أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : كيف أحقق النجاح في الحياة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيوخنا الأفاضل جزاكم الله خيراً على ما قدتم.
لي حاجتان، أريد استشاراتكم بهما، الأولي: كنت شاباً طموحاً جداً، وليس له حدود، ودرست حتى حصلت على الشهادة العليا من كليه الهندسة بتقدير جيد جداً، بمجال هندسة الالكترونيات والاتصالات، ولي العديد من الاختراعات والدوائر العملية بحياتنا الالكترونية، وما إن تخرجت حتى ساءت الأمور ولم أحصل على وظيفة ببلدي (اليمن) فقررت السفر إلى المملكة واشتريت فيزة ب 13000 ألفاً، و4000 للتجديد وللكفيل، ووصلت ديوني إلى 20 ألفاً، وكنت وعدت الذين أقرضوني بأنني سوف أحصل على وظيفة مهندس، وخلال بضعة أشهر أرد ديونهم.
ما إن دخلت المملكة اصطدمت فوجدت أصحابي، وكل الذين أعرفهم أغلقوا (تلفوناتهم) وغيروا شرائحهم! ولجأت إلى العمل بإحدى الشركات، واستمريت 3 أشهر بدون راتب، والنهاية تبرأ صاحب العمل مني ومن بعض الزملاء، فاحتسبت أجري عند الله سبحانه وتعالى، وليس لي من الأمر شيء.
تعقدت علي الأمور وساءت بي الظروف حتى اضطريت إلى بيع ملابسي حتى آكل، ورحت إلى شركة وقدمت على أنني عامل ولكن المهندس الذي قابلته قال شكلك لست عاملاً، أنت كذا ....إلخ وقال: أبحث لك عن عمل عندي، فبحث لي عن عمل عنده فني محاسب آلي وشبكات، وبراتب عامل لا يتجاوز 2000 ، ولكن الحاجة والديون التي أجبرتني أعمل بهذا، والآن صار لي سنة وأربعه أشهر بهذا العمل، دون ترقية ولا شيء، وكلما طالبت بترقية قالوا لي أنت يمني! ويعاملوني بعنصرية لا يعلم بها إلا الله كوني اليمني الوحيد بالشركة من قبل إخواننا المصريين والسوريين.
ماذا تفيدوني بأن أعمل؟ هل أستمر بالعمل وأترك تخصصي _مهندس، وأعمل عامل أم ماذا؟ وما من وظيفة أتقدم لها إلا ويقولون نتصل بك وما عندنا علم بأن هناك مهندسين يمنيين وبهذا المجال.
الثاني الديون التي علي جاءت لي بالقلق، وما أقدر أنام بالرغم أقضي منها شهرياً، كيف أعمل؟ وكذلك عمري صار 27 سنة، وأريد أن أتزوج وأخاف العمر يمشي، فوالدي قال لي إنه يحرج يمر أمام الناس وأنا بلا زواج، (بالرغم من أن عنده المال، وكذلك الأم عندها ذهب بالكيلوهات، ولكن يريدوني أتزوج من عملي وتعبي!) وما أدري كيف أعمل معهم؟!
أريد أبني مستقبلي بنفسي دون مساعدة أحد، ولا أمد يدي لأحد من أهلي، ولكن العمر يمشي، وليس لديه أرجل يقف عليها، فأيهما أقدم وأرتب، الدين أم الزواج أم بناء مصدر دخل جيد للمستقبل؟
جزاكم الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو المجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله الجليل جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمنّ عليك بعمل صالح يتناسب مع قدراتك وإمكاناتك، وأن يبارك لك في رزقك، وأن يوفقك لتحقيق طموحاتك وقضاء دينك والارتباط بامرأة تكون عونًا لك على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – فإن الصورة التي ذكرتها لمن الصور المؤلمة الموجعة، أن نرى أصحاب المهارات والكفاءات لا مجال لهم، لأن كل من احتل موقعًا من مواقع العمل يخاف أن يُسلب منه، وبالتالي فإنه يحرص على أن يصرف الكفاءات حتى يظل متميزًا، وحتى يظل يستمتع بما حصل عليه من امتيازات ومخصصات مالية، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سوء تربية هذا المجتمع، وأن الأمة الإسلامية في حاجة إلى إعادة تأهيل من جديد.
العملية التربوية برمتها في سائر العالم العربي والإسلامي عملية فاشلة، وتحتاج إلى إعادة نظر قوي، لأن هذا يتعارض مع ثوابت الدين، ومع الأخلاق الإسلامية الراقية التي نشّأ الله عليها صحابة نبيه الكريم صلوات الله وسلامه عليه، ورضي الله عنهم الذين قادوا الدنيا.
ألم يسمع هؤلاء بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه)؟! ألم يسمع هؤلاء بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له، ومن كان عنده فضل مال فليعد به على من لا مال له) إلى آخر كل الممتلكات؟ ألم يسمع هؤلاء بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة)؟! ألم يسمعوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)؟!
هذا كله الذي ذكرته يتعارض مع هذه الثوابت الرائعة لهذا الدين العظيم، وهذا كما ذكرت لك يدلل دلالة قاطعة على أن الأمة قد انحرفت في طريقة تربيتها عن منهج الله تعالى وأصبحت تُربى على الأنانية والأثرة وحب الذات، ولا تراعي حقوق المسلم على أخيه المسلم، وها أنت تدفع الثمن، وأنت واحد من آلاف مؤلفة ومما لا شك فيه من الكفاءات والمهارات المتميزة التي يتم هدرها نتيجة هذه الأثرة والأنانية المقيتة والبغيضة والعنصرية الجاهلية التي بدأت تضرب بأطنابها في عقول وأفكار وقلوب المنتسبين للإسلام مع الأسف الشديد.
ما الفرق في الإسلام ما بين يمني ومصري وشامي وسعودي وقطري وإمارتي وأردني وغير ذلك؟! ألم يقل مولانا: {إنما المؤمنون إخوة} ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم) ألم يقل: (المؤمن أخو المؤمن) إلى غير ذلك من الأمور التي ينبغي أن نترفع بها عن تلك الأفكار الجاهلية التي أصبحت تحكم تصرفاتنا، والتي أصبحت هي الفيصل في علاقاتنا مع الأسف الشديد.
أمام هذا ليس لك من حل إلا أن تصبر الصبر الجميل أولاً، وأن تعلم بأن الأمور تضيق ثم تتسع، وأن الله تبارك وتعالى جل جلاله كما قال تعالى: {فإن مع العسر يسرًا * إن مع العسر يسرًا} وأن الله تبارك وتعالى قال: {فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا}.
اعلم أن ما أنت فيه هو نوع من الابتلاء والامتحان والاختبار، وإذا ما أكرمك الله وثبت على دينك ولم تتسخط على أقدار الله تعالى وأخذت بالأسباب وفق قدراتك وإمكاناتك فاعلم أن المستقبل قادم بإذن الله تعالى، وأن الله قادر على أن يمنحك منحًا يتعجب منها الخلائق، ولكن كل الذي عليك هو أن تجتهد كما ذكرت حسب قدراتك وإمكاناتك، وأن تأخذ بالأسباب المتاحة، ولكن لا تتسخط على أقدار الله تعالى، ولا ترد السيئة بالسيئة، وإن شاء الله تعالى أبشر بفرج من الله قريب.
لكننا نوصيك أيضًا ألا تتكاسل وألا تظل ترضى بالدون، لأن هذا الراتب المتواضع الذي هو راتب عامل لا يسمن ولا يغني من جوع، إذا كنت تقضي منه بعض الديون فستظل سنوات وأنت تقضي هذا الدين، وبالتالي لن تستطيع أن تتزوج ولا أن تبني مستقبلاً، ولكن مع وجودك في العمل حاول أن تبحث وأن تتواصل مع الشركات، سواء كان في مكان عملك الآن أو في غيره، فإن هناك من يرحب بك، ولكن تحتاج دائمًا أن تقدم سيرة ذاتية في مواقع الإنترنت، في دول تفتح أبواب العمل، في مجالات متعددة، حاول ولا تستسلم بارك الله فيك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز). هذا أولاً.
ثانيًا: فيما يتعلق بموقف الوالدين: أنا أتمنى أن توسط أحدًا من أهل الخير وممن لهم ثقل في بلدك لكي يغير والدك هذه الفكرة التي تسيطر عليه، لأن هذه الفكرة التي تنطلق منها والدتك وينطلق منها والدك فكرة غير صائبة، فما دمتُ أنا قادرًا وما دام الله وسع عليَّ لماذا أجعل ولدي يتجرع الصبر والهوان وأنا صاحب مال.
بعض الناس يجمع الأموال لأولاده من بعده ويقول سأترك لهم تركة وأولاده يتضورون جوعًا ويعانون شظف العيش وصعوبة في الحياة، هذا فهم قاصر وفهم خاطئ، نقول لهؤلاء العقلاء: حاولوا أن تكرموا أبناءكم وأنتم أحياء حتى تقوى بينكم أواصر المحبة والمودة، ويتمنى لكم أبناؤكم طول العمر، أما الآن فإنه أحيانًا قد يتمنى الولد أن يموت والده ليرثه، ويتمنى أن تهلك أمه ليرثها، لأنه يرى أن لديهم حل مشكلته ولكنهم يبخلون عليه.
أتمنى بارك الله فيك أيضًا أن يكون هناك نوع من إعادة طرق الباب مرة أخرى، وأن يفهم والدك أن يسار الولد من يسار الوالد، وأن فقره من فقره، فمتى كان قادرًا فإنه يلزمه أن يقف معك حتى يعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، وهذا ما ذهب إليه كثير من أهل العلم أن على الوالد أن يزوج ولده ما دام قادرًا، وما دام الوالد مستطيعًا، لأن الزواج من ضرورات الحياة التي يقوم بها حفظ العرض وحفظ الدين وحفظ النسل وحفظ العقل أيضًا، لذلك أرى كما ذكرت لك أن تطرق باب الوالدين مرة أخرى، وأرى أن تواصل البحث بارك الله فيك.
أما عن ترتيب الأولويات فليس أمامك خيار إلا أن تبدأ بقضاء الدين، لأن حقوق العباد مقدمة، وإذا ما أعانك الله على ذلك لعل الله أن يمنّ عليك في المستقبل إن شاء الله تعالى بسعة تتزوج من خلالها، وإن كنت أتمنى ألا تتوقف عن البحث كما ذكرت حتى تستطيع أن تخرج من عنق الزجاجة، وإن كنت أعتب عتبًا شديدًا على والديك، وأرى أنه لابد أن تطرق الباب مرة أخرى، لعل الله أن يشرح صدرهما لمساعدتك وبذلك تحل مشكلتك.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
ضيق اليد والحال جعلا أسرتي تعيسة، أرشدوني. | 1045 | الأحد 07-06-2020 03:59 صـ |
كل أبواب العمل مغلقة.. ماذا أفعل؟ | 1321 | الأربعاء 22-04-2020 03:16 صـ |
حائر في مستقبلي بين الوطن والغربة | 1081 | الخميس 16-04-2020 02:49 صـ |
ما هي الأمور التي تعين على الثبات على الدين؟ | 1162 | الثلاثاء 08-10-2019 05:47 صـ |
أصبت بالاكتئاب والحزن لأني لم أجد وظيفة، فما العمل؟ | 2356 | الخميس 03-10-2019 04:31 صـ |