أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : بعد منتصف الليل شعرت كأن قوة تسيطر عليّ صرت أخاف الموت بعدها
أود سيدي أن أطرح ما أعانيه بشكل تفصيلي, وأرجو من الله تعالى أن أجد ما أصبو إليه من علاج, وأن أعرف نوع المرض الذي أعاني منه.
قصة مرضي هذا تبدأ في ليلة لم أنسها, حيث كنت جالسًا أشاهد التلفاز كعادتي, بعد منتصف الليل أردت أن أنام, وإذا بي كأن قوة تسيطر عليّ, وأحسست أنني سأموت ما جعلني أنهض من نومي, وأنا في حالة خوف لا أقدر حتى أن أتصوره, اتجهت صوب الحمام من أجل الاغتسال, وكنت في فصل الشتاء, وقمت بغسل جسدي بماء بارد جدًّا, ثم صليت, ولم أستطع أن أنام بسبب خوفي ما جعلني أتصل بوالديّ كي أسرد لهم حالتي, واتجهت حالًا إلى المستشفى ليلًا, وهو مستشفى عمومي, وسألني الطبيب سؤالًا واحدًا: هل تعاني من حالة عصبية؟ فأجبت: نعم, وبدون أي تحليل ولا شيء أعطاني ورقة دواء, وفي الصباح نهضت من النوم وأنا مصدوم جدًّا, لا أقدر حتى أن أستيقظ, صرت خائفًا وأرتعد, وأرى كل شيء غريبًا, في اليوم التالي جاء راقٍ شرعي وقرأ عليّ رقية شرعية فأحسست بتنميل قوي في يدي ورجلي, واعتقدت أنني سأموت, وبعد الانتهاء من الرقية الشرعية أعطاني الراقي ماءً قرأ فيه آيات قرآنية, وبعد ذلك أحسست براحة, وكأنني ولدت من جديد, وقال: إنني تعرضت للمس, وعلي أن أقوم بدهن نفسي بزيت لمدة 20 يومًا, وصرت في حالة جيدة جدًّا, لكن بعد شهرين من ذلك رجعت أخاف من الموت, ولا أستطيع أن أسمع كلمة موت, وصرت بعد ذلك أعيش في حالة مزرية: لا آكل, ولا أنام, وأخاف من الحياة, وأرى الدنيا كلها سوداء, مع الدوخة, وقلة التركيز, والأرق, وانعدام شهية الأكل, وبعد سنة لم أعد أخاف من الموت, وبعد أن قرأت العديد من الكتب النفسية استطعت التغلب على الخوف من الموت, حتى أنني أستطيع أن أشارك الناس في الصلاة على الموتى, والمهم أني لم أعد أخاف من الموت.
والمشكلة التي أعاني منها الآن أنني أخاف من الجنون, فكلما أرى مجنونًا أخاف من فقدان السيطرة على نفسي, وأخاف إيذاء الآخرين, رغم أنني لا أقدر, ولا أستطيع إيذاء أحد, وصرت الآن أنام نومًا غير صحي, وأنهض في الصباح وأرى الدنيا كلها سوداء, والغريب جدًّا أنني أرى الناس بشكل غريب, وكأنني لست في الواقع, لا أستطيع أن أصف كيف أراهم, وينتابني شعور بالقلق.
ملاحظة هامة: أنا أعيش وسط جو عائلي غير لائق: استهزاء, وسب, وشتم, ومقارنة بعض الشباب الناجح بي, والإحراج خلال تجمعات عائلية, و...
أود من سيادتكم أن أعرف نوع مرضي, وما هو العلاج المناسب؟
فأنا أعاني من هذا منذ 4 سنوات حتى الآن.
ملاحظات مهمة: لم أزر طبيبًا نفسيًا من قبل, وقد كنت بعد سنة من وقوع الحادث في حالة جيدة جدًّا, إلا أن الحالة تعود بعد ذلك, ثم تتراجع قليلًا, ثم تعود, وأنا أعمل وخلال العمل أفكر في الأمر كثيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنشكرك على رسالتك التفصيلية الواضحة بذاتها، وأود أن أؤكد لك وبصورة يقينية وقاطعة أن النوبة التي حدثت لك وسببت لك الكثير من الإزعاج والمخاوف هي نوبة قلقية حادة تسمى بنوبات الهرع, أو الهرع أو الفزع، والإنسان يأتيه شعور شديد بالخوف -خاصة الخوف من الموت- والضيق, وربما تسارع في ضربات القلب، والبعض قد يتعرق، عمومًا هي تجربة سخيفة جدًّا.
الطبيب الذي قام بمعاينتك بالمستشفى العمومي توصل إلى التشخيص بسرعة جدًّا؛ لأن هذه الحالة عامة وشائعة, ويعرفها الكثير من الأطباء غير المختصين في العلوم السلوكية، لكن كان من المفترض من هذا الأخ الطبيب أن يشرح لك الأمور بصورة أكثر تفصيلًا حسب المعلومات المتاحة لديه وحسب خبرته، ويقوم ببعث شيء من الطمأنينة في نفسك, ويشرح لك طبيعة العلاج, وينصحك بمقابلة الطبيب النفسي، كان هذا هو المفترض أن يحدث.
