أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : الخوف المستمر من الموت نتيجة إصابة سابقة بلدغة عقرب

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إنه شعور مرعب، أفقدني الاستمتاع بحياتي، منذ ثلاث سنوات إلى أن أصبح عمري (16) سنة، وأنا أعاني من وسواس الموت، كانت بدايته وخزة عقرب، كانت الوساوس تأتيني على فترات متقطعة، وأشعر بالموت مع وخز في الأصابع، وضيق في التنفس، وألم في القلب، أما الآن زادت هذه الأعراض، وأريدكم أن تشخصوا حالتي، أصبحت لا أشعر بنفسي، وكأني لست أنا ولا أشعر بالواقع، ولا أستطيع التركيز، كما أني لا أشعر بجسمي مطلقاً، ولا أشعر بيدي ولا قدمي!

أشعر بأن روحي ستخرج، وأصبحت أفكر في الموت ليلاً ونهاراً، وأستيقظ من النوم مرعوبة، وأقول: من أنا، وأين أنا؟! وأشعر بالموت، ولا أشعر بجسمي، ولا بنفسي، وأصبت بكآبة شديدة، ولا أريد الخروج من المنزل أو لقاء الناس، وتزداد حالتي ليلاً، وتأتيني أفكار وسواسية بأني لن أعيش طويلاً، وأني لن أخرج من حالتي، وأن مرضي سيقتلني!

الذي زاد حالتي أن أبي سافر بي لمدينة قريبة من قريتنا التي لا يوجد بها أطباء نفسيون، وفي هذه المدينة لم نجد طبيباً نفسياً؛ لأن الطب النفسي متأخر في بلادنا، والآن أشعر باليأس وخيبة الأمل، وتسيطر علي وساوس الموت، وأنا موجودة في فندق أشعر الآن بنفس الأعراض، بل إنها زادت.

أراقب حركة الناس والسيارات، ومع هذا أشعر بإحساس غريب، أتمني أن تساعدوني وأن تصفوا لي أدوية لا تؤثر على دراستي، مع العلم أني أوسوس بعد تناول الدواء.

وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إن مشكلتك الحقيقية هي أنك لديك ميول عام للقلق النفسي، وهذا شكّل أرضية وقاعدة قوية جدّاً لأن تظهر عندك أعراض الخوف من الموت، والتي رُبطت ارتباطاً وثيقاً بلسعة العقرب، وحدث لك ما يعرف بالارتباط الشرطي، أي أن هذه الوخزة التي أحدثها العقرب يُعرف أن بعض الناس قد يموتون بعد ذلك، وعلى مستوى العقل الباطني ترسخت لديك فكرة الموت، وضعف التركيز واضطرابه والتشويش المصاحب له هو بالطبع جزء أساسي من حالة القلق النفسي التي تعانين منها، وكذلك ضيق التنفس والألم الذي تعانين منه في منطقة الصدر.

حالتك تطورت وأصبحت تعانين بتغير حول ذاتك ووجودها ومحيطها، وهذا يُسمى باضطراب الأنّية، أو التغرب عن الذات، وهو أيضاً نوع من القلق النفسي، إذن حالتك كلها تتمركز حول المخاوف القلقية، ومن الطبيعي حين يُصاب الإنسان بهذه الحالة يُصبح موسوساً حول هذه المخاوف.

هذا هو تشخيص حالتك، والذي أنصحك به هو أن تحاولي جهدك لتناسي هذه الأعراض، وعليك أن تحاوري نفسك وتقولي: (ليس هنالك ما يجعلني أضخم وأنشغل بهذه الأفكار، فهي أفكار قلقية وليس أكثر من ذلك).

الخوف الذي تعانين منه فيه ما يعرف بالقلق التوقعي، أي أنك تربطين أحداثاً معينة بالموت، ومن المنطقي جدّاً أن تصححي هذه الفكرة بأن الموت لا رابط له وأن الإنسان إذا كان يعرف وقت موته لأخذ التحوطات، كما قال الله تعالى آمراً نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: (( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ))[الأعراف:188]، ولكن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، وقال سبحانه: (( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ))[النمل:65]، والخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان ولا ينقصه مطلقاً مصداقاً لقوله تعالى: (( فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ))[الأعراف:34].

