُلاصَةُ خُلاصَتِها، ومَنبَعُ أنوارِها..
آية ٌعظِيمةُ القَدرِ والمعنى، واسِعةُ المقصِدِ والمغزَى..
جَامِعةٌ مَانِعةٌ..
 
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾، تأمَّل: فاتجاهُ الخطابِ يتغيرُ فيها من الغائِبِ إلى الحاضِرِ، لكأنَّ العبدَ بعدَ أن يُثنى على ربِّهِ بالحمدِ وما هو أهلُهُ، يَقترِبُ حتى يَحضُرَ بين يَدَيّ ربِّهِ جَلَّ وعلا، فيُخاطِبهُ قائِلاً: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾..
 
ولكَأنَّ العبدَ يقولُ لربِّهِ: (أصالةً عن نفسي، ونيابةً عن جميعِ إخوانيَ المؤمنين): إيَّاكَ وحدَكَ نعبُدُ، ولا نعبُدُ غيرَكَ..
وإيَّاكَ وحدَكَ نستَعِينُ، ولا نَستَعِينُ بغيرِكَ..
وهذا أبلَغُ في التَّذلُّلِ والعِبادةِ، وأرجَى في الاستِجابَةِ وحُصُولِ العونِ..
 
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾..
تَوحِيدٌ وإخلاصٌ وتَوكُّلٌ..
لأنَّ من عَبدَ فقد وحَّدَ، ومن استَعانَ فقد أخْلَصَ، ومن وحَّدَ وأخْلَصَ فقد توكَّلَ، ومن توكَّلَ فقد كُفِي..
 
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾..
شِفاءٌ ودَواءٌ..
تَدفَعُ عن القلبِ الكِبرَ والعُجبَ والرياءِ، وسائِرَ العِللِ والأدواءِ، والتي إنْ سلِمَ المسلمُ منها، فقد جاءَ بقلبٍ سَليم..
وكانَ من الـمُنْعَمِ عليهم بأحسنِ النَّعيم..
 
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾..
غايةٌ ووسِيلَةٌ..
فالعِبادةُ غَايةُ، والاستِعَانةُ وسِيلةٌ..
فلا حُصُولَ على هِدايةٍ..
ولا استِقَامَةَ على طاعةٍ..
ولا ثَباتَ على عِبادَةٍ..
ولا بُلُوغَ لغَايةٍ، إلا بالاستِعانَةِ باللهِ تعالى..
فاستَعِن بالله ولا تَعجز..
 
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾..
تَذكِيرٌ مُتكَرِرٌ بأهمِيَةِ الاستِعَانَةِ بالله، وبأنْ لا يُقصِّرَ العبدُ فيها فيَحْرِمَ نَفسَهُ خيراً عظِيماً..
ولأنَّ من لم يَستعِن بربِه، يُوكَلُ إلى نَفسِهِ، ومن وكِلَ لنفسِهِ فهو إلى الهلاكِ أقَرب..
اللهم فقِهنا في الدِّين، واجعلنا هُداةً مُهتدِين..

شارك الخبر

المرئيات-١