أرشيف المقالات

رسالة مفتوحة لطالب العلم الشرعي في الجامعة

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
رِسَالةٌ مَفتُوحَةٌ لِطالِبِ العِلمِ الشَّرعِيِّ فِي الجَامِعَةِ
 
الحَمدُ للهِ الذي بِنِعمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالحاتُ، أما بَعدُ:
فإنَّ مِمَّا يَجبُ على طالبِ العِلمِ الشَّرعِيِّ أنْ يُدرِكَهُ تمامَ الإدراكِ أَنَّ مَا يَدرُسُهُ مِن مَوادَّ عِلميَّةٍ ومناهِجَ ومُقَرَّراتٍ دراسيَّةٍ في مَرحلةِ "البكالوريوس"، إنَّما هي مُجَرَّدُ إشاراتٍ ومفاتيحَ ومُقَدِّمَاتٍ وقواعدِ تَأسيسٍ للعِلمِ الشَّرعيِّ النَّافعِ، وبالتَّالي فإنَّ عليهِ أَنْ يَقُومَ بِبِنَاءِ نفسِهِ وشَخصِيَّتِهِ بِناءً عِلميًّا مُحكَمًا وتَطويرِهَا، وأَنْ يَصنعَ مِن ذاتِهِ شَيئًا مُتَمَيِّزًا لا أَنْ يكونَ رقمًا مِن الأرقامِ المُتَسَلسِلَةِ أو وَجهًا مِن الوجوهِ المُكَرَّرَةِ، ويتَحَقَّقُ ذلكَ بأَنْ يجتهدَ في القراءةِ والدَّرسِ والاطِّلاعِ والبَحثِ ومُتَابَعَةِ العُلماءِ و"المشَايخ" داخِلَ وخَارجَ أسوارِ الجامعةِ، وأَنْ يَنكَبَّ على تَحصينِ نَفسِهِ بِالعِلمِ المُفيدِ الذي يَخدمُ بهِ دينَهُ وأُمَّتَهُ وأهلَ الإسلام.
 
وتَجدرُ الإشارةُ في هذا المقامِ إلى أهميَّةِ الاستفادةِ مِن الدَّورِ الذي تؤدِّيهِ شبكةُ "الإنترنت" بِمَا تَحتوي عليهِ مِن المَواقعِ الإلكترونيَّةِ العِلميَّةِ النَّافعةِ المَوثُوقِ فيها وفي أهلِهَا والقَائمينَ عليهَا والمَوثوقِ، كذلكَ في سَلامةِ المَنهَجِ الشَّرعيِّ الذي تتبنَّاه وتَتَّبِعُهُ.
 
إيَّاكَ يا طالبَ العِلمِ أنْ تكونَ عبدًا لِهَاتِفِكَ الجَوَّالِ ومواقعِ التَّواصلِ الاجتماعي، حَرِّرْ نفسَكَ مِنها واعَملْ جَاهِدًا على أَنْ تَتَحَكَّمَ بها وتُديرَها حيثُ يَشَاءُ اللهُ لا أَنْ تُديرَ هيَ وقتَكَ وحياتَكَ وواقعَكَ ومُستقبَلَكَ.
 
إيَّاكَ يا طالبَ العِلمِ أنْ تكونَ عَبدًا لِقَنَاةٍ فضائيَّةٍ تَغسِلُ دِماغَكَ آناءَ الليلِ وأَطرافَ النَّهار.
 
إيَّاكَ يا طالبَ العِلمِ ثُمَّ إيَّاكَ أنْ تكونَ عَبْدًا مَملُوكًا للأَحزابِ التي تَلبَسُ ثوبَ الإسلامِ وتَختَبِئُ خَلْفَهُ، وتعملُ جَاهِدةً على الاستحواذِ على عَقلِكَ، فَتُلْبِسُكَ على عَقلِكَ صُندوقَهَا الأسودَ وتَضعُ على عَينيكَ نَظَّارةَ غشَاوتِهَا السَّوداء.
 
لا تَسْمِحْ لِأَحَدٍ أنْ يَحصُرَ عقلَكَ داخلَ صُندوق التَّشدُّدِ والتَّعصُّبِ والإِقصَاء وعدمِ قبول الآخَرِ أو الاعتِرافِ بهِ.
 
يا طالبَ العِلمِ إِنَّ لكَ في هذا الكَونِ دَورًا فانهَضْ أَلَا فَلتَنهَضْ للدَّعوةِ إلى هذا الدِّينِ، وَلتَكُنْ أحسنَ الناسِ قَولًا وفِعلًا، وإنْ حَدَّثُوكَ عَن سَيِّئَةِ فُلَانٍ فَلتَقُلْ: غَفَرَ اللهُ لنَا ولَهُ، ولَا تَزِد.
 
لا تَسمَح لأَحزابِ المَصلحةِ التي ترى نفسَهَا وأَتبَاعَهَا أُمَّةً مِن دُونِ النَّاس وأنَّها وإيَّاهم وَحْدَهُم الوَارِثُونَ المَنصُورونَ، وأنَّ مَن خَالَفَهُم أَهلُ جَاهليَّةٍ وضَلَالَةٍ وبَاطِلٍ!
 
لا تَسمَح لِهؤلاءِ أنْ يَصقُلُوا منكَ قطعةَ "شَطَرَنج"، أو دُميَةً صَمَّاءَ على المَسرحِ يُحَرِّكُونَ خُيوطَهَا بأَصَابِعِهِم مِن خَلْفِ السَّتائر.
 
يا طالبَ العِلمِ على اللهِ قَصْدُ السَّبيل، يا طالبَ العِلمِ جَدِّدْ النِّيَّةَ مع اللهِ يَومًا على صَدرِ يَومٍ، يا طالبَ العلمِ اثنانِ لَا تُسَلِّمْهُمَا لِأَحدٍ إلَّا رب العَالمينَ، ذَانِكَ هُمَا عَقلُكَ وقلبُكَ؛ فَهُمَا مَكْمَنُ السِّرِّ، فيهمَا أفراحُكَ وأَحزانُكَ وسعادتُكَ وأَوجاعُكَ وانطلاقَاتُكَ وانكِتَافاتُكَ ولَمَعانُكَ وتَوَهُّجُكَ وانطِفَاءاتُكَ ألَا فَلتَحذَر..

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