جرحٌ على جرحٍ! حَنانَكِ جِلَّقُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
جرحٌ على جرحٍ! حَنانَكِ جِلَّقُ | حمِّلتِ ما يوهي الجبالَ ويزهقُ |
صبراً لباة الشرقِ ؛ كلُّ مصيبة ٍ | تبْلَى على الصبر الجميلِ وتخلق |
أنسيتِ نارَ الباطشينَ ، وهزّة ً | عرتِ الزمانَ ، كأن روما تحرقُ |
رعناءَ أرسلها ودسّ شواظها | في حجرة ِ التاريخِ أرعنُ أحمقُ |
فمشتْ تحطِّمُ باليمينِ ذخيرة ً | وتَلُصُّ أُخرى بالشمال وتَسْرِق؟ |
جُنَّتْ، فضعضعها، وراضَ جِمَاحَها | من نشئكَ الحمسُ الجنونُ المطبقُ |
لقيَ الحديدُ حميَّة ً أمويَّة ً | لا تكتسي صدأً ، ولا هي تطرقُ |
يا واضعَ الدّستورِ أَمسِ كخُلْقِه | ما فيه من عِوَجٍ، ولا هُو ضيِّق |
نظمٌ من الشورى ، وحكمٌ راشدٌ | أدبُ الحضارة ِ فيهما والمنطقُ |
لا تَخْشَ ممّا ألحقوا بكتابه | يَبقَى الكتابُ وليس يبقَى المُلْحق |
مَيْتَ الجلالِ، من القوافي زَفْرة ٌ | تجري، ومنها عبْرَة ٌ تترقرق |
ولقد بعثتهما إليكَ قصيدة ً | أَفأَنتَ مُنتَظِرٌ كعهْدكَ شَيِّق؟ |
أَبكي ليالِينَا القِصار وصحبة ً | أخذتْ مخيلتها تجيشُ وتبرقُ |
لا أَذكرُ الدنيا إليك؛ فربّما | كره الحديثَ عن الأجاجِ المغرقُ |
طبعتْ من السمّ الحياة ، طعامها | وشرابُها، وهواؤها المتنشَّق |
والناسُ بين بطيئها وذعافها | لا يعلمون بأيِّ سمِّيها سقوا |
أما الوليُّ فقد شقاكَ بسمِّه | ما ليس يَسقيك العدوُّ الأَزرق |
طلبوك والأَجلُ الوَشِيكُ يَحُثُّهم | ولكلِّ نفسٍ مُدَّة ٌ لا تُسبَق |
لمّا أعان الموتُ كيدَ حبالهم | علقتْ ، وأسبابُ المنية ِ تعلقُ |
طَرَقَتْ مِهادَك حَية ٌ بَشَرية ٌ | كفرتْ بما تنتابُ منه وتطرُق |
يا فوز ، تلك دمشقُ خلفَ سوادها | ترمي مكانكَ بالعيون وترمقُ |
ذكرتْ لياليَ بدرها ، فتلفَّتتْ | فعساك تَطلُع، أو لعلَّك تُشْرِق |
برَدَى وراءَ ضِفافِه مُستعبِرٌ | والحورُ محلولُ الضفائر مطرقُ |
والطيرُ في جَنَباتِ دُمَّرَ نُوَّحٌ | يجدُ الهومَ خليُّهن ويأرقُ |
ويقول كلُّ محدِّثً لسميره | أبذاتِ طوقٍ بعدَ ذلك يوثق ؟ |
عشقتْ تهاويلَ الجمالِ ، ولم تجدْ | في العبقرية ما يحبُّ ويعشقُ |
فمشتْ كأنَّ بنانها يدُ مدمنٍ | وكأَن ظلَّ السمِّ فيها زِئْبَق |
ولو أنّ مقدوراً يردُّ لردِّها | بحياته الوطنُ المَرُوعُ المُشْفِق |
أَشقى القضاءُ الأَرض، بعدَك أُسرة | لولا القضاء من السماءِ لما شَقوا |
قَسَتِ القلوبُ عليهمُ وتحجَّرَتْ | فانظر فؤادَك، هل يلينُ ويَرفُق؟ |
إن الذين نزلْتَ في أَكنافهم | صَفحوا، فما منهم مَغِيظٌ مُحْنَق |
سَخِروا من الدنيا كما سَخِرَتْ بهم | وانبَتَّ من أَسبابها المُتَعَلَّق |
يا مأتماً من عبدِ شمسً مثله | للشمس يصنعُ في الممات وينشق |
إن ضاق ظهرُ الأرضِ عنك فبطنها | عمّا وراءَكَ من رُفاتٍ أَضْيق |
لما جَمَعْتَ الشامَ من أَطرافِه | وافى يعزِّي الشامَ فيك المشرقُ |
يبكي لواءً من شبابِ أميّة ٍ | يَحمي حِمَى الحق المبينِ ويخفق |
لمستْ نواصيها الحصونُ ترومه | |
ركنُ الزعامة ِ حين تطلب رأيه | فَيَرَى ، وتسْأَلُه الخطابَ فينْطِق |
ويكاد من سحرِ البلاغة ِ تحتَه | عودُ المنابرِ يستخف فيورق |
فيحاءُ، أَين على جِنانِك وردة ٌ | كانت بها الدنيا ترفُّ وتعبقُ ؟ |
علويّة تجد المسامع طيها | وتُحِسُّ ريَّاها العقولُ وتَنشَق |
وأرائكُ الزّهر الغصون ، وعرشها | يدُ أمة ٍ وجبينها والمفرق |
منْ مبلغٌ عني شبولة جلَّق | قولاً يَبرُّ على الزمان ويصْدُق؟ |
بالله جلَّ جلالُه، بمحمدٍ | بيسوعَ ، بالغزِّيِّ لا تتفرقوا |
قد تُفْسِدُ المرْعَى على أخواتها | شاة ٌ تندُّ من القطيعِ وتمرقُ |