أَلاَ مَنْ لِصَبٍّ عَازِبِ النَّوْم سَاهِدِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَلاَ مَنْ لِصَبٍّ عَازِبِ النَّوْم سَاهِدِ | ومن لمحب مثبتٍ للعوائد |
وَقَالُوا: بِهِ دَاءٌ أصَابَ فُؤَادَهُ | مِنَ الْجِنِّ أوْ سِحْرٌ بِأيْدِي الْمَوَارِدِ |
وما ذاك إلا حب خودٍ تعرضت | لتقتلني بالمنظر المتباعد |
فَأدْرَكَ مَجْلُودِي جَوى الْحُبِّ كَاعِبٌ | كشمس الضحى في الفائقات الخرائد |
كَأنَّ الْعَذَارَى حِينَ قَوَّمْنَ حَوْلَهَا | قلائد بدلهن أم القلائد |
فسارقت أصحابي المكبين نظرة ً | إلى غادة لم تستتر بالولائد |
غَدَاة َ مَشَتْ فِيهِنَّ رُودٌ لِجَارَة ٍ | يَمِيلُ بِهَا غُصْنُ الْهَوَى الْمُتَزَائِدِ |
مَشَتْ قَابَ قَوْسٍ دُونَهَا ثُمَّ ألْقِيَتْ | إِلَى الأَرْضِ مِنْ جَهْدِ الْخُطَى كَالْمعَانِدِ |
فَوَطَّأنَ مَمْشَاهَا بِمَا لَوْ كَسَبْنَهُ | كفاهن من زبن الخروج الحواشد |
وَخِفْنَ الضِّحَى مِنْ نَوْمِهِنَّ عَلَى الضُّحَا | فأقبلن إقبال الغصون الموائد |
يُفَدِّينَهَا طَوْراً وَطَوْرَاً يَلُمْنَهَا | عَوَاكِفَ حَتَّى جَاوَزَتْ غَيْرَ باعِدِ |
فَلَمَّا اشْتَكَتْ حَرَّ السَّمُومِ وَأهْلَهَا | قريب وملت مشيها في المجاسد |
ضربن عليها الستر ثم سترنها | بأخضر من خز عتيق العضائد |
مِن الشَّمْسِ والرَّائِين والرِّيحِ والسَّفا | كما سُتِر الضَّوْءُ الَّذِي فِي الْمساجِدِ |
مخافة َ أنْ تُعْدَى بِشْيءٍ يُرِيبُها | فطيمة ُ أو تغتالها عين حاسد |
أفاطِمُ إِنَّ النَّفْس تُخْفِي مِن الْهوى | جليلاً وتبدي مثله في المشاهد |
ولا صاحبٌ أشكو إليه فأشتفي | إذا ما شكى رأسي مكان الوسائد |
سوى راقدٍ لم يدر مابي ولو درى | لهان عليه مشهدي ومراقدي |
أعيرت نفساً لم تمت ببقائها | وما ذنبُ معدودٍ له الموت وارد |
كفى منك أني في الجميع إذا بدوا | أظَلُّ كَمْلُقى رَأسُهُ غَيْرِ جَاهِدِ |
مكباً بعيني الأماني منكمو | أماني لا تجدي كأحلام راقد |
وإني أقاسي من جهادك خالياً | عياء فأنى لي بأجر المجاهد |
كأني بوسواس الهوى من حديثكم | أخو جِنَّة ٍ في الْمُقْفَلاتِ الْحدائِدِ |
فأنت الهوى شطت بك الدار أو دنت | وإِنْ رغِمَتْ مِنْهُ أنُوفُ الْحَوَاسِدِ |
فكوني كما كنا لكم نقض حاجة ً | ولا تسمعي قول العدو المكايد |
لقد زادني وجداً لكم وصبابة ً | إشارة أقوام أكف السواعد |
إلى من صبا هذا ومن يصب يتهم | مَقَالَة َ أدْنَاهُ وَنَهْيَ الأَبَاعِدِ |
وَحَسْبُ الْفَتَى مِمَّنْ يُكَابِدُ هَمَّهُ | إذا كان من يهوى كذوب المواعد |
تشكى الذي في نفسها من مودتي | وقد زعمت أني بها غير واجد |
وَلَكِنَّنِي أَخْشَى عُيُوناً وَأتَّقِي | بواسط من جارٍ غيورٍ ووالد |
شَكَتْ طُولَ هِجْرَانِي عَشِيَّة َ زُرْتُهَا | وما وجدت وجدي بها أم واحد |
وأقسم لو قيس الذي بي من الهوى | لقد عرفت فضلاً لحران جاهد |
منعت قيادي غيرها حين رامني | وَذَلَّتْ بِمَا تَهْوَى إِلَيْهَا مَقَاوِدِي |
إِذَا أُنْشِدَتْ بِالشِّعْرِ عِنْدِي قَصِيدَة ٌ | طربت ولم تطرب لها أم خالد |
يخامرني مما أقول بحبها | جوى مثل سحر البابلي المعاود |
كَأنِّي أكِيدُ النَّفْسَ مِنِّي بِكَيْدِهَا | فَتُغْفِي وَأحْيِي لَيْلَتِي جدَّ سَاهِدِ |
فإني وتحبيري القوافي فأصبحت | علي رقى معقودة في القصائد |
كمستحرشٍ من عقرب دببت له | جُيُوشُ الأَعَادِي أوْ جُنُودُ الأَسَاوِدِ |
فأصبح من هذي وهاتيك قبلها | نَسِيمُ الْمَنَايَا بَارِقاً بَعْدَ رَاعِدِ |
كَذَلِكَ مِنْ شِعْرِي جَنَيْتُ الَّذِي جنتْ | فليت الذي كايدته لمكايدِ |