دخلتُ النقشَ، إنَّ النقشَ غُرفَةْ |
فقدْ أصغيتُ، والإصغاءُ شُرفَةْ |
ولستُ مُتيَّماً بـ(الأرْكُلُوجْيا)! |
ولكنْ مُهجَتي بالطينِ كَلْفَةْ |
دخلتُ النقشَ عَمْدًا باحثًا عنْ |
أخي البَدْئيِّ لمْ أدخلْهُ صُدْفةْ! |
أحِنُّ إلى الهواءِ البِكْرِ |
أحتاجُ دهشتَهُ كما أحتاجُ خَوْفَهْ |
لأنَّ دمي يموجُ بلا رصيفٍ |
وُجُوديٍّ أُريدُ الآنَ رَصْفَهْ |
مِن التاريخِ أخرُجُ |
داخِلًا عالماً ذا هَدْأةٍ تغْشاهُ سدْفَةْ |
تحسَّسْتُ المكانَ بجِلدِ رُوحي |
لَثمْتُ جدارَهُ وشمَمْتُ سَقْفَهْ |
ظلامٌ..! بَيْدَ أنّي كنتُ أدْري |
بأنَّ هناكَ مَنْ أمسيتُ ضَيْفَهْ |
كأنَّ حفاوةً وكأنَّ ظلًّا |
بدائيًّا يُلوِّحُ لي بِسَعْفَةْ |
وعانقَهُ خيالُ الوعْيِ أمَّا |
أنا فعجَزْتُ أنْ أصطادَ طَيْفَهْ |
لِماذا لمْ يُكَلِّمْني؟ لماذا |
تأخَّرَ لمْ يُضِئْ لقِرَايَ كَهْفَهْ؟ |
وفِيمَ أُفولُهُ الشّبَحِيُّ عَنّي؟ |
أمَا بِكَ أيُّها الفِطْرِيُّ لهفَةْ؟ |
قدحْتُ هناكَ بـ(الصَّوَّانِ) قلبي |
فضِئْتُ! وكادَ قلبي أنْ يَشِفَّهْ! |
على وَجْدي عَبرتُ إليهِ حتّى |
أطَلَّتْ مِنْ وراءِ النهْرِ ضِفّةْ |
أراهُ! أراهُ ..! لا أحتاجُ عيني |
إذا ما لمْ يكُنْ في العينِ ذَرْفَةْ! |
أراهُ عاريًا مِنْ كُلِّ شيءٍ سِواهُ |
لابِسًا كالماءِ جَوْفَهْ! |
بدائِيٌّ؟ أجَلْ. لكِنْ نقِيٌّ |
نقاءَ البَدْءِ والأحلامُ صِرْفَةْ |
يداهُ مِجَسَّتانِ عليهِما قدْ |
أسالَ فُؤادَهُ وأذابَ طَرْفَهْ |
إذا ضربَ الحياةَ بِراحَتَيْهِ |
رقَصتُ! وصارَ قُرْصُ الشمْسِ دُفَّهْ! |
أمُدُّ لَهُ بمِزْمارِ الحنايا يدِي |
فيَصُبُّ في المزمارِ عَزْفَهْ! |
لأسمعَ في ذُهُولِ النايِ صوْتي! |
وأَرْشُفَ مِنْ حليبِ الخُلْدِ رَشْفَةْ |
وقامَ يَجُوسُ غابتَهُ، يُغَنِّي |
على مُهْرِ الصدى فَنَهَضْتُ خَلْفَهْ |
يَشُمُّ الزعفرانَ، ولستُ أدْري |
كأنَّ الزعفرانَ يَشُمُّ أنْفَهْ! |
لَدَيْهِ علاقةٌ بالأرضِ حُبْلى |
يَحُفُّ الكائِناتِ لِكَيْ تَحُفَّهْ |
ولمْ يقْطِفْ دمَ العُنقودِ، لكِنْ |
أتاحَ لخمرةِ العُنقودِ قَطْفَهْ! |
فراشَتُهُ الطبيعَةُ يَرْتَدِيها |
فتشربُ رَوْعَهُ وتَمَصُّ عُنْفَهْ! |
وكانَ ولمْ يَزَلْ ظَنِّي |
بأنَّ الحياءَ صِناعَةٌ، والحُبَّ حِرْفَةْ؛ |
إلى أنْ جاعَ (بَدْئِيِّي)، إلى أنْ |
بَدَا ضعْفي لهُ ورأيتُ ضَعْفَهْ؛ |
فلمّا جاعَ لمْ يَنحَرْ خَيَالي |
فيا للهِ مِنْ جُوعٍ مُرَفَّهْ! |
وعُدْنا في المساءِ يجُرُّ نِصْفي |
على كَتِفِ الأنا وأجُرُّ نِصْفَهْ |
صَبَابَتُنا غَرابَتُنا لأنَّا |
نزيدُ تغرُّبًا .. فنزيدُ أُلْفَةْ! |
كأنِّي والبدائيَّ الذي فِيَّ إنْسانانِ: |
مِنْ ثِقْلٍ وخِفَّةْ |
تمازَجْنا.. ولكنّي ترسَّبْتُ أسْفَلَهُ |
فمَدَّ إلَيَّ كَفَّهْ! |
وأسنَدَني إلى المِخْيالِ حتّى |
يُدَوِّنَني على الأحجارِ تُحْفَةْ! |
وصرتُ أنا الذي في النقْشِ |
وَهْوَ الذي يُصْغِي |
كأنَّ النَّقشَ شُرْفَةْ! |