عمومًا أقول لك الآن: إن حالة الفزع تلك قد اختفت، لكن يعرف أن نوبات الهرع في كثير من الحالات قد تستمر في شكل قلق المخاوف الذي يكون مصحوبًا بشيء من الوساوس، وأنت لديك وسوسة واضحة جدًّا الآن، وهي التي تعاني منها، وهي الخوف من الجنون، هذا فكر وسواسي ناتج من القلق والمخاوف, وليس أكثر من ذلك.
أما شعورك بأنك لست في الواقع، هذا وصف جميل جدًّا للحالة النفسية سببها القلق أيضًا, هذا يسمى باضطراب الأنية, وهو نوع من تبدد الذات والواقع، الإنسان قد يحس أن كل ما حوله غريب, وأن نفسه ليست هي نفسه، والعالم حوله متغير.
هذه الحالة -أيها الفاضل الكريم- هي أحد إفرازات القلق النفسي، وحتى الأشخاص العاديين ربما يحدث لهم بعض الإجهاد النفسي الشديد, أو التعب الجسدي.
عمومًا: إن تشخيص حالتك هو أنك تعاني من قلق المخاوف الوسواسي، وهذه المسميات الثلاثة تعني شيئًا واحدًا أنك تعاني من بعض حالات القلق، والجزئيات التي ذكرناها لك هي جزئيات تفصيلية وددنا فقط أن تلم بها، وذلك حتى تقتنع بطبيعة حالتك، وأنا أؤكد لك أنها غير خطيرة أبدًا, وإن كانت مزعجة بعض الشيء، لكن يمكن علاجها بصورة سهلة جدًّا.
بالنسبة لمحيطك الذي تعيش فيه: أرجو دائمًا أن تكون إيجابيًا في تفكيرك، فهذا مهم جدًّا، والإنسان يجب أن يقبل الناس كما هم بقدر المستطاع، خاصة في محيط الأسرة، لكن هذا لا يعني أن تتوقف عن البحث بأن تكون لك شبكة اجتماعية رصينة, وذلك من خلال التعرف على الصالحين من الناس.
بالنسبة لإفادة الرقية الشرعية لك: فهذا أمر طيب, وواصل على نفس المنهاج بأن ترقي نفسك، بأن تحافظ على الصلاة في وقتها، لا تنسَ تلاوة القرآن، وكذلك الذكر, والدعاء, هذه متطلبات ضرورية في حياة كل مسلم.
الشعور بالدوخة, وقلة التركيز, والأرق, وانعدام الشهية للأكل، كلها مكونات نفسية, وليس أكثر من ذلك، كلها تتبع القلق، وحتى الخوف من أن تفقد السيطرة في بعض المواقف كالاجتماعات العائلية, أو المسجد هو شعور وسواسي, ولن تفقد السيطرة على الموقف أبدًا، أنا أؤكد لك ذلك.
ملاحظاتك الهامة التي ذكرتها أنا اطلعت عليها، وأؤكد لك أنها أيضًا في نطاق نفس التشخيص، وهو (قلق المخاوف الوسواسي).
طريقة العلاج: أنا أفضل أن تقابل طبيبًا نفسيًا إذا كان هذا ممكنًا، فهذا سوف يكون أمرًا جيدًا ومفيدًا، وإن لم يكن هنالك إمكانية فأرجو أن تحقر كل هذه الأفكار, وذلك بعد أن قمنا بإطلاعك على طبيعة تشخيصك، وفي ذات الوقت الفتِ انتباهك, واصرفه لإدارة الوقت بصورة جيدة، ولا بد أن تبحث عن عمل، فالعمل قيمة كبرى يؤهل الإنسان نفسيًا, واجتماعيًا, وذهنيًا, ومعرفيًا, وجسديًا، يُشعرك بقيمتك الذاتية، وهذا أمر هام وضروري جدًّا, وممارسة الرياضة أيضًا فيها فائدة كبيرة.
والجزء الأخير في نصائحنا العلاجية هو الدواء، إلّم تتمكن من الذهاب إلى الطبيب النفسي فلابد أن تتناول الأدوية المضادة للمخاوف الوسواسية، وأفضلها يعرف باسم (زيروكسات), وفي المغرب العربي يسمى (ديروكسات), واسمه العلمي هو (باروكستين), وجرعة البداية هي أن تبدأ بنصف حبة (عشرة مليجرامات) تناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة شهرين، ثم اجعلها حبة ونصفًا يوميًا، واستمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين يوميًا، استمر عليها لمدة شهرين، ثم خفضها إلى حبة ونصف، تناولها يوميًا لمدة شهرين، ثم اجعلها حبة واحدة لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا علاج رائع جدًّا, وسليم, وفعال, وسوف يقضي تمامًا على كل الأعراض التي تشتكي منها.
وللفائدة انظر منهج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية: (272641 - 265121 - 267206 - 265003).
بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
وسواس الموت سبب لي العديد من الأمراض، فكيف أتخلص منه؟ | 2863 | الثلاثاء 21-07-2020 03:16 صـ |
الخوف من الموت، كيف أتخلص منه؟ | 2789 | الأحد 19-07-2020 07:11 صـ |
كرهت حياتي والناس كرهوني بسبب تبلد مشاعري.. أريد حلا | 1083 | الخميس 16-07-2020 02:42 صـ |
فكرة الموت وذكريات طفولتي لا تفارقني، أرجو المساعدة. | 2125 | الثلاثاء 14-07-2020 02:54 صـ |
أشعر بعدة أعراض ولا أعرف هل هي نفسية أم جسدية أو روحية؟ | 1569 | الأربعاء 15-07-2020 03:36 صـ |