أنا أعرف أنك مؤمنة، وأعرف أنك مقتنعة بكل الذي قلته، وأعرف أن هذه مخاوف قلقية متسلطة عليك، لكن الجزئية التي ذكرتها لك أيضاً هامة جدّاً لدفع هذه الأفكار وهذه الوساوس.

العلاج الدوائي أبشرك أنه توجد أدوية ممتازة، وأدوية فعالة، وأنت في حاجة إلى دواء واحد، أرجو أن لا توسوسي حوله أبداً، فهو إن شاء الله فيه نفع كبير وخير كثير لك، وأهمية الدواء نشأت وارتبطت بأن حالات المخاوف والقلق والوساوس هي في الأصل ناتجة من اضطراب كيميائي يحدث في المخ، ويتعلق هذا الاضطراب بمادة تسمى السيروتونين يحدث عدم انتظام في إفرازها أو ضعف هذا الإفراز، وهنالك أناس لهم قابلية أكثر لهذه التغيرات من بقية الناس، ولذا تظهر الأعراض عند بعض الناس ولا تظهر عند الآخرين، وما دام الأمر يرتبط بحالة بيولوجية كيميائية فيعتبر الدواء مهماً.

أرجو أن تقتنعي بهذه الحقائق، والشيء المفرح أيضاً كما ذكرت أن الأدوية الحديثة سليمة جدّاً، وأنت في الحقيقة لست في حاجة إلا إلى دواء واحد، الدواء يعرف باسم (سبرالكس) واسمه العلمي هو (استيالوبرام)، الحبة تتكون من عشرة مليجرام، وهنالك حبة أخرى تتكون من عشرين مليجراماً، وأعتقد أنك في حاجة للحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام فقط، ابدئي في تناولها بجرعة نصف حبة (خمسة مليجرام)، تناوليها يومياً بعد الأكل، يمكنك أن تتناوليها ليلاً أو نهاراً، وبالطبع إذا حدث لك نعاس في أثناء النهار فثبتي الجرعة ليلاً، وبعد مضي عشرة أيام وأنت على نصف حبة ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة، واستمري عليها مدة ستة أشهر، وبعدها خفضي الجرعة إلى نصف حبة يومياً لمدة شهر، وبعد ذلك يمكنك أن تتوقفي عن تناول هذا الدواء.

الشق الآخر في العلاج هو الاجتهاد في دراستك وتوزيع وقتك بصورة صحيحة، وهنالك شق سلوكي آخر يفيدك كثيراً -إن شاء الله- وهو تطبيق تمارين الاسترخاء، وهذه التمارين متعددة، من أبسطها تمارين التنفس المتدرج، ولتطبيق هذه التمارين اجلسي في غرفة هادئة، يمكنك أن تضطجعي على السرير أو تجلسي على كرسي مريح، أغمضي عينيك، افتحي فمك قليلاً، بعد ذلك خذي نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف، ولابد أن يكون هنالك تركيز مطلق، بعد ذلك أمسكي الهواء قليلاً في صدرك، ثم أخرجي الهواء عن طريق الفم، ولابد أن يكون إخراجه أيضاً بقوة وبطء، هذا التمرين يكرر خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، واستمري عليه لمدة ثلاثة أسابيع، ثم اجعليه مرة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم يمكن التعاطي معه عند اللزوم، أي متى ما شعرت بأن هنالك أي ضيقة في صدرك.

أخيراً: ممارسة الرياضة تعتبر أمراً فاعلاً وجيداً لامتصاص القلق والمخاوف والتوترات العضلية، خاصة المتعلقة بالشعور بالضيق في الصدر، فحاولي أن تكوني حريصة على ممارسة أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.


أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
وسواس الموت سبب لي العديد من الأمراض، فكيف أتخلص منه؟ 2873 الثلاثاء 21-07-2020 03:16 صـ
الخوف من الموت، كيف أتخلص منه؟ 2799 الأحد 19-07-2020 07:11 صـ
كرهت حياتي والناس كرهوني بسبب تبلد مشاعري.. أريد حلا 1110 الخميس 16-07-2020 02:42 صـ
فكرة الموت وذكريات طفولتي لا تفارقني، أرجو المساعدة. 2136 الثلاثاء 14-07-2020 02:54 صـ
أشعر بعدة أعراض ولا أعرف هل هي نفسية أم جسدية أو روحية؟ 1575 الأربعاء 15-07-2020 03:36 صـ