مرحباً بالربيع في ريعانِهْ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
مرحباً بالربيع في ريعانِهْ | وبأَنوارِه وطِيبِ زَمانِهْ |
رَفَّت الأَرضُ في مواكِب آذا | رَ، وشبَّ الزمانُ في مِهْرَجانِه |
نزل السهلَ طاحكَ البِشْر يمشي | فيه مَشيَ الأمير في بُستانه |
عاد حَلْياً بِرَاحَتيْهِ وَوَشْياً | طولُ أَنهارِهِ وعَرْضُ جنانه |
لف في طيْلَسانِه طُرَرَ الأر | ضِ، فطاب الأَديمُ من طيلسانه |
ساحرٌ فتنة ُ العيونِ مُبينٌ | فضل الماء في الربا بجمانه |
عبقريُّ الخيالِ ، زاد على الطيْـ | ـف، وأَرْبَى عليه في أَلوانه |
في مأتمٍ لم تخلُ فيـ | يَهْنِيكَ ما حرَّمتْ حين تنام |
تبكي الكريمَ على العشـ | |
صِبْغَة ُ الله! أَين منها رفَائيـ | ـلُ ومنقاشه وسحرُ بنانه |
رنم الروضُ جدولاً ونسيماً | وتلا طير أكيهِ غصنُ بانه |
وشدَت في الرُّبا الرياحينُ هَمساً | كتغني الطروبِ في وجدانه |
كلُّ رَيْحانة ٍ بلحنٍ كعُرْسٍ | أُلِّفَتْ للغناءِ شَتَّى قِيانه |
ـمة ِ فالتفَّتا على صَوْلجانه | |
وعلمتُ أنك من يودُّ ومنْ يفي | فقف الغداة َ لو استطعتَ وفاءَ |
نَغَمٌ في السماءِ والأَرضِ شتَّى | من معاني الربيع أو ألحانه |
أين نور الربيع من زهر الشعـ | ـر إذا ما استوى على أفنانه؟ |
سرمد الحسن والبشاشة مهما | تلتمسْهُ تجِدْهُ في إبّانه |
حَسَنٌ في أَوانِه كلُّ شيءٍ | وجمالُ القريض بعد أوانه |
ملك ظله على ربوة الخلـ | ـدِ، وكُرسيُّه على خُلجانه |
أَمَرَ الله بالحقيقة ِ والحكـ | |
لم تثر أمة ٌ إلى الحقِّ إلا | بهُدَى الشعرِ أَو خُطا شَيْطانه |
ليس عَزْفُ النحاسِ أَوقَعَ منه | في شجاعِ الفؤادِ أَو في جبانه |
فقدتك في العمر الطريـ | ـرِ، وفي زها الدنيا الكعاب |
ورعاني ، رعى الإله له الفارو | ق طفلاً ، ويوم مرجو شانه |
ملك النيل من مصبيه بالشـ | ـطِّ ، إلى منبعيه من سودانه |
شيخٌ تمالكَ سنة ُ لم ينفجرْ | كالطفل من خوفِ العقابِ بكاءَ |
هو في المُلك بَدْرُهُ المُتجَلِّي | حُفَّ بالهَالَتَيْنِ من بَرلمانه |
زادهُ الله بالنيابة ِ عِزّاً | فوقَ عِزِّ الجلالِ من سلطانه |
منبرُ الحقِّ في أَمانة ِ سعدٍ | وقِوامُ الأُمورِ في ميزانه |
لم ير الشرق داعياً مثل سعدٍ | رَجَّه من بِطاحه ورِعانه |
ذكَّرتْه عقيدة ُ الناسِ فيهِ | كيف كان الدخولُ في أديانه |
نهضة ٌ من فتى الشيوخش وروحٌ | سريا كالشبابِ في عنفوانه |
حركا الشرق من سكونٍ إلى القيـ | ـدِ، وثارا بهِ على أَرسانه |
وإذا النفسُ أنهضتْ من مريض | دَرَجَ البُرءُ في قُوَى جُثمانه |
يا عكاظاً تألفَ الشرقُ فيه | من فِلسطينِه إلى بَغْدانِه |
افتقدنا الحجاز فيه ، فلم نعـ | |
حملت مصر دونه هيكل الدِّ | ينِ ، وروحَ البيانِ من فرقانه |
وطدت فيكَ من دعائمها الفصْ | ـحى ، وشُدَّ البيانُ من أركانه |
إنما أنتَ حلبة ٌ لم يسخر | مثلُها للكلامِ يومَ رِهانه |
تتبارى أَصائلُ الشامِ فيها | والمذاكي العتاقُ من لبنانه |
قلدتني الملوك من لؤلؤ البحريـ | ـنِ آلاءَها ومن مَرْجانه |
نخْلة لا تزال في الشرق معنًى | من بداواته ومن عُمرانه |
حنَّ للشامِ حقبة ً وإليها | فاتحُ الغرب من بني مَرْوانه |
المرضعاتُ سكبن في وجدانه | |
وحبتْني بُمْبَايُ فيها يَراعاً | أفرغَ الودُّ فيه من عقيانه |
ليس تلقى يراعها الهند إلا | في ذرا الخلقِ أو وراءَ ضمانه |
أَنْتَضِيه انتضاءَ موسى عصاه | يفرقُ المستبدُّ من ثعبانه |
يَلْتَقِي الوحيَ من عقيدة ِ حُرٍّ | كالحواريِّ في مدَى إيمانه |
غير باغٍ إذا تطلبَ حقاً | أو لئيم اللجاجِ في عدوانه |
موكبُ الشعرِ حركَ المتنبي | في ثراهُ، وهزَّ من حَسّانه |
شرُفَتْ مصرُ بالشموسِ من الشر | ق نجوم البيان من أعيانه |
قد عرفنا بنجمة ِ كلَّ أفقٍ | واستبنا الكتاب من عنوانه |
لست أنسى يداً لأخوانِ صدقٍ | منحوني جزاءَ ما لمْ أعانه |
رُبَّ سامي البيانِ نَبَّهَ شأْني | أَنا أَسمو إلى نَباهة شانه |
كان بالسبقِ والميادينِ أَوْلَى | لو جرى الحظُّ في سَواءِ عنانه |
إنما أظهروا يدَ اللهِ عندي | وأَذاعوا الجميلَ من إحسانه |
ما الرحيق الذي يذوقون من كرْ | مِي، وإن عِشْتُ طائفاً بدِنانه |
وهبوني الحمامَ لذَّة َ سجعٍ | أَينَ فضلُ الحَمَام في تَحنانه؟ |
وَتَرٌ في اللّهاة ، ما للمغنِّي | من يدٍ في صَفائه ولِيانه |
رُبَّ جارٍ تَلَّفتتْ مصرُ تُوليـ | ـه سؤالَ الكريمِ عن جيرانه |
بَعثتْني معزِّياً بمآقي | وطني ، أو مهنئاً بلسانه |
كان شعري الغناءَ في فرح الشر | قِ ، وكان العزاءَ في أحزانه |
قد قضى الله أن يؤلِّفنا الجر | حُ، وأَن نلتقي على أَشجانه |
كلما أَنّ بالعراقِ جريحٌ | لمس الشرقُ جنبه في عُمانه |
وعلينا كما عليكم حديدٌ | تَتنزَّى اللُّيُوثُ في قُضبانه |
نحن في الفقه بالديار سَواءٌ | كلُّنا مشفِقٌ على أَوطانه |