Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73


بعد مرور عامين أو ثلاثة أعوام من الحصار الظالم في شعب أبي طالب نقضت الصحيفة وفك الحصار؛ وذلك أن قريشا كانوا بين راض بهذا الميثاق وكاره له، فسعى في نقض الصحيفة من كان كارها لها, وكان القائم بذلك هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤي, وكان يصل بني هاشم في الشعب مستخفيا بالليل بالطعام, فإنه ذهب إلى زهير بن أبي أمية المخزومي -وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب- وقال: يا زهير، أرضيت أن تأكل الطعام، وتشرب الشراب، وأخوالك بحيث تعلم؟ فقال: ويحك، فما أصنع وأنا رجل واحد؟ أما والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها.

قال: قد وجدت رجلا.

قال: فمن هو؟ قال: أنا.

قال له زهير: ابغنا رجلا ثالثا.

فذهب إلى المطعم بن عدي، فذكره أرحام بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف، ولامه على موافقته لقريش على هذا الظلم، فقال المطعم: ويحك، ماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد.

قال: قد وجدت ثانيا.

قال: من هو؟ قال: أنا.

قال: ابغنا ثالثا.

قال: قد فعلت.

قال: من هو؟ قال: زهير بن أبي أمية.

قال: ابغنا رابعا.

فذهب إلى أبي البختري بن هشام، فقال له نحوا مما قال للمطعم، فقال: وهل من أحد يعين على هذا؟ قال: نعم.

قال: من هو؟ قال زهير بن أبي أمية، والمطعم بن عدي، وأنا معك.

قال: ابغنا خامسا.

فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد، فكلمه, وذكر له قرابتهم وحقهم، فقال له: وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد؟ قال: نعم.

ثم سمى له القوم، فاجتمعوا عند الحجون، وتعاقدوا على القيام بنقض الصحيفة، وقال زهير: أنا أبدأكم فأكون أول من يتكلم.

فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زهير عليه حلة، فطاف بالبيت سبعا، ثم أقبل على الناس، فقال: يا أهل مكة، أنأكل الطعام, ونلبس الثياب, وبنو هاشم هلكى، لا يباع ولا يبتاع منهم؟ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.

قال أبو جهل, وكان في ناحية المسجد: كذبت، والله لا تشق.

فقال زمعة بن الأسود: أنت والله أكذب، ما رضينا كتابتها حيث كتبت.

قال أبو البختري: صدق زمعة، لا نرضى ما كتب فيها، ولا نقر به.

قال المطعم بن عدي: صدقتما، وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها.

وقال هشام بن عمرو نحوا من ذلك.

فقال أبو جهل: هذا أمر قضي بليل، وتشوور فيه بغير هذا المكان.

وأبو طالب جالس في ناحية المسجد، إنما جاءهم لأن الله كان قد أطلع رسوله صلى الله عليه وسلم على أمر الصحيفة، وأنه أرسل عليها الأرضة، فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم إلا ذكر الله عز وجل، فأخبر بذلك عمه، فخرج إلى قريش فأخبرهم أن ابن أخيه قد قال كذا وكذا، فإن كان كاذبا خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقا رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا.

قالوا: قد أنصفت.

وبعد أن دار الكلام بين القوم وبين أبي جهل، قام المطعم إلى الصحيفة ليشقها، فوجد الأرضة قد أكلتها إلا (باسمك اللهم)، وما كان فيها من اسم الله فإنها لم تأكله.

ثم نقض الصحيفة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب، وقد رأى المشركون آية عظيمة من آيات نبوته، ولكنهم  كما أخبر الله عنهم: (وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ) أعرضوا عن هذه الآية وازدادوا كفرا إلى كفرهم.


هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، من خير نساء الدنيا، أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك بإناء فيه إدام -أو طعام أو شراب- فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.

كانت خديجة أول من أسلم بالنبي صلى الله عليه وسلم.

آمنت به إذ كفر به الناس، وآوته إذ رفضه الناس، وصدقته إذ كذبه الناس، ورزقه الله منها الولد: القاسم، والطيب، والطاهر، ماتوا رضعا، ورقية، وزينب، وأم كلثوم، وفاطمة, توفيت رضي الله عنها وأبو طالب في عام واحد، فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بموتهما, فكانت خديجة وزيرة صدق على الإسلام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسكن إليها.

«توفيت خديجة قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين، فلبث سنتين أو قريبا من ذلك، ونكح عائشة وهي بنت ست سنين، ثم بنى بها وهي بنت تسع سنين» توفيت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها في مكة، ودفنت بالحجون.


خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، وهي تبعد عن مكة نحو ستين ميلا، سارها ماشيا على قدميه جيئة وذهابا، ومعه مولاه زيد بن حارثة، وكان كلما مر على قبيلة في الطريق دعاهم إلى الإسلام، فلم تجب إليه واحدة منها, فلما انتهى إلى الطائف عمد إلى رؤسائها فدعاهم فلم يستجيبوا له, فأقام بين أهل الطائف عشرة أيام، لا يدع أحدا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فقالوا: اخرج من بلادنا.

وأغروا به سفهاءهم، فلما أراد الخروج تبعه سفهاؤهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس، فوقفوا له سماطين [أي صفين] وجعلوا يرمونه بالحجارة، وبكلمات من السفه، ورجموا عراقيبه، حتى اختضب نعلاه بالدماء.

وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابه شجاج في رأسه، ولم يزل به السفهاء كذلك حتى ألجأوه إلى حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة على ثلاثة أميال من الطائف, ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق مكة بعد خروجه من الحائط كئيبا محزونا، كسير القلب، فلما بلغ قرن المنازل بعث الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئا).

وفي هذا الجواب الذي أدلى به الرسول صلى الله عليه وسلم تتجلى شخصيته الفذة، وما كان عليه من خلق عظيم.


لما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف راجعا إلى مكة، حتى إذا كان بنخلة، قام من جوف الليل يصلي، فمر به النفر من الجن الذين ذكرهم الله تعالى، وكانوا سبعة نفر من جن أهل نصيبين، فاستمعوا لتلاوة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من صلاته، ولوا إلى قومهم منذرين، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا، وفيهم نزل قوله تعالى: (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلىٰ قومهم منذرين (29) قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسىٰ مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلىٰ طريق مستقيم (30) يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم(31) ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولٰئك في ضلال مبين (32)) [الأحقاف]  وبعد عدة أشهر من لقاء الوفد الأول من الجن برسول الله صلى الله عليه وسلم, جاء الوفد الثاني متشوقا لرؤية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم, والاستماع إلى كلام رب العالمين.


بعد أن اشتد المرض على أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي كفله صغيرا، وآزره كبيرا، وناصره على دعوته، وحماه من عوادي المشركين، دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل، فقال: ( أي عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله).

فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، ترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلماه حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لأستغفرن لك ما لم أنه عنه).

فنزلت: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم}ونزلت: {إنك لا تهدي من أحببت}.

وقد كان أبو طالب الحصن الذي احتمى به النبي صلى الله عليه وسلم من هجمات الكبراء والسفهاء، ولكنه بقي على ملة الأشياخ من أجداده، فلم يفلح.


بعد وفاة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها والتي كانت من نعم الله الجليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، القرشية، تزوجها بمكة قبل الهجرة، وكانت ممن أسلم قديما, وهاجرت الهجرة الثانية إلى الحبشة، وكان زوجها السكران بن عمرو، وكان قد أسلم وهاجر معها، فمات بأرض الحبشة، أو بعد الرجوع إلى مكة، فلما حلت خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها، وكانت أول امرأة تزوجها بعد وفاة خديجة، وكانت في العقد السادس من عمرها وقتها، ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم طلاقها صالحته بأن وهبت نوبتها لعائشة رضي الله عنها فأمسكها، ولم يصب منها ولدا حتى مات صلى الله عليه وسلم.


لما أراد الله عز وجل إظهار دينه، وإعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم، وإنجاز موعده له خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في موسم الحج يعرض نفسه على قبائل العرب، كما كان صنع في كل موسم.

فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا فقال لهم من أنتم؟ قالوا: نفر من الخزرج، قال أمن موالي يهود؟ قالوا: نعم.

قال أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا: بلى.

فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عز وجل، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن.

وكان مما صنع الله لهم به في الإسلام أن يهود كانوا معهم في بلادهم، وكانوا يتوعدونهم بقرب ظهور نبي يتبعونه ثم يقتلون معه العرب قتل إرم, فلما كلمهم صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الله قال بعضهم لبعض: يا قوم، تعلموا والله إنه للنبي الذي توعدكم به يهود فلا تسبقنكم إليه.

فأجابوه فيما دعاهم إليه وقالوا له: إنا قد تركنا قومنا، ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، وعسى أن يجمعهم الله بك.

فسنقدم فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك.

ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم، قد آمنوا وصدقوا".

فلما قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم.