أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : أصبت بضعف في إيماني بسبب الاكتئاب، فماذا أفعل؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم
أنا صاحب استشارة رقم 2146518
أود الاستفسار عن موضوع، وهو: أنني منذ صغري كنت طموحا، ولدي أهداف كثيرة لأحققها في حياتي، وعندما بلغت العشرين من عمري بدأت أفكر أنه يجب علي أن أبدأ السعي لها، وكان من أهدافي أن أكون طبيبا لامعا، وأبني بيتا، وأسس حياتي، ولكنني كنت أفكر بالمستقبل كثيرا، بحيث أنني عزلت نفسي عن الناس، وأصبحت أربط أي إخفاق في الحاضر بالمستقبل مما أودى بي إن دخلت في حالة اكتئاب شديد، والحمد الله لقد تحسنت كثيرا، ولكنني أود الآن أن أبدأ حياة جديدة، ولكنني لا أعلم كيف؟ هل أعيش كل يوم بيومه ولا أفكر بالمستقبل، ولا أخطط لحياتي؟ أم ماذ1؟ حيث أنني أخاف جدا أن أكتشف بعد فترة من عمري أنني لم أحقق شيئا، أو أنني فاشل!

أرجوكم ساعدوني: كيف أعيش حياتي في كلا الحالتين؟

وسؤالي الآخر: هو أنه بعد حالة الاكتئاب التي أصابتني أحس بضعف إيمان كبير، بحيث -أستغفر الله العظيم - أصبحت أشك بوجود الله حيث لا أحس بأي تواصل روحاني مع أنه أحس نفس الشيء أحيانا مع الناس أيضا، وأنا لا أعرف كيف أزيد إيماني بالله كما كنت سابقا لأنني بحاجة إليه كثيرا.
وجزاكم الله كل خير!

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأتصور أنك قد أخذت بكل التفاصيل الإرشادية التي ذكرناها لك في الاستشارة السابقة تحت رقم (2146518) فيما يخص العلاج الدوائي: أعتقد أنه من الضروري أن تلتزم بالمنهجية التي ذكرها لك الطبيب، وكما نصحتك في المرة السابقة يجب أن تفصل بين أفعالك ومشاعرك، يجب أن تُقاد بأفعالك وليس بمشاعرك، ومن الطبيعي جدًّا أن الإنسان حين يُحسن العمل ويتقنه ويجتهد في ذلك سوف تتبدل المشاعر وتُصبح إيجابية جدًّا.

بالنسبة للطموحات والأعمال الحياتية: هذا أمر مقبول جدًّا، وكل إنسان له آمال، والمرحلة العمرية تلعب دورًا في تفكير الإنسان، مثلاً أحلام اليقظة قد تكون مسيطرة في مرحلة اليفاعة وبدايات الشباب – وهكذا – وأحلام اليقظة في حد ذاتها لا نعتبرها كلها سيئة أبدًا، على العكس تمامًا إذا كانت بدرجة معقولة هي محفزة جدًّا للإنسان ليضع الآليات التي توصله إلى ما يبتغيه. فالمبدأ من حيث هذا النوع من التفكير ليس مرفوضًا.

كيف تنجح في حياتك؟ .. أعتقد أن النجاح في الحياة يتطلب أمرين: أولاً حسن إدارة الوقت، وحسن توزيعه، وهذا يعني إدارة الحياة. هذا هو المبدأ الأساسي.

المبدأ الثاني: هو الإصرار والصمود على فعل الأشياء، كثير من العلماء وكثير من المخترعين صمدوا وصبروا، فإذا رجعت إلى تأثير الجاذبية وما توصل إليه نيوتن حين سأل نفسه سؤالاً بسيطًا: لماذا لا ترتفع التفاحة إلى الفضاء؟ ولماذا تسقط على الأرض؟ ولم يتوصل إلى إجابة لهذا السؤال إلا بعد عشرين عامًا من التفكير والإصرار، وكان كشفه كشفًا عظيمًا كما تعرف، والآن حتى نظرية إقلاع الطائرات وإطلاق الصواريخ كلها تقوم على هذا الفكر الإنساني الجيد والمفيد والنبيل ... وهكذا.

إذن الإصرار والصمود على فعل الأشياء، وهذه حقيقة أمر نفتقده نحن كثيرًا في عالمنا العربي والإسلامي، لا أريد أن أعمم، لكن المكتشفين وأصحاب الفكر والذين أضافوا إضافات جميلة للإنسانية ولأنفسهم كان الإصرار والصمود هو من شيمهم، ونحن حقيقة يجب أيضًا أن نستفيد من التوكل على الله تعالى، والتوكل هو أمل وعمل، ليس تقاعسًا أبدًا كما يفهم البعض.

هذه هي النماذج الأساسية التي تؤدي إلى نجاح الإنسان في الحياة.

أمر آخر مهم جدًّا وهو: بر الوالدين، برهما مفتاح كبير جدًّا من مفاتيح الخير، ويجعل نفس الإنسان مطمئن، والطمأنينة في حد ذاتها هي طاقة إيجابية جدًّا للدفع بالإنسان إلى نحو الآفاق الناجحة.

أما بالنسبة لما ذكرته حول أثر الاكتئاب عليك وأنه أضعف إيمانك؟ .. أنا لا أريدك أبدًا أن تأخذ هذا عذرًا في موضوع البُطء وفي موضوع العبادة، وأنا أقدر تمامًا وطأة الاكتئاب على النفس، لكن الاكتئاب في حد ذاته إذا نظر الإنسان إليه بشيء من الدافعية القوية لمقاومته وتحقيره وهزيمته يستطيع أن ينطلق انطلاقات إيجابية جدًّا.

لا تترك للشيطان سبيلاً ليشكك في دينك وإيمانك، فما ذكرته أصبحت تشك بوجود الله تعالى، حاش لله تعالى، أنا أعتقد أن هذا فكر سطحي، فكر وسواسي، أتاك في لحظة من القلق وعدم التأكد وعدم الطمأنينة. امسح هذا الفكر تمامًا، تيقن من عقيدتك، وعليك بالصحة الخيرة الطيبة، أهل الدين والملتزمين يأخذون بيدك تمامًا في مثل هذه المواقف، وعليك مواصلة علاجك الدوائي، لأن هذا سوف يساعد - إن شاء الله تعالى – على إطفاء نار الاكتئاب، وسوف يزيل عنك أي نوع من الوساوس، لأن الشكوك من هذا النوع الذي ذكرته فيها الجانب الوسواسي ولا شك في ذلك.

سوف تحال أيضًا استشارتك إلى أحد الأخوة المشايخ ليزودك ويفيدك حول كيفية أن تزيد وتقوي إيمانك بالله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.

انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم - استشاري طب أول أمراض نفسية وإدمان -تليها إجابة المستشار الشرعي الشيخ / أحمد الفودعي -ليجيبك بما يتعلق من الناحية الشرعية.
_________________________________________

فمرحبًا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقك لكل ما فيه خير وصلاح.

نصيحتنا أيها الحبيب أولاً: ألا تلتفت لهذه الوساوس التي تشككَ في الله تعالى، ونحن لمسنا من كلامك أنك تكره هذه الوساوس وتنفر منها، وتستعيذ بالله تعالى منها، وتستغفره، وهذا دليل على إيمانك، فلا تسأم، ولا يحاول الشيطان أن يصل اليأس والهم إلى قلبك، فإن كراهتك لهذه الوساوس دليل صريح على وجود الإيمان في قلبك، وهذا ما أجاب به النبي - صلى الله عليه وسلم – بعض أصحابه حين وجدوا شيئًا في صدورهم أخافوه وخافوا أن يتكلموا به، فيرى أحدهم أنه ليُحرَّق حتى يصير حممة خير له من أن يتكلم به، فلما شكوا حالهم هذه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (ذاك صريح الإيمان) فجعل كراهتهم لهذه الوساوس ونفرتهم منها دليلاً صريحًا على إيمانهم، وأنت كذلك - بإذن الله تعالى – ولكن أنت مطالب أيها الحبيب بأن تتناول الدواء الشرعي لهذه الوساوس وهو الانتهاء عنها والانصراف عنها، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فليستعذ بالله ولينتهي).

فكلما حاول الشيطان أن يوسوس لك فاصرف ذهنك، واصرف تفكيرك عن هذه الوساوس، واقطعها عنك، وتفكر فيما حولك من مخلوقات الله تعالى، فإنها كلها تدلك على خالقها وصانعها سبحانه وتعالى، وأنه العليم الخبير، الحكيم القدير، المتصرف سبحانه وتعالى بالخلق، فتذكر في آيات الله المتلوة في كتابه وآيات الله المبثوثة في كونه، وكلها تدلك على ربنا سبحانه وتعالى خالق هذا الوجود، فالعدم لا يفعل شيئًا، ولا بد لكل فعل من فاعل، وهذا الإتقان العجيب للسموات والأرض وما فيهما من مخلوقات كل ذلك يدل على وجود خالق واحد، قادر، عليم، مدبر.

وننصحك أيها الحبيب بأن تتعاطى من الأسباب ما يقوي إيمانك، وقد أحسنت حين سألت هذا السؤال، وللإيمان أسباب تقويه ينبغي للإنسان المؤمن أن يأخذ بهذه الأسباب ما أمكنه ذلك، أهم هذه الأسباب أيها الحبيب:

مجالسة الصالحين؛ فإن مجالسة الصالحين وحضور مجالس الذكر، والاشتغال بذكر الله تعالى وتسبيحه وتعلم شرعه سبب أكيد، وقد كان الصحابة يجتمعون فيقول بعضهم لبعض: (اجلس بنا نؤمن ساعة).

ومن الأسباب أيها الحبيب: الإكثار من الأعمال الصالحة، فإن الإيمان قول وعمل، يزيد بزيادة الأعمال الصالحة، فأكثر من نوافل الأعمال بعد أداء الفرائض من الصلاة والصوم والذكر والصدقات ونحو ذلك، فكلما زادت أعمالك زاد إيمانك.

ومما يقوي إيمانك أيها الحبيب: التفكر في المخلوقات وفي عظمتها وإتقانها وإحسان صنعها، فإن هذا مما يقوي الإيمان في القلب أيضًا.

ننصحك أيها الحبيب بالإكثار من سماع المواعظ التي تذكر بالنار والجنة ولقاء الله تعالى والحساب والجزاء، فإن هذا نوع من الوعظ يطرد عن القلب الغفلة.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتنا وإياك على الإيمان حتى نلقاه، وأن يأخذ بأيدينا جميعًا إلى كل خير.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
خائف من أذية الناس لي فكيف أحصن نفسي؟ 3478 الخميس 23-07-2020 05:29 صـ
أتوب من المعصية ثم أرجع لها، فهل سيحرمني الله من النعم؟ 3580 الأحد 19-07-2020 02:55 صـ
أعاني من القلق ونقص العاطفة والحنان من والدي! 1991 الأربعاء 15-07-2020 06:09 صـ
أشعر وكأن الإيمان دخل إلى أعمالي وعقلي، ولم يدخل قلبي! 1630 الثلاثاء 14-07-2020 04:30 صـ
كيف أتخلص من الخوف والاكتئاب؟ 4144 الاثنين 13-07-2020 04:12 صـ