أرشيف المقالات

فضائل العلوم

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
فضائل العلوم


قَالَ في "مِنْهَاجِ اليَقِين": واعْلَمْ أنَّ كُلَّ العُلومِ شَرِيفَةٌ، وَلِكُلِّ عِلْمٍ مِنْهَا فَضِيلَةٌ، والإحاطةُ بجميعِها مُحَالٌ لِعَجْز عُقُولِ الْبَشرِ عَنْ إحَاطَتِهَا أَوْ لِعَدَمِ تَنَاهِي الأَعْمَار وإحاطَةِ الغيرِ الْمُتَناهِي بالْمُتَناهِي مُحَالٌ وقيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: مَنْ يَعْرِفُ كلَّ العُلوم؟ فقَالَ: كلُّ النَّاسِ.
 
قُلْتُ: مَا يَعْلَمُ كُلَّ الْعُلومِ إلا الله جَلَّ وَعَلا.
قَالَ تعالى: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85]، وَرُوِيَ عنِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنهُ قَالَ: «مَنْ ظَنَّ أَنَّ لِلْعِلْمِ غَايَةٍ فَقَدْ بَخَسَهُ حَقَّهُ وَوَضَعَهُ في غَيْر مَنْزِلَتِهِ التِي وَصَفَهُ الله بِهَا؛ حَيْثُ يَقُولُ: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85]؛ انتهى.
 
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: سَألَ أَهْلُ الكتاب رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن الروحِ، فأنزل الله: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ﴾، فقَالَوا: تَزْعُمُ أَنَّا لَمْ نَؤْتَ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا وَقَدْ أوُتِينَا التوراةَ وهي الْحِكْمَةُ ﴿ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 269]، قَالَ: فنزلت: ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ﴾ [لقمان: 27].
 
قَالَ: مَا أُوتِيتُمْ مِنْ عِلْمٍ فَنَجَّاكُمْ اللهُ بِهِ مِنَ النَّارِ فَهُوَ كَثِيرٌ طَيّبٌ، وَهو في عِلْم اللهِ قليلٌ.
وقَالَ بعضُ العُلَمَاءِ: لَوْ كُنَّا نَطْلبُ العِلْمِ لِنبْلُغَ غايَتَهُ كُنَّا قَدْ بَدَأنَا بالنَّقَيصةِ وَلكِننا نَطْلبُهُ لِنُنَقصَ في كلّ يومٍ مِنَ الْجَهْلِ وَنَزْدَادَ في كلَّ يَوْمٍ مِنَ الْعِلْمِ.
 
شِعْرًا:

الْعِلْمُ نُورٌ فلا تُهْمِلْ مَجَالِسَهُ
وَاعْمَلْ جَمِيلًا يُرى فالْفضْلُ في الْعَمَلِ

لا تَرْقُدِ اللَّيْلَ ما في النَّوْمَ فائِدةٌ
لا تَكْسَلَنَّ تَرَى الْحُرْمان في الْكَسَلِ

 
آخر:

إِذَا لَمْ تَكُنْ حَافِظًا وَاعِيًا
فَجَمْعُكَ لِلْكُتْبِ لا يَنْفَعُ

 
آخر:

وَبَادِرْ بَاللَّيْلِ بَدرِسِ العُلُومِ
فَإنَّمَا اللَّيلُ نَهَارُ الأَرِيبْ

 
آخر:

احْفَظْ الْعِلْمَ مَا اسْتَطَعْتَ
فإِنَّكَ إِنْ كُنْتَ خَامِلًا رَفَعَكَ

وَاتْرُكِ الْجَهْلَ مَا اسْتَطَعْتَ
فَإنَّكَ إِنْ كُنْتَ عَالِيًا وَضَعَكَ

 
آخر:

مَا حَوى العِلْمِ جَمِيعًا أَحُدٌ
لا وَلَوْ حَاوَلَهُ أَلْفَ سَنَةْ

إِنَّمَا الْعِلْمُ كَبَحْرٍ زَاجِرٍ
فَاتَّخِذْ مِنْ كُلِّ شيءٍ أَحْسَنَهْ

 
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ إِلى مَعْرِفَةِ جَمِيعِ العُلُومِ سَبِيلٌ وَجَبَ صَرْفُ الاهتمامِ إلى مَعْرِفَةٍ أَهَمَّهَا والْعنَايَةُ بَأَوْلاها وأفضَلِهَا وأوْلَى الْعُلومِ وَأَفْضَلُهَا علمُ الدِّينِ الْمُبِيِّنِ بالكتابِ والسُّنةِ والْمُسْتَنبَذِ منهُما لأنَّ النَّاسَ بِمعرفَةِ علومِ الشَّرْحِ يَرْشُدُون وَيَهْتَدُونَ، وَبِجَهْلِهِ يَضِلّونَ.
ولا تَصِحُّ الْعبادةُ مِمَّنْ لا يَعْرِفُ صِفَتَهَا وَلا شُرُوطَها ولا أرْكَانَهَا والذي يجبُ على المكلَّفِ تعلُّمُهُ من العلوم الدينية كلًّ ما يحتاجُهُ في عِبَادَاتِهِ وَمُعَامَلاتِهِ وَمَا عَدا ذَلِكَ مِنْ العُلومِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ مَا هُو وَسِيلةٌ فَمُسْتَحبٌّ.
قَالَ الله تعالى: ﴿ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 122]، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١