سقى اللهُ بالكفر الأباظيِّ مضجعاً
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سقى اللهُ بالكفر الأباظيِّ مضجعاً | تضَّوع كافوراً من الخلد ساريا |
يطيب ثرى بردينَ من نفح طيبه | كأن ثرى بردينَ مسّ الغواليا |
فيا لَكَ غِمداً من صَفيحٍ وجَنْدَلٍ | حوَى السيفَ مَصقولَ الغِرارِ يَمانيا |
وكنا استلَلْنا في النوائب غَرْبَهُ | فلم يلفَ هيّاباً، ولم يلف نابيا |
إذا اهتزَّ دونَ الحقِّ يَحمي حِياضَه | تأَخَّر عنها باطلُ القومِ ظاميا |
طوتهُ يدٌ للموت، لا الجاهُ عاصماً | إذا بطشتْ يوماً، ولا المالُ فاديا |
تنالُ صبا الأعمار عند رفيقه | وعندَ جفوفِ العودِ في السنِّ ذاويا |
وبعضُ المنايا تُنْزلُ الشَّهْدَ في الثرى | ويحططنَ في الترب الجبالَ الرواسيا |
يقولو: يرثي الراحلين، فويحهم! | أأملتُ عندَ الراحلين الجوازيا؟ |
أبوا حسداً أن أجعل الحيَّ أسوة ً | لهم، ومثالاً قد يصادفُ حاذيا |
فلمّا رثيتُ الميتَ أقضي حقوقه | وجدتُ حسوداً للرُّفاتِ وشانيا |
إذا أَنت لم ترْعَ العهودَ لهالكٍ | فلستَ لحيٍّ حافظَ العهد راعيا |
فلا يطوين الموتُ عهدك من أخٍ | وهبهُ بوادٍ غيرِ واديك نائيا |
أَقام بأَرضٍ أَنت لاقِيه عندَها | وإن بتما تستبعدان التلاقيا |
رَثيْتُ حياة ً بالثناءِ خليقة ً | وخليتُ عهداً بالمفاخر حاليا |
وعزَّيْتُ بيتاً قد تبارَتْ سماؤُه | مشايخَ أقماراًن ومرداً دراريا |
إلى الله إسماعيلُ وانزِلْ بساحة ٍ | أظلَّ الندى أقطارها والنواحيا |
تَرَى الرحمة َ الكبرى وراءَ سمائها | تَلُفُّ التُّقى في سَيْبِها والمَعاصيا |
لدى ملكٍ لا يمنع الظلَّ لائذاً | ولا الصفحَ تواباً، ولا العفوَ راجيا |
وأقسمُ كنتَ المرءَ لم ينسَ دينه | ولم تلههِ دنياؤه وهيَ ماهيا |
وكنتَ إذا الحاجاتُ عزَّ قضاؤها | لحاجِ اليتامى والأَراملِ قاضيا |
وكنتَ تُصلِّي بالملوكِ جماعة ً | وكنت تقوم الليلَ بالنفس خاليا |
ومَن يُعْطَ من جاهِ الملوك وَسِيلة ً | فلا يصنع الخيراتِ، لم يعطَ غاليا |
وكنتَ الجريءَ النَّدْبَ في كلِّ موقفٍ | تلفَّتَ فيه الحقُّ لم يَلْقَ حاميا |
بصرتُ بأخلاقِ الرجالِ فلم أجدْ | ـ وإن جَلَت الأَخلاقُ ـ للعزم ثانيا |
من العزمِ ما يُحيي فُحولاً كثيرة ً | وقدَّمَ كافورَ الخَصِيّ الطَّواشِيا |
وما حطَّ مِنْ رَبِّ القصائد مادحاً | وأنزله عن رتبة ِ الشعر هاجيا |
فليس البيانُ الهجوَ إن كنت ساخطاً | ولا هو زُورُ المدحِ إن كنتَ راضيا |
ولكنْ هدى الله الكريمِ ووحيه | حَملتَ به المصباحَ في الناسِ هادِيا |
تُفيض على الأَحياءِ نوراً، وتارة ً | تضيءُ على الموتى الرَّجامَ الدَّواجيا |
هياكلُ تفنى ، والبيانُ مخلدٌ | أَلا إنّ عِتْقَ الخمرِ يُنْسِي الأَوانيا |
ذهبْت أَبا عبدِ الحميدِ مُبَرَّءاً | من الذَّام، محمودَ الجوانبِ، زاكيا |
قليلَ المساوي في زمانٍ يرى العلا | ذُنوباً، وناسٍ يَخْلُقون المساويا |
طوَيناك كالماضي تَلقَّاه غِمدُه | فلم تسترح حتى نشرناك ماضيا |
فكنتَ على الأَفواه سيرة َ مُجمِلٍ | وكنت حديثاً في المسامع عاليا |
وفيتَ لمن أدناكَ في الملك حقبة ً | فكانَ عجيباً أَن يَرى الناسُ وافيا |
أَثاروا على آثار مَوْتِكَ ضَجّة ً | وهاجُوا لنا الذكرى ، وَردُّوا اللياليا |
ومن سابقَ التاريخَ لم يأمن الهوى | مُلِجّاً، ولم يَسلَم منَ الحِقْدِ نازيا |
إذا وضعَ الأحياءُ تاريخَ جيلهم | عَرفتَ المُلاحي مِنهمُ، والمُحابيا |
إذا سلم الدستور هان الذي مضى | وهان من الأحداثِ ما كان آتيا |
أَلا كلُّ ذَنْب لِليالي لأَجله | سدلنا عليه صفحنا والتناسيا |