على ذاكرة السكين
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
صُبّي جِرَارَ الوقْتِ وَارتَشِفِيني | وَهَجَاً عَلى النّسْرينِ وَاعْتنِقِيني |
وَتَصَوّفِي ثَغْرِي بِنَهْرِ مَشِيْئَةٍ | وَتَبَتّلِي للْمَاءِ وَاغْتَسِليني |
صَوْتَاً مِنَ الإصْغَاءِ يَغْسِلُ ظِنّهُ | بالرّيْحِ فِي صَمْتِ الهَوَى المَجْنُون |
وَتَشَبَثيني هَمْسَةً مُسْتَاءَةً | عَنْ نَاكِرَاتِ الحُبّ وَابْتذِلِينِي |
نَفَسَاً مِنْ الغَيْمِ الذّبِيْحِ يَؤُمُنِي | بَيْنَ الزّجَاجِ وَرَقْصَةِ السّكِين |
لاْ تَنْبُشِي صَدْرَ الزّمَانِ بمُعْوَلِي | فَمَكَانِسِي شُيْءٌ مِنَ التّخْمِين |
وَمَعَابِرُ المُلْحِ المُسَالَةِ بَيْنَنَا | وَرَقُ الهَدِيْرِ بجَوْقَةِ التِنّيْنِ |
فَاْسْتَغْرقِي فِيْ الخَفْقِ يَخْبُو جُرْحُنَا | عِنْ شَهْوَةِ الغَلَيَانِ والتَدْخِيْنِ |
لاْ تَرْتَخِي في العِشْقِ إنّ رِمَالَه | مُنْذُ ابْتِكَارِيَ لَمْ تَعُدْ تُشْجِيني |
فَحَدائِقُ الأرْوَاحِ فِي نَافُورَتي | غَسَلَتْ بَنَكْهَتِهَا فُتَاتَ سِنِيني |
هَاكِ اْمسَحِي اللّيْلَ المُعَاقَ بَدَفْتَريْ | وَلْتَغْرقِيهِ بَيَقْظَةٍ مِنْ حِيْنِي |
وَتَوَسَلِي للغُصْنِ يُوْرِقُ زَيْتَهُ | حِبْرَاً يَغُبّ مَرَارَةَ الزّيْتُونِ |
يَا نَخْلةَ الأَشْوَاقِ ضُمّيْ لِيْفَنَا | بنَيَازِكِ الآهَاتِ وَامْتَحِنِينِي |
وَتَصَفّحِي وَجْهَ السّمَاءِ برَعْشَتِي | وَتَعَلّقِي بالشّوْقِ وَابْتَكِريْنِي |
وَتَوَشّحيْ صُبْحِيْ الشّهِيَ مَوَزّعَاً | حُلْمَاً يَرُفّ عَلى ابْتِذَالِ سُكُونِي |
هَذي ابْتِهَالاتُ الغُصُونِ تَيَبّسَتْ | فَتَسَاقَطَتْ أَرَقَاً مَتَى يُطْلِيْنِي |
وَتَسَرَبَتْ حُرَقُ الجّلِيْدِ لِشَهَقَتِي | بلُهَاتِهَ الحَيْرَى عَدَا يُؤذِيْني |
ذَبَلَتْ مَوَاعِيْدُ الشّتَاءِ بِمُعْطَفِي | وَتَنَاسَلَتْ بَرْدَاً عَلَى تِشْرِيْنِي |
حَتّى إذَا هَرَبَتْ غُصُونُ مَلَامِحِي | فِيْ أَيّ حُلْمٍ أَنْتِ لَمْ يَأْتِيْنِي |
وَنَوَارِسُ الأيَامِ فِيْ أعْمَاقِنَا | عَطَشَا تَحُنّ لبَحْرِهَا المِسْكِينِ |
نَتَفَتْ شُجَونَ الرّيْحِ مِنْ جِنْحَانِهَا | زَغَبَا يَخَافُ ضَرَاوَةَ التَخْوِيْنِ |
فَتَكَدَسَتْ فَوْقَ الرّمَادِ يُصَبّهَا | خَوْفُ الغِنَاءِ بَلَحْنِهِ المَسْكُونِ |
وَتَوَزّعَتْ والمَوْجُ يَغْسُلُ مَوْتَهَ | فِي فِضّةِ النّسْيَانِ وَالتّكْفِينِ |
لَا تَشْتَهِي خَوْفِي فَبَحْرُ مَخَاوفِي | أَغْرَاهُ وَجْهِي فَاشْتَهَى يُغْرِيْني |
فَتَشَوَّهَتْ مُرْآتُهُ زَبَدَاً عَلَى | تَعَبِ الرّحِيْلِ فَلَمْ يَعُدْ يُعْنِينِي |
يَا رَشْفَةَ السُكْرِ المُعَتّقِ طَعْمَنَا | غَنّ جَرَاحَ النّايِ وَامْتَشِقِيْني |
جَرَسَاً مِنْ الآمَالِ فَوقَ مَدَائِنٍ | تُصْغِي لفُوْضَى العَزْفِ والتَلْحِيْن |
يَنْسَلُ من مَوْجِي الغَريْقِ بِطِيْنِهِ | كَتَسَلّلِ الرّعَشَاتِ مِن إسْفِينِي |
أَتَذَوّقُ الأضَوَاءَ فَتَحَ شَعُورِها | بِنَوَافِذِ العِشْقِ الذّي يُؤْويْنِي |
صُبّي كُؤوْسَ الفَجْرِ ثَغْرَ تَمَايُلٍ | أنّي أرِاكِ غِوَايةً فِي طِيْني |
وَتَذَوّقيْنِي ضُفّةً مَشْحُوْنَةً | بَلَذَائِذِ الرّشَفَاتِ وَاخْتَبِرِيْني |
فَلِمَا الوُقُوفُ عَلى اتْهِامِ مَتَاهَةٍ | خَذَلَتْ بَيَاضِي وَاتْلَفَتْ مَضْمُوْنِي |
رَمَقَي عَلى الأنْحَاءِ غَلّفَهُ اللّظَى | غَيْبُوْبَةً لمْ تَرْتَحِلْ مِن دُوني |
لتَرَشّ طَعْمَ الوّقْتِ نَهْرَ تَحَجّرٍ | للرّشْفَةِ العَذْرَاءِ حَيْنَ تَلِيْني |
تَدْعُو وللعِطْرِ الصَرَيْعِ تَرَاقُصٌ | عَلى احْتِفَالِ الوَرْدِ والنّسْرِين |
فَتَسَرَبْتني شَهْوَةً مَطْفِيّةً | قَدْ خَبّأتْني فِي تُرَابِ يَقَيْنِي |
تَمْشِي المَنَافِيُ وَالمَوَاطِنُ نَحْوَهَا | مَجْرُوْحَةً بَمَسَافَةِ التّهْوِيْن |
وَأَنَا اخْتِصَارَاتُ النّشِيْجِ تَفَصّلَتْ | كَالدّالِيَاتِ عَلى فَنَارِ رَنَيْنِي |
تَبْتَزّنِي للذُعْرِ كَوْخَ هَشَاشَةٍ | ثُقَبَتْ بَنَاقُوسِ اللّظَى المَحْزُونِ |
فَتَنَاسَلْتْنِي حَيْرَةً جُدْرَانُهَا | أَوَ هَكَذَا يَا شَمْسُ لَا تُدْنِيْنِي |
ليَبَيْعَنَي ظِلّيِ عَلى حَانَوتِهِ | خَشَبَاً يُمَوْسِقُ فِي فَضَا مَدْفُونِ |
مُذْ ضَجّ فِي كَفَنِي انْطِفَاءُ قَدَاسَتِي | وَعَلى عُيُونِي خَانَنَي تَكْوِيْني |
سَامَرْتُ أُغْنِيَةَ السَؤَالِ بنَوتَتَي | لِمْ يَا تُرَىْ كَالذّنْبِ تَقتَرفِيني |
يَا أنْتِ والوَتَرُ الشّهِي يَدُلّنِي | مَتَثَائِبَا بَيْنَ انْزِوَاءِ ظِنُونِي |
صُبّي رِعَافَ الذّاتِ خَمْرَ تِلاوَةِ | لَا تَسْتَحِي في الحُبّ والْتَحِفِيْنِي |
وَتَبَلّلي خَدّا رَقَيْقَاً يَحْتَفِي | بَالرَائِع المُنْسَابِ واعْتَكِفِيْني |
تَعَبَاً أَمُدّ إلىْ الهُرُوبِ طَرِيْقَهُ | بِحَقَائِبِ أَخْفَتْ خَلَاصَ جُفُونِي |
وَبِحَجْمِ عِطْرِ الوِدّ شِقّي رَوْعَنَا | حَجَرَا يُرُيْقُ الشّوْقَ نَبْعَ حَنِيْنِ |
لا تَرْكَنِي للنّايِ يَنْبُشُ جُوْعَنَا | بَيْنَ الغِيَابِ فَوَيْلَ مَن تَرَكُوني |
فَعَلى خبَايَايَ الكَسَيْرَةِ غُرْبَةٌ | ضَحَكَ المَسَاءُ لسِرّهَا المَفْتُون |
وَعَلَى جِرَارِ العِتْقِ يَنْتَحِرُ الضَنَى | فِي لِعْبَةِ الشُطْآنِ والتّلْوِيْن |
فَخُذُيْ سَمَائِي قَطْرَةً لِثُمَالَةٍ | وَرْدِيّةِ الأحْلَامِ وَامْتَهِنِيْنِي |
حُرّيَةً بِالعِشْقِ تَكْسُرُ وَخْزَهَا | رَغْمَ اشْتِهَاءِ القّيْدِ للمَسْجُونِ |
فَأَنَا مَصَابِيْحُ الضِفَافِ مَدَائِنِي | فَخُذِيْ ضِفَافِي وَاْعْتُقِي مَجْنُونِي